الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
[ ص: 347 ] حديث ثاني عشر لنافع عن ابن عمر .

مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن التجشر .

التالي السابق


قال أبو عمر : هكذا روى هذا الحديث جماعة أصحاب مالك عن مالك ، وزاد فيه القعنبي ، وقال : وأحسبه قال : وأن تتلقى السلع حتى يهبط بها إلى الأسواق ، ولