الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5211 - وعن عائشة رضي الله عنها ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " الدنيا دار من لا دار له ، ومال من لا مال له ، ولها يجمع من لا عقل له " . رواه أحمد ، والبيهقي في ( شعب الإيمان ) .

التالي السابق


5211 - ( وعن عائشة عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال : " الدنيا دار من لا دار له " ) : قال الطيبي رحمه الله : لما كان القصد الأولى من الدار الإقامة مع عيش هنيء ، ودار الدنيا خالية عنها لا يستحق لذلك أن تسمى دارا ، فمن داره الدنيا فلا دار له . قال تعالى : وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون وقال صلى الله تعالى عليه وسلم : "

اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة

" . ( " ومال من لا مال له " ) : فإن المقصود من المال هو الإنفاق في المبرات والصرف في وجوه الخيرات ، فمن أتلفه في تحصيل الشهوات واستيفاء اللذات ، فحقيق بأن يقال : لا مال له . قال تعالى : وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ولذا قدم الظرف على عامله في قوله : ( " ولها " ) أي : للدنيا ( " يجمع " ) أي : المال ( " من لا عقل له " ) أي : عقلا كاملا ، أو عقل الدين دلالة على أن جمع الدار الآخرة للتزود وهو المحمود . قال تعالى : وتزودوا فإن خير الزاد التقوى قلت : ومجمل المعنى أن الدنيا لا تستحق أن تعد دارا إلا لمن لا دار له ، ولا مالا إلا لمن لا مال له ، والمقصود استحقارها وانحطامها عن أن تعد دارا أو مالا لمن كانت الآخرة له قرارا ومات . قال الراغب : كل اسم نوع يستعمل على وجهين . أحدهما : دلالة على المسمى وفصلا بينه وبين غيره ، والثاني : لوجود المعنى المختص به ، وذلك هو الذي يمدح به ، فكل شيء لم يوجد كاملا لما خلق له لم يستحق اسمه مطلقا ، بل قد ينفى عنه كقولهم : فلان ليس بإسناد أي : لا يوجد فيه المعنى الذي خلق لأجله . ( رواه أحمد ، والبيهقي في شعب الإيمان ) : ورواه البيهقي أيضا في الشعب عن ابن مسعود موقوفا .

[ ص: 3263 ]



الخدمات العلمية