الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
505 - وعن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه ، قال : نهى رسول الله عن لبس جلود السباع ، والركوب عليها ، رواه أبو داود ، والنسائي .

التالي السابق


505 - ( وعن المقدام بن معد يكرب ) : كندي ، وهو أحد الوفد الذين وفدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من كندة ، ويعد من أهل الشام ، وحديثه فيهم ، قاله الطيبي ، ومر ذكره أيضا ( قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس جلود السباع ) بضم اللام ، فإنه مصدر لبس يلبس كعلم يعلم بخلاف فتح اللام ، فإنه مصدر لبس يلبس كضرب يضرب . بمعنى خلط ( والركوب ) : أي : وعن القعود ( عليها ) .

قال المظهر : هذا النهي يحتمل أن يكون نهي تحريم ; لأن استعمالها إما قبل الدباغ فلا يجوز ; لأنها نجسة ، وإما بعده ، فإن كان عليه الشعر فهي أيضا نجسة ; لأن الشعر لا يطهر بالدباغ ; لأن الدباغ لا يغير الشعر عن حاله ، ويحتمل أن يكون نهي تنزيه إذا قلنا : إن الشعر يطهر بالدباغ كما في الوسيط ، فإن لبس جلود السباع والركوب عليها من دأب الجبابرة وعمل المترفين ، فلا يليق بأهل الصلاح ، نقله الطيبي ، وزاد ابن الملك وقال : إن فيه تكبرا وزينة .

قال الزركشي : وعلى هذا يحرم فرو السنجاب ونحوه من الوبر ، فإن حيوانها لا يذكى ، بل يخنق كما أخبرنا الثقات ، وبتقدير الذبح فصائدها ليس من أهل الذكاة ، وناقشه ابن حجر بأن أخبار الثقات وكون الصائد من غير أهلها إنما يعول عليه إن كان في شيء منها بعينه بأن يخبر ثقة أن هذا لم يذبح أو صائده غير أهل ، وأما ذكر الثقات ذلك عن جنس الحيوان فإنه لا يفيد نظيره ما اشتهر من الجوخ من أنه يخمر بشحم الخنزير ، ولم يعول الأئمة بذلك ، بل قالوا بطهارته عملا بالأصل ، هكذا هنا . والأوجه أن تجنبها إنما هو احتياط لا واجب اهـ .

وفى تنظيره نظر ; إذ الأول يخبر الثقات أن هذا الجنس بجميع أفراده كذا ، والثاني باشتهار العامة من غير تقييد بالثقات ، ومن غير إفادة الحصر ، فإنه يحتمل الصدق حينئذ ، ويحتمل عدم دخول هذا الخاص في ضمن هذا العام ، مع أن صيغة يخمر تفيد التقليل . ( رواه أبو داود ) : وفي إسناده بقية ، وفيه مقال ، نقله السيد عن التخريج ، فقول ابن حجر : " سنده حسن بل صحيح " غير صحيح . ( والنسائي ) .




الخدمات العلمية