الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
835 [ ص: 79 ] حديث ثان لجعفر بن محمد مسند مالك عن nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر بن محمد عن أبيه ، عن جابر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول حين خرج من المسجد ، وهو يريد الصفا ، وهو يقول : نبدأ بما بدأ الله به فبدأ بالصفا .
قال أبو عمر : في هذا الحديث أن nindex.php?page=treesubj&link=3584الخروج إلى الصفا من المسجد ; لأن الحاج أو المعتمر إذا دخل أحدهما مكة أول شيء يبدأ به إذا لم يكن الحاج مراهقا يخشى فوت الوقوف بعرفة أول ما يبدأ به الطواف بالبيت ، يبدأ بالحجر فيستلمه ، ثم يطوف منه بالبيت سبعا ، فإذا طاف به سبعا صلى في المسجد عند المقام ، أو حيث أمكنه ركعتين بأثر أسبوعه يخرج من باب الصفا إن شاء إلى الصفا فيرقى عليها ، ثم يبتدئ السعي منها بين الصفا والمروة ، لا بد من ذلك ، وهذا كله منصوص في حديث جابر عن النبي صلى الله عليه ، وبعض الناس أحسن سياقة له من بعض . حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15829خلف بن قاسم حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن يزيد الحلبي القاضي قال : حدثنا محمد بن معاذ بن المستهل بن أبي جامع البصري يعرف بدران حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15020عبد الله بن مسلمة حدثنا مالك عن nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر بن محمد عن أبيه ، عن جابر أن النبي صلى الله عليه طاف بالبيت فرمل من الحجر الأسود حتى انتهى إليه ثلاثا ومشى أربعة ، ثم صلى ركعتين ، فقرأ فيهما ب " قل يا أيها الكافرون " و " قل هو الله أحد " ، ثم خرج يريد الصفا والمروة ، فقال : نبدأ بما بدأ الله به فبدأ بالصفا ، فرقي ثلاثا ، وأهل [ ص: 80 ] واحدة ، ثم هبط ، فلما انصبت قدماه سعى حتى ظهر من طريق المسيل ، وفي هذا الحديث دليل على أن النسق بالواو جائز أن يقال فيه قبل وبعد ; لقوله صلى الله عليه : نبدأ بما بدأ الله به فقد أخبر أن الله بدأ بذكر الصفا قبل المروة وعطف المروة عليها ، إنما كان بالواو ، وإذا كان الابتداء بالصفا قبل المروة سنة مسنونة وعملا واجبا ، فكذلك كل ما رتبه الله ونسق بعضه على بعض بالواو في كتابه من آية الوضوء . وهذا موضع اختلف فيه العلماء وأهل الأمصار وأهل العربية ، فمذهب مالك في أكثر الروايات عنه وأشهرها أن الواو لا توجب التعقيب ، ولا تعطي رتبة ، وبذلك قال أصحابه ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وأصحابه nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي والليث بن سعد المزني صاحب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وداود بن علي قالوا فيمن غسل ذراعيه ، أو رجليه قبل أن يغسل وجهه ، أو nindex.php?page=treesubj&link=60قدم غسل رجليه قبل غسل يديه ، أو مسح برأسه قبل غسل وجهه - أن ذلك يجزئه ، إلا أن مالكا يستحب لمن nindex.php?page=treesubj&link=60نكس وضوءه ولم يصل - أن يستأنف الوضوء على نسق الآية ، ثم يستأنف صلاته ، فإن صلى لم يأمره بإعادة الصلاة ، لكنه يستحب له استئناف الوضوء على النسق لما يستقبل ، ولا يرى ذلك واجبا عليه ، هذا هو تحصيل مذهب مالك . وقد روى علي بن زياد عن مالك قال : nindex.php?page=treesubj&link=60من غسل ذراعيه ، ثم وجهه ، ثم ذكر مكانه أعاد غسل ذراعيه ، وإن لم يذكر حتى صلى أعاد الوضوء والصلاة ، قال علي ثم قال بعد ذلك : لا يعيد الصلاة ويعيد الوضوء لما يستقبل ، وذكر أبو مصعب عن مالك وأهل المدينة أن من قدم في الوضوء يديه على وجهه ، ولم يتوضأ على ترتيب الآية فعليه الإعادة لما صلى بذلك الوضوء . وكل من ذكرناه من العلماء مع مالك يستحب أن يكون الوضوء نسقا ، والحجة لمالك ومن ذكرنا من العلماء أن nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه وسائر البصريين من النحويين ، قالوا في قول الرجل : أعط زيدا وعمرا دينارا : إن ذلك إنما يوجب الجمع بينهما في العطاء ولا يوجب تقدمة [ ص: 81 ] زيد على عمرو ، فكذلك قول الله عز وجل nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ، إنما يوجب ذلك الجمع بين الأعضاء المذكورة في الغسل ، ولا يوجب النسق ، وقد قال الله عز وجل : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196وأتموا الحج والعمرة لله فبدأ بالحج قبل العمرة ، nindex.php?page=treesubj&link=3950_3945_26614وجائز عند الجميع أن يعتمر الرجل قبل أن يحج ، وكذلك قوله nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=43وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة جائز لمن وجب عليه إخراج زكاة ماله في حين وقت صلاة أن يبدأ بإخراج الزكاة ، ثم يصلي الصلاة في وقتها عند الجميع ، وكذلك قوله nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=92فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله لا يختلف العلماء أنه جائز لمن وجب عليه في قتل الخطأ إخراج الدية وتحرير الرقبة ويسلمها قبل أن يحرر الرقبة ، وهذا كله منسوق بالواو ، ومثله كثير في القرآن ، فدل على أن الواو لا توجب رتبة . وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب nindex.php?page=showalam&ids=10وعبد الله بن مسعود أنهما قالا : ما أبالي بأي أعضائي بدأت في الوضوء إذا أتممت وضوئي . وهم أهل اللسان فلم يبق لهم من الآية ، إلا معنى الجمع ، لا معنى الترتيب ، وقد أجمعوا أن nindex.php?page=treesubj&link=279غسل الأعضاء كلها مأمور في غسل الجنابة ، ولا ترتيب في ذلك عند الجميع ، فكذلك غسل أعضاء الوضوء ; لأن المعنى في ذلك الغسل ، لا التبدية ، وقد قال الله عز وجل : nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=43يامريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين ، ومعلوم أن السجود بعد الركوع ، وإنما أراد الجمع ، لا الرتبة . هذا جملة ما احتج به من احتج للقائلين بما ذكرنا . وأما الذين ذهبوا إلى إبطال وضوء من لم يأت بالوضوء على ترتيب الآية ، وإبطال صلاته إن صلى بذلك الوضوء المنكوس منهم nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وسائر أصحابه والقائلين بقوله ، إلا nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني . ومنهم nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل وأبو عبيد [ ص: 82 ] nindex.php?page=showalam&ids=12074القاسم بن سلام وإسحاق بن ثور وإليه ذهب أبو مصعب صاحب مالك ذكره في مختصره ، وحكاه عن أهل المدينة ومالك معهم ، فمن الحجة لهم أن الواو توجب الرتبة والجمع جميعا وحكى ذلك بعض أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في كتاب الأصول له ، عن نحويي الكوفة nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء وهشام بن معاوية أنهم قالوا في واو العطف : إنها توجب الجمع وتدل على تقدمة المقدم في قولهم : أعط زيدا وعمرا ، قالوا : وذلك زيادة في فائدة الخطاب مع الجمع ، قالوا : ولو كانت الواو توجب الرتبة أحيانا ، ولا توجبها أحيانا ، ولم يكن بد من بيان مراد الله عز وجل في الآية على ما زعم مخالفونا لكان في بيان رسول الله صلى الله عليه لذلك بفعله ما يوجبه ; لأنه مذ بعثه الله إلى أن مات لم يتوضأ إلا على الترتيب ، فصار ذلك فرضا ; لأنه بيان لمراد الله عز وجل فيما احتمل التأويل من الوضوء كتبيينه عدد الصلوات ومقدار الزكوات وغير ذلك من بيانه للفرائض المجملات التي لم يختلف أنها مفروضات ، فمن nindex.php?page=treesubj&link=79توضأ على غير ما كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجزه بدليل قوله صلى الله عليه : كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد وبدليل قوله أيضا ، وقد توضأ على الترتيب : هذا وضوء لا يقبل الله صلاة إلا به قالوا : وأما الحديث عن علي nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود فغير صحيح عنهما ; لأن حديث علي انفرد به عبد الله بن عمرو [ ص: 83 ] بن هند الجملي ولم يسمع من علي . والمنقطع من الحديث لا تجب به حجة . قالوا : وكذلك حديث nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود أشد انقطاعا ; لأنه لا يوجد إلا من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ومجاهد لم يسمع من nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ولا رآه ، ولا أدركه ، وهو أيضا حديث مختلف فيه ; لأن nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق nindex.php?page=showalam&ids=13853ومحمد بن بكر البرساني روياه عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن سليمان الأحول عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود قال : ما أبالي بأيهما بدأت باليمنى ، أو باليسرى . ورواه nindex.php?page=showalam&ids=15730حفص بن غياث عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن nindex.php?page=showalam&ids=16047سليمان بن موسى عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد قال : قال nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود : لا بأس أن تبدأ بيديك قبل رجليك ، قالوا : nindex.php?page=showalam&ids=16360وعبد الرزاق أثبت في nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج من nindex.php?page=showalam&ids=15730حفص بن غياث وقد تابعه nindex.php?page=showalam&ids=13853البرساني وليس في روايتهما ما يوجب تقديما ، ولا تأخيرا ; لأن اليمنى واليسرى لا تنازع بين المسلمين في تقديم إحداهما على الأخرى ; لأنه ليس فيهما نسق بواو ، وقد جمعهما الله بقوله : وأيديكم ، وهذا لم يختلف فيه فيحتاج إليه ، قالوا : وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب أنه قال : أنتم تقرءون الوصية قبل الدين nindex.php?page=treesubj&link=25337_27374وقضى رسول الله بالدين قبل الوصية ، وهو مشهور ثابت عن علي رضي الله عنه ، قالوا : فهذا علي قد أوجبت عنده " أو " التي هي في أكثر أحوالها بمعنى الواو - القبل والبعد ، فالواو عنده أحرى بهذا وأولى ، لا محالة ; لأن الواو أقوى عملا في العطف من " أو " عند الجميع ، ومن الحجة لهم أيضا ما أخبرنا به nindex.php?page=showalam&ids=16502عبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا أحمد بن [ ص: 84 ] دحيم حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12369إبراهيم بن حماد قال : حدثنا عمي nindex.php?page=showalam&ids=12425إسماعيل بن إسحاق القاضي قال : حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب ، قال : أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=14794عطاف بن خالد قال : أخبرني إبراهيم بن مسلم بن أبي حرة عن nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس قال : ما ندمت على شيء لم أكن علمت به ما ندمت على المشي إلى بيت الله أن لا أكون مشيت ; لأني سمعت الله عز وجل ، يقول حين ذكر إبراهيم وأمره أن ينادي في الناس بالحج ، قال : يأتوك رجالا فبدأ بالرجال قبل الركبان ، فهذا nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قد صرح بأن الواو توجب عنده القبل والبعد والترتيب . وأخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=15829خلف بن القاسم قال : أخبرنا عبد الله بن جعفر بن الورد قال : حدثنا أحمد بن محمد بن سلام قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12475أبو بكر بن أبي العوام قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا أيوب بن ابن مدرك عن أبي عبيدة عن nindex.php?page=showalam&ids=16735عون بن عبد الله في قوله عز وجل ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ، قال : ضج والله القوم من الصغار قبل الكبار ، فهذا أيضا مثل ما تقدم عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس سواء ، قالوا : وليس الصلاة والزكاة في التقدمة في معنى هذا الباب في شيء ; لأنهما فرضان مختلفان : أحدهما في مال ، والثاني في بدن ، وقد يجب الواحد على من لا يجب عليه الآخر ، وكذلك الدية والرقبة شيئان ، لا يحتاج فيهما إلى الرتبة . وأما الطهارة ففرض واحد مرتبط بعضه ببعض كالركوع والسجود وكالصفا والمروة اللذين أمرنا بالترتيب فيهما ، قالوا : والفرق بين جمع زيد وعمرو في العطاء وبين [ ص: 85 ] أعضاء الوضوء ; لأنه لا يمكن أن يجمع بين عمرو وزيد معا في عطية واحدة ، وذلك غير متمكن في أعضاء الوضوء ، إلا على الرتبة ، فالواجب أن لا يقدم بعضها على بعض ; لأن رسول الله لم يفعل ذلك منذ افتراض الله عليه الوضوء إلى أن توفي صلى الله عليه ، ولو كان ذلك جائزا لفعله صلى الله عليه ، ولو مرة واحدة ; لأنه كان إذا خير في أمرين أخذ أيسرهما ، فلما لم يفعل ذلك علمنا أن الرتبة في الوضوء كالركوع والسجود ، nindex.php?page=treesubj&link=1543ولا يجوز أن يقدم السجود على الركوع بإجماع . واحتجوا أيضا بأن الواو في آية الوضوء في الأعضاء كلها معطوفة على الفاء في قوله nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6فاغسلوا وجوهكم الآية ، قالوا : وما كان معطوفا على الفاء فحكمه حكم الفاء ، بواو كان معطوفا ، أو بغير واو ; لأن أصله العطف على الفاء ، وحكمها إيجاب الرتبة والعجلة ، قالوا : وحروف العطف كلها قد أجمعوا أنها توجب الرتبة ، إلا الواو فإنهم قد اختلفوا فيها ، فالواجب أن يكون حكمها حكم أخواتها من حروف العطف في إيجاب الترتيب . وأما قول الله عز وجل nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=43يامريم اقنتي لربك واسجدي واركعي فجائز أن يكون عبادتها في شريعتها الركوع بعد السجود ، فإن صح أن ذلك ليس كذلك فالوجه فيه أن الله عز وجل أمرها أولا بالقنوت ، وهو الطاعة ، ثم السجود وهي الصلاة بعينها كما قال : وأدبار السجود ؛ أي أدبار الصلوات واركعي مع الراكعين أي اشكري مع الشاكرين . ومنه قول الله تعالى فخر راكعا أي سجد شكرا لله ، وكذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وغيره : هي سجدة شكر ، واحتجوا أيضا بقول الله عز وجل nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=77اركعوا واسجدوا مع إجماع المسلمين أنه لا يجوز لأحد أن يسجد قبل أن يركع ، قالوا : فهذه الواو قد أوجبت الرتبة في هذا الموضع من غير خلاف . واحتجوا أيضا بقول الله عز وجل nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158إن الصفا والمروة من شعائر الله مع قول رسول الله [ ص: 86 ] نبدأ بما بدأ الله به ، ورجحوا قولهم بأن nindex.php?page=treesubj&link=1543الاحتياط في الصلوات واجب ، وهو ما قالوه ; لأن من صلى بعد أن توضأ على النسق كانت صلاته تامة بإجماع ، قالوا : ومن الدليل على ثبوت الترتيب في الوضوء دخول المسح بين الغسل ; لأنه لو قدم ذكر الرجلين وأخر مسح الرأس لما فهم المراد من تقديم المسح ، فأدخل المسح بين الغسلين ليعلم أنه مقدم عليه ليثبت ترتيب الرأس قبل الرجلين ، ولولا ذلك لقال : فاغسلوا وجوهكم وأيديكم وأرجلكم وامسحوا برءوسكم ، ولما احتاج أن يأتي بلفظ ملتبس محتمل للتأويل لولا فائدة الترتيب في ذلك ، ألا ترى أن تقديم ذكر الرأس ليس على من جعل الرجلين ممسوحتين فلفائدة وجوب الترتيب وردت الآية بالتقديم والتأخير ، والله أعلم ، هذا جملة ما احتج به الشافعيون في هذه المسألة . قال أبو عمر : أما ما ادعوه عن العرب ونسبوه إلى الفراء nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي وهشام فليس بمشهور عنهم ، والذي عليه جماعة أهل العربية أن الواو إنما توجب التسوية . وأما ما ذكروه من آية الوصية والدين ، فلا معنى له ; لأن nindex.php?page=treesubj&link=25337_27374المال إذا كان مأمونا وبذر الورثة فنفذوا الوصية قبل أداء الدين ، ثم أدوا الدين بعد من مال الميت - لم تجب عليهم إعادة الوصية ، ولو نفذوا الوصية ، ولم يكن في المال ما يؤدى منه الدين وكانوا قد علموا به ضمنوا ; لأنهم قد تعدوا ، وكذلك قوله : اركعوا واسجدوا ولسنا ننكر - إذا صحب الواو بيان يدل على التقدمة - أن ذلك كذلك لموضع البيان ، وإنما قلنا إن حق الواو في اللغة التسوية لا غير حتى يأتي إجماع يدل على غير ذلك ويبين المراد فيه ، والإجماع في آية الوضوء معدوم ، بل أكثر أهل العلم على خلاف nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في ذلك مع ما روي في ذلك عن علي nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود . وأما ما ادعوه من أن فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في الآية بيان كبيانه [ ص: 87 ] ركعات الصلوات فخطأ ; لأن الصلوات فرضها مجمل ، لا سبيل إلى الوصول لمراد الله منها إلا بالبيان ، فصار البيان فيها فرضا بإجماع ، وليس آية الوضوء كذلك لأنا لو تركنا وظاهرها كان الظاهر يغنينا عن غيره ; لأنها محكمة مستغنية عن بيان . فلم يكن فعله فيها صلى الله عليه وسلم إلا على الاستحباب ، وعلى الأفضل كما كان يبدأ بيمينه قبل يساره ، وكان يحب التيامن في أمره كله ، وليس ذلك بفرض عند الجميع . وأما ما احتجوا به من قول الله عز وجل nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158إن الصفا والمروة من شعائر الله مع قول رسول الله نبدأ بما بدأ الله به ، فلا حجة فيه ; لأنا كذلك نقول : نبدأ بما بدأ الله به ، هذا الذي هو أولى ولسنا نختلف في ذلك ، وإنما الخلاف بيننا وبينهم فيمن لم يبدأ بما بدأ الله به ، هل يفسد عمله في ذلك أم لا ؟ ، وقد أريناهم أنه لا يفسد بالدلائل التي ذكرنا ، على أن قوله صلى الله عليه وسلم نبدأ بما بدأ الله به ظاهره أنه سنة ، والله أعلم . ; لأن فعله ليس بفرض ، إلا أن يصحبه دليل يدخله في حيز الفروض ، ولو كان فرضا لقال : ابدءوا بما بدأ الله ، يأمرهم بذلك . ولفظ الأمر في هذا الحديث لا يؤخذ من رواية من يحتج به ، وهذا الإدخال والاحتجاج مذهب أصحابنا المالكيين ; لأنهم يذهبون إلى أن nindex.php?page=treesubj&link=21403_21405أفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم على الوجوب أبدا حتى يقوم الدليل على أنها أريد بها الندب ، وهذه المسألة خارجة على مذهبهم عن أصلهم هذا ، وقد ينفصل من هذا بما يطول ذكره ، وقد يحتمل أن يحتج بقوله صلى الله عليه وسلم نبدأ بما بدأ الله به على أن الواو لا توجب الترتيب ; لأنها لو كانت توجب الترتيب لم يحتج رسول الله أن يقول لهم : نبدأ بما بدأ الله به ; لأنهم أهل اللسان الذي نزل القرآن به ، فلو كان مفهوما في فحوى الخطاب أن الواو توجب القبل والبعد ما احتاج [ ص: 88 ] رسول الله - والله أعلم - أن يبين لهم ذلك ، وإنما بين لهم ذلك ; لأن المراد كان من السعي بين الصفا والمروة أن يبدأ فيه بالصفا ، ولم يكن ذلك بينا في الخطاب فبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد اختلف الفقهاء فيمن nindex.php?page=treesubj&link=3588نكس السعي بين الصفا والمروة فبدأ بالمروة قبل الصفا ، فقال منهم قائلون : لا يجزئه وعليه أن يلغي ابتداءه بالمروة ويبني على سعيه من الصفا ويختم بالمروة ، منهم مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة ومن قال بقولهم . وقال بعض العراقيين : يجزئه ذلك ، وإنما الابتداء عندهم بالصفا استحباب ، وقد اختلف عن عطاء فروي عنه أنه يلغي الشوط ، وهو الذي عليه العمل عند الفقهاء . وروي عنه أنه من جهل ذلك أجزأ عنه ، والحجة لمالك ومن قال بقوله - ما قدمنا ذكره . وأما ترجيحهم بالاحتياط في الصلاة فأصل غير مطرد عند الجميع ، ألا ترى أن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي لم ير ذلك حجة في اختلاف نية المأموم والإمام ، وفي الجمعة خلف العبد ، وفي nindex.php?page=treesubj&link=463_26972_26973الوضوء بما حل فيه النجاسة إذا كان فوق القلتين ولم يتغير ، وهذا كله الاحتياط فيه غير قوله ، ولم ير للاحتياط معنى إذ قام له الدليل على صحة ما ذهب إليه ، فكذلك لا معنى لما ذكروه من الاحتياط مع ظاهر قول الله عز وجل والمشهور من لسان العرب . وأما قولهم من فعل فعلنا كان مصليا بإجماع ، فهذا أيضا أصل لا يراعيه أحد من الفقهاء مع قيام الدليل على ما ذهب إليه . وأما قولهم إن وجوب الترتيب أوجب التقديم والتأخير في آية الوضوء فظن ، والظن لا يغني من الحق شيئا ، والتقديم والتأخير في القرآن كثير ، وهو معروف في لسان العرب متكرر في كتاب الله ، فليس في قولهم ذلك شيء يلزم ، والله أعلم . أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن [ ص: 89 ] قال : أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=15386أحمد بن سلمان النجاد ببغداد ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16408عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13748محمد بن عبد الله الأنصاري قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16732عوف بن أبي جميلة الأعرابي قال : حدثني عبد الله بن عمرو بن هند الجملي أن عليا قال : nindex.php?page=treesubj&link=60ما أبالي بأي أعضائي بدأت إذا أتممت وضوئي ، قال : عوف ولم يسمع من علي وذكر nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن عطاء قال : أحب إلي أن يبدأ بالأول فالأول : المضمضة ، ثم الاستنشاق ، ثم الوجه ، ثم اليدين ، ثم المسح على الرأس ، ثم الرجلين ، قال : فإن قدم شيئا على شيء ، فلا حرج ، وهو يكرهه . قال أبو عمر : قول مالك في مثل قول عطاء سواء . وأما على قول من لم ير بتنكيس السعي وتنكيس الطواف بأسا فالحجة عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بدأ بالصفا وختم بالمروة في السعي وطاف بالبيت على رتبته ، ثم قال : خذوا عني مناسككم . والحج في الكتاب مجمل وبيانه له كبيانه لسائر المجملات من الصلوات والزكوات ، إلا أن يجمع على شيء من ذلك فيخرج بدليله ، وبالله التوفيق . [ ص: 90 ] ذكر nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري عن أبي الزبير عن جابر قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1010399دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه السكينة وأمرهم بالسكينة ، وأن يوضعوا في وادي محسر ، وأمرهم بمثل حصى الخذف . وقال : خذوا عني مناسككم ، لعلي لا أحج بعد عامي هذا
[ ص: 255 ] الطبقة الخامسة من التابعين جعفر بن محمد ( ع )
ابن علي بن الشهيد أبي عبد الله ، ريحانة النبي -صلى الله عليه وسلم- وسبطه ومحبوبه الحسين بن أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب بن عبد مناف بن شيبة ، وهو عبد المطلب بن هاشم ، واسمه عمرو بن عبد مناف بن قصي ، الإمام الصادق شيخ بني هاشم أبو عبد الله القرشي ، الهاشمي ، العلوي ، النبوي ، المدني ، أحد الأعلام .
وأمه هي أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر التيمي ، وأمها هي أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر ، ولهذا كان يقول : ولدني أبو بكر الصديق مرتين .
وكان يغضب من الرافضة ، ويمقتهم إذا علم أنهم يتعرضون لجده أبي بكر ظاهرا وباطنا . هذا لا ريب فيه ، ولكن الرافضة قوم جهلة ، قد هوى بهم الهوى في الهاوية فبعدا لهم ، ولد سنة ثمانين ورأى بعض الصحابة أحسبه رأى أنس بن مالك ، وسهل بن سعد .
حدث عن أبيه أبي جعفر الباقر وعبيد الله بن أبي رافع ، وعروة بن الزبير ، وعطاء بن أبي رباح وروايته عنه في مسلم . وجده القاسم بن محمد ، ونافع العمري ، ومحمد بن المنكدر ، والزهري ، ومسلم بن أبي مريم وغيرهم ، وليس هو بالمكثر إلا عن أبيه . وكانا من جلة علماء المدينة . [ ص: 256 ] حدث عنه ابنه موسى الكاظم ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، ويزيد بن عبد الله بن الهاد وهما أكبر منه ، وأبو حنيفة ، وأبان بن تغلب ، وابن جريج ، ومعاوية بن عمار الدهني ، وابن إسحاق في طائفة من أقرانه ، وسفيان ، وشعبة ، ومالك ، وإسماعيل بن جعفر ، ووهب بن خالد ، وحاتم بن إسماعيل ، وسليمان بن بلال ، وسفيان بن عيينة ، والحسن بن صالح ، والحسن بن عياش أخو أبي بكر ، وزهير بن محمد ، وجعفر بن غياث ، وزيد بن حسن الأنماطي ، وسعيد بن سفيان الأسلمي ، وعبد الله بن ميمون ، وعبد العزيز بن عمران الزهري ، وعبد العزيز الدراوردي ، وعبد الوهاب الثقفي ، وعثمان بن فرقد ، ومحمد بن ثابت البناني ، ومحمد بن ميمون الزعفراني ، ومسلم الزنجي ، ويحيى القطان ، وأبو عاصم النبيل ، وآخرون .
قال مصعب بن عبد الله : سمعت الدراوردي يقول : لم يرو مالك عن جعفر حتى ظهر أمر بني العباس .
قال مصعب : كان مالك يضمه إلى آخر . وقال علي عن يحيى بن سعيد ، قال : أملى علي جعفر بن محمد الحديث الطويل ، يعني في الحج ثم قال : وفي نفسي منه شيء مجالد أحب إلي منه .
قلت : هذه من زلقات يحيى القطان . بل أجمع أئمة هذا الشأن على أن جعفرا أوثق من مجالد . ولم يلتفتوا إلى قول يحيى . وقال إسحاق بن حكيم : قال يحيى القطان : جعفر ما كان كذوبا . وقال إسحاق ابن راهويه ، قلت للشافعي في [ ص: 257 ] مناظرة جرت : كيف جعفر بن محمد عندك ؟ قال : ثقة . وروى عباس عن يحيى بن معين : جعفر بن محمد ثقة مأمون . وروى أحمد بن زهير ، والدارمي ، وأحمد بن أبي مريم ، عن يحيى : ثقة . وزاد ابن أبي مريم عن يحيى : كنت لا أسأل يحيى بن سعيد عن حديثه . فقال : لم لا تسألني عن حديث جعفر ؟ قلت : لا أريده . فقال : إن كان يحفظ ، فحديث أبيه المسند ، يعني حديث جابر في الحج . ثم قال يحيى بن معين : وخرج حفص بن غياث إلى عبادان وهو موضع رباط ، فاجتمع إليه البصريون ، فقالوا : لا تحدثنا عن ثلاثة ; أشعث بن عبد الملك ، وعمرو بن عبيد ، وجعفر بن محمد . فقال : أما أشعث فهو لكم ، وأما عمرو فأنتم أعلم به ، وأما جعفر فلو كنتم بالكوفة لأخذتكم النعال المطرقة .
قال ابن أبي حاتم : سمعت أبا زرعة ، وسئل عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، وسهيل عن أبيه ، والعلاء عن أبيه ، أيها أصح ؟ قال : لا يقرن جعفر إلى هؤلاء . وسمعت أبا حاتم يقول : جعفر لا يسأل عن مثله .
قلت : جعفر ثقة صدوق . ما هو في الثبت كشعبة ، وهو أوثق من سهيل وابن إسحاق . وهو في وزن ابن أبي ذئب ونحوه . وغالب رواياته عن أبيه مراسيل .
قال أبو أحمد بن عدي : له حديث كثير عن أبيه ، عن جابر وعن آبائه ، ونسخ لأهل البيت . وقد حدث عنه الأئمة . وهو من ثقات الناس كما قال ابن معين . وعن عمرو بن أبي المقدام قال : كنت إذا نظرت إلى جعفر بن محمد علمت أنه من سلالة النبيين . قد رأيته واقفا عند الجمرة يقول : سلوني ، سلوني . وعن صالح بن أبي الأسود ، سمعت جعفر بن محمد يقول : سلوني قبل أن تفقدوني ، فإنه لا يحدثكم أحد بعدي بمثل حديثي . ابن عقدة الحافظ ، حدثنا جعفر بن محمد بن حسين بن حازم ، حدثني إبراهيم بن محمد الرماني أبو نجيح ، سمعت حسن بن زياد ، سمعت أبا حنيفة ، وسئل : من أفقه من رأيت ؟ قال : ما رأيت أحدا أفقه من جعفر بن محمد ، لما [ ص: 258 ] أقدمه المنصور الحيرة ، بعث إلي فقال : يا أبا حنيفة ، إن الناس قد فتنوا بجعفر بن محمد ، فهيئ له من مسائلك الصعاب . فهيأت له أربعين مسألة . ثم أتيت أبا جعفر ، وجعفر جالس عن يمينه ، فلما بصرت بهما ، دخلني لجعفر من الهيبة ما لا يدخلني لأبي جعفر ، فسلمت وأذن لي ، فجلست . ثم التفت إلى جعفر ، فقال : يا أبا عبد الله ، تعرف هذا ؟ قال : نعم . هذا أبو حنيفة . ثم أتبعها : قد أتانا . ثم قال : يا أبا حنيفة ، هات من مسائلك نسأل أبا عبد الله فابتدأت أسأله . فكان يقول في المسألة : أنتم تقولون فيها كذا وكذا ، وأهل المدينة يقولون كذا وكذا ، ونحن نقول كذا وكذا ، فربما تابعنا وربما تابع أهل المدينة ، وربما خالفنا جميعا ، حتى أتيت على أربعين مسألة ما أخرم منها مسألة . ثم قال أبو حنيفة : أليس قد روينا أن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس ؟ ! . علي بن الجعد ، عن زهير بن معاوية قال : قال أبي لجعفر بن محمد إن لي جارا يزعم أنك تبرأ من أبي بكر وعمر . فقال جعفر : برئ الله من جارك . والله إني لأرجو أن ينفعني الله بقرابتي من أبي بكر . ولقد اشتكيت شكاية فأوصيت إلى خالي عبد الرحمن بن القاسم .
قال ابن عيينة : حدثونا عن جعفر بن محمد ولم أسمعه منه ، قال : كان آل أبي بكر يدعون على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- . وروى ابن أبي عمر العدني وغيره عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، نحو ذلك . محمد بن فضيل ، عن سالم بن أبي حفصة قال : سألت أبا جعفر وابنه جعفرا عن أبي بكر وعمر ، فقال : يا سالم تولهما ، وابرأ من عدوهما ، فإنهما كانا إمامي هدى . ثم قال جعفر : يا سالم ، أيسب الرجل جده ؟ أبو بكر جدي ، لا نالتني [ ص: 259 ] شفاعة محمد -صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة إن لم أكن أتولاهما ، وأبرأ من عدوهما .
وقال حفص بن غياث : سمعت جعفر بن محمد يقول : ما أرجو من شفاعة علي شيئا إلا وأنا أرجو من شفاعة أبي بكر مثله . لقد ولدني مرتين .
كتب إلي عبد المنعم بن يحيى الزهري ، وطائفة قالوا : أنبأنا داود بن أحمد ، أنبأنا محمد بن عمر القاضي ، أنبأنا عبد الصمد بن علي ، أنبأنا أبو الحسن الدارقطني ، حدثنا أحمد بن محمد بن إسماعيل الأدمي ، حدثنا محمد بن الحسين الحنيني ، حدثنا مخلد بن أبي قريش الطحان ، حدثنا عبد الجبار بن العباس الهمداني ، أن جعفر بن محمد أتاهم وهم يريدون أن يرتحلوا من المدينة ، فقال : " إنكم إن شاء الله من صالحي أهل مصركم ، فأبلغوهم عني : من زعم أني إمام معصوم مفترض الطاعة ، فأنا منه بريء ، ومن زعم أني أبرأ من أبي بكر وعمر ، فأنا منه بريء " . وبه عن الدارقطني ، حدثنا إسماعيل الصفار ، حدثنا أبو يحيى جعفر بن محمد الرازي ، حدثنا علي بن محمد الطنافسي ، حدثنا حنان بن سدير ، سمعت جعفر بن محمد ، وسئل عن أبي بكر وعمر ، فقال : إنك تسألني عن رجلين قد أكلا من ثمار الجنة . [ ص: 260 ] وبه حدثنا الحسين بن إسماعيل ، حدثنا محمود بن خداش ، حدثنا أسباط بن محمد ، حدثنا عمرو بن قيس الملائي ، سمعت جعفر بن محمد يقول : برئ الله ممن تبرأ من أبي بكر وعمر .
قلت : هذا القول متواتر عن جعفر الصادق ، وأشهد بالله إنه لبار في قوله غير منافق لأحد ، فقبح الله الرافضة .
وروى معبد بن راشد ، عن معاوية بن عمار ، سألت جعفر بن محمد عن القرآن فقال : ليس بخالق ولا مخلوق ، ولكنه كلام الله . حماد بن زيد ، عن أيوب سمعت جعفرا يقول : إنا -والله- لا نعلم كل ما يسألوننا عنه ، ولغيرنا أعلم منا . محمد بن عمران بن أبي ليلى ، عن مسلمة بن جعفر الأحمسي : قلت لجعفر بن محمد : إن قوما يزعمون أن من طلق ثلاثا بجهالة رد إلى السنة ، تجعلونها واحدة ، يروونها عنكم . قال : معاذ الله! ما هذا من قولنا ، من طلق ثلاثا فهو كما قال . [ ص: 261 ] سويد بن سعيد ، عن معاوية بن عمار ، عن جعفر بن محمد قال : من صلى على محمد -صلى الله عليه وسلم- وعلى أهل بيته مائة مرة قضى الله له مائة حاجة .
أجاز لنا أحمد بن سلامة ، عن أبي المكارم اللبان ، أنبأنا أبو علي الحداد ، أنبأنا أبو نعيم ، حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، حدثنا محمد بن العباس ، حدثني محمد بن عبد الرحمن بن غزوان ، حدثنا مالك بن أنس ، عن جعفر بن محمد قال ، لما قال له سفيان : لا أقوم حتى تحدثني . قال : أما إني أحدثك وما كثرة الحديث لك بخير . يا سفيان إذا أنعم الله عليك بنعمة فأحببت بقاءها ودوامها فأكثر من الحمد والشكر عليها ، فإن الله قال في كتابه : لئن شكرتم لأزيدنكم وإذا استبطأت الرزق ، فأكثر من الاستغفار ، فإن الله قال في كتابه : استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال الآية . يا سفيان ; إذا حزبك أمر من السلطان أو غيره ، فأكثر من قول : لا حول ولا قوة إلا بالله ، فإنها مفتاح الفرج ، وكنز من كنوز الجنة . فعقد سفيان بيده وقال : ثلاث وأي ثلاث !قال جعفر : عقلها والله أبو عبد الله ولينفعنه الله بها .
قلت : حكاية حسنة إن لم يكن ابن غزوان وضعها فإنه كذاب .
وبه قال أبو نعيم : حدثنا أبو أحمد الغطريفي ، حدثنا محمد بن أحمد بن مكرم الضبي ، حدثنا علي بن عبد الحميد ، حدثنا موسى بن مسعود ، حدثنا سفيان قال : دخلت على جعفر بن محمد وعليه جبة خز دكناء وكساء خز أيدجاني فجعلت أنظر إليه تعجبا ، فقال : ما لك ، يا ثوري ؟ قلت : يا ابن رسول الله ، [ ص: 262 ] ليس هذا من لباسك ، ولا لباس آبائك ، فقال : كان ذاك زمانا مقترا ، وكانوا يعملون على قدر إقتاره وإفقاره ، وهذا زمان قد أسبل كل شيء فيه عزاليه ثم حسر عن ردن جبته ، فإذا فيها جبة صوف بيضاء يقصر الذيل عن الذيل ، وقال : لبسنا هذا لله ، وهذا لكم ، فما كان لله أخفيناه ، وما كان لكم أبديناه .
وقيل : كان جعفر يقول : كيف أعتذر وقد احتججت ؟ وكيف أحتج وقد علمت ؟ . روى يحيى بن أبي بكر عن هياج بن بسطام قال : كان جعفر بن محمد يطعم حتى لا يبقى لعياله شيء .
عن بعض أصحاب جعفر بن محمد ، عن جعفر ، وسئل : لم حرم الله الربا ؟ قال : لئلا يتمانع الناس المعروف .
وعن هشام بن عباد ، سمعت جعفر بن محمد يقول : الفقهاء أمناء الرسل ، فإذا رأيتم الفقهاء قد ركنوا إلى السلاطين ، فاتهموهم .
وبه حدثنا الطبراني ، حدثنا أحمد بن زيد بن الجريش ، حدثنا الرياشي ، حدثنا الأصمعي قال : قال جعفر بن محمد : الصلاة قربان كل تقي ، والحج جهاد كل ضعيف ، وزكاة البدن الصيام ، والداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر ، واستنزلوا الرزق بالصدقة ، وحصنوا أموالكم بالزكاة . وما عال من اقتصد ، والتقدير نصف العيش ، وقلة العيال أحد اليسارين ، ومن أحزن والديه ، فقد عقهما ، ومن ضرب بيده على فخذه عند مصيبة فقد حبط أجره ، والصنيعة لا تكون صنيعة إلا عند ذي حسب أو دين ، والله ينزل الصبر على قدر المصيبة [ ص: 263 ] وينزل الرزق على قدر المؤنة ، ومن قدر معيشته ، رزقه الله ، ومن بذر معيشته ، حرمه الله .
وعن رجل ، عن بعض أصحاب جعفر بن محمد قال : رأيت جعفرا يوصي موسى ، يعني ابنه : يا بني من قنع بما قسم له استغنى ، ومن مد عينيه إلى ما في يد غيره مات فقيرا ، ومن لم يرض بما قسم له ، اتهم الله في قضائه ومن استصغر زلة غيره استعظم زلة نفسه ، ومن كشف حجاب غيره انكشفت عورته ، ومن سل سيف البغي قتل به ، ومن احتفر بئرا لأخيه ، أوقعه الله فيه ، ومن داخل السفهاء حقر ، ومن خالط العلماء وقر ، ومن دخل مداخل السوء اتهم . يا بني إياك أن تزري بالرجال . فيزرى بك ، وإياك والدخول فيما لا يعنيك فتذل لذلك ، يا بني قل الحق لك وعليك تستشار من بين أقربائك ، كن للقرآن تاليا ، وللإسلام فاشيا ، وللمعروف آمرا ، وعن المنكر ناهيا ، ولمن قطعك واصلا ، ولمن سكت عنك مبتدئا ، ولمن سألك معطيا ، وإياك والنميمة ، فإنها تزرع الشحناء في القلوب ، وإياك والتعرض لعيوب الناس فمنزلة المتعرض لعيوب الناس كمنزلة الهدف . إذا طلبت الجود ، فعليك بمعادنه فإن للجود معادن ، وللمعادن أصولا ، وللأصول فروعا ، وللفروع ثمرا . ولا يطيب ثمر إلا بفرع ، ولا فرع إلا بأصل ، ولا أصل إلا بمعدن طيب . زر الأخيار ولا تزر الفجار ، فإنهم صخرة لا يتفجر ماؤها ، وشجرة لا يخضر ورقها ، وأرض لا يظهر عشبها .
عن عائذ بن حبيب ، قال جعفر بن محمد : لا زاد أفضل من التقوى ، ولا شيء أحسن من الصمت ، ولا عدو أضر من الجهل ، ولا داء أدوأ من الكذب . وعن يحيى بن الفرات ، أن جعفرا الصادق قال : لا يتم المعروف إلا بثلاثة : بتعجيله ، وتصغيره ، وستره .
كتب إلي أحمد بن أبي الخير ، عن أبي المكارم اللبان ، أنبأنا الحداد ، أنبأنا أبو [ ص: 264 ] نعيم ، حدثنا أحمد بن جعفر بن سلم ، حدثنا أحمد بن علي الأبار ، حدثنا منصور بن أبي مزاحم ، حدثنا عنبسة الخثعمي ، وكان من الأخيار ، سمعت جعفر بن محمد يقول : إياكم والخصومة في الدين ، فإنها تشغل القلب ، وتورث النفاق .
ويروى أن أبا جعفر المنصور وقع عليه ذباب ، فذبه عنه ، فألح فقال لجعفر : لم خلق الله الذباب ؟ قال : ليذل به الجبابرة . وعن جعفر بن محمد : إذا بلغك عن أخيك ما يسوءك ، فلا تغتم ، فإنه إن كان كما يقول كانت عقوبة عجلت ، وإن كان على غير ما يقول كانت حسنة لم تعملها .
قال موسى عليه السلام : يا رب أسألك ألا يذكرني أحد إلا بخير قال : ما فعلت ذلك بنفسي .
أخبرنا وحدثنا عن سعيد بن محمد بن محمد بن عطاف ، أنبأنا أبو القاسم بن السمرقندي ، حدثني الحميدي ، أنبأنا الحسين بن محمد المالكي القيسي بمصر ، أنبأنا عبد الكريم بن أحمد بن أبي جدار ، أخبرنا أبو علي الحسن بن رخيم ، حدثنا هارون بن أبي الهيذام ، أنبأنا سويد بن سعيد ، قال ، قال الخليل بن أحمد : سمعت سفيان الثوري يقول : قدمت مكة فإذا أنا بأبي عبد الله جعفر بن محمد قد أناخ بالأبطح ، فقلت : يا ابن رسول الله ، لم جعل الموقف من وراء الحرم ؟ ولم يصير في المشعر الحرام ؟ فقال : الكعبة بيت الله ، والحرم حجابه ، والموقف بابه . فلما قصده الوافدون ، أوقفهم بالباب يتضرعون ، فلما أذن لهم في الدخول ، أدناهم من الباب الثاني وهو المزدلفة . فلما نظر إلى كثرة تضرعهم وطول اجتهادهم رحمهم ، فلما رحمهم ، أمرهم بتقريب قربانهم ، فلما قربوا قربانهم ، وقضوا تفثهم وتطهروا من الذنوب التي كانت حجابا بينه وبينهم ، أمرهم [ ص: 265 ] بزيارة بيته على طهارة . قال : فلم كره الصوم أيام التشريق ؟ قال : لأنهم في ضيافة الله . ولا يجب على الضيف أن يصوم عند من أضافه . قلت : جعلت فداك فما بال الناس يتعلقون بأستار الكعبة وهي خرق لا تنفع شيئا ؟ قال : ذاك [ ص: 266 ] مثل رجل بينه وبين رجل جرم ، فهو يتعلق به ، ويطوف حوله رجاء أن يهب له ذلك ، ذاك الجرم . ومن بليغ قول جعفر ، وذكر له بخل المنصور فقال : الحمد لله الذي حرمه من دنياه ما بذل لأجله دينه . أخبرنا علي بن أحمد في كتابه ، أنبأنا عمر بن محمد ، أنبأنا محمد بن عبد الباقي الأنصاري ، أنبأنا أبو الحسن بن المهتدي بالله ، أنبأنا عبيد الله بن أحمد الصيدلاني ، حدثنا أبو طالب علي بن أحمد الكاتب ، حدثنا عيسى بن أبي حرب الصفار ، عن الفضل بن الربيع ، عن أبيه ، قال : دعاني المنصور فقال : إن جعفر بن محمد يلحد في سلطاني قتلني الله إن لم أقتله . فأتيته ، فقلت : أجب أمير المؤمنين . فتطهر ولبس ثيابا ، أحسبه قال جددا فأقبلت به فاستأذنت له ، فقال : أدخله ، قتلني الله إن لم أقتله . فلما نظر إليه مقبلا قام من مجلسه فتلقاه وقال :
مرحبا بالنقي الساحة ، البريء من الدغل والخيانة ، أخي وابن عمي ، فأقعده معه على سريره وأقبل عليه بوجهه ، وسأله عن حاله ، ثم قال : سلني عن حاجتك فقال : أهل مكة والمدينة قد تأخر عطاؤهم فتأمر لهم به . قال : أفعل . ثم قال : يا جارية ائتني بالتحفة . فأتته بمدهن زجاج فيه غالية فغلفه بيده وانصرف . فاتبعته ، فقلت : يا ابن رسول الله ; أتيت بك ولا أشك أنه قاتلك ، فكان منه ما رأيت . وقد رأيتك تحرك شفتيك بشيء عند الدخول فما هو ؟ قال : قلت : اللهم احرسني بعينك التي لا تنام ، واكنفني بركنك الذي لا يرام ، واحفظني بقدرتك علي ، ولا تهلكني . وأنت رجائي . رب كم من نعمة أنعمت بها علي قل لك عندها شكري ، وكم من بلية ابتليتني بها قل لها عندك صبري ؟ ! فيا من قل عند نعمته شكري فلم يحرمني ، ويا من قل عند بليته صبري فلم يخذلني ، ويا من رآني على المعاصي فلم يفضحني ، ويا ذا النعم التي لا تحصى أبدا ، ويا ذا المعروف [ ص: 267 ] الذي لا ينقطع أبدا ، أعني على ديني بدنيا ، وعلى آخرتي بتقوى ، واحفظني فيما غبت عنه ولا تكلني إلى نفسي فيما خطرت . يا من لا تضره الذنوب ، ولا تنقصه المغفرة ، اغفر لي ما لا يضرك ، وأعطني ما لا ينقصك ، يا وهاب أسألك فرجا قريبا ، وصبرا جميلا ، والعافية من جميع البلايا ، وشكر العافية .
فأعلى ما يقع لنا من حديث جعفر الصادق ، ما أنبأنا الإمام أبو محمد بن قدامة الحاكم ، وطائفة قالوا : أنبأنا عمر بن محمد ، أنبأنا أحمد بن الحسن ، أنبأنا أبو محمد الجوهري ، أنبأنا أبو بكر القطيعي ، حدثنا أبو مسلم الكجي ، حدثنا أبو عاصم ، عن جعفر بن محمد ، حدثني أبي : قال عمر بن الخطاب : ما أدري ما أصنع بالمجوس ؟ فقام عبد الرحمن بن عوف قائما ، فقال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : سنوا بهم سنة أهل الكتاب . [ ص: 268 ] هذا حديث عال ، في إسناده انقطاع .
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن المؤيد ، أنبأنا زكريا بن علي بن حسان ( ح ) وأنبأنا أحمد بن محمد ، ومحمد بن إبراهيم وعلي بن محمد ، وجماعة قالوا : أنبأنا أبو المنجى عبد الله بن عمر قالا : أنبأنا عبد الأول بن عيسى قال : أخبرتنا أم الفضل بيبى بنت عبد الصمد الهرثمية ، أنبأنا عبد الرحمن بن أحمد الأنصاري ، أنبأنا عبد الله بن محمد ، حدثنا مصعب بن عبد الله . حدثني مالك عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا وقف على الصفا كبر ثلاثا ويقول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير يصنع ذلك ثلاث مرات ، ويصنع على المروة مثل ذلك ، وكان إذا نزل من الصفا ، مشى حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي ، سعى حتى يخرج منه رواه مسلم .
وبه إلى عبد الرحمن بن أحمد : حدثنا يحيى بن محمد ، حدثنا عبد الوهاب بن فليح المقرئ بمكة ، حدثنا عبد الله بن ميمون القداح ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يؤمن مؤمن حتى يؤمن بالقدر كله ، حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه .
هذا حديث غريب فيه نكارة . تفرد به القداح . وقد قال البخاري : ذاهب الحديث . أخرجه أبو عيسى عن زياد بن يحيى عنه ، فوقع بدلا بعلو درجة . [ ص: 269 ] قال المدائني ، وشباب العصفري وعدة : مات جعفر الصادق في سنة ثمان وأربعين ومائة وقد مر أن مولده سنة ثمانين أرخه الجعابي وأبو بكر بن منجويه ، وأبو القاسم اللالكائي فيكون عمره ثمانيا وستين سنة -رحمه الله .
لم يخرج له البخاري في الصحيح ، بل في كتاب الأدب وغيره .
وله عدة أولاد : أقدمهم إسماعيل بن جعفر ومات شابا في حياة أبيه ، سنة ثمان وثلاثين ومائة . وخلف محمدا وعليا وفاطمة . فكان لمحمد من الولد جعفر وإسماعيل فقط . فولد جعفر محمدا ، وأحمد ، درج ولم يعقب ، فولد لمحمد بن جعفر ، جعفر وإسماعيل وأحمد وحسن ، فولد لحسن جعفر الذي مات بمصر سنة ثلاث وتسعين ومائتين ، وخلف ابنه محمدا ، فجاءه خمسة بنين ، وولد لإسماعيل بن محمد ، أحمد ويحيى ومحمد وعلي درج ولم يعقب ، فولد لأحمد جماعة بنين ، منهم إسماعيل بن أحمد المتوفى بمصر سنة خمس وعشرين وثلاثمائة .
فبنو محمد بن إسماعيل بن جعفر عدد كثير كانوا بمصر ، وبدمشق قد استوعبهم الشريف العابد أبو الحسين محمد بن علي بن الحسين بن أحمد بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق . ويعرف هذا بأخي محسن . كان يسكن بباب توما . مات قبل الأربعمائة . وذكر منهم قوما بالكوفة . وبالغ في نفي عبيد الله المهدي من أن يكون من هذا النسب الشريف ، وألف كتابا في أنه [ ص: 270 ] دعي ، وأن نحلته خبيثة ، مدارها على المخرقة والزندقة .
رجعنا إلى تتمة آل جعفر الصادق . فأجلهم وأشرفهم ابنه : موسى الكاظم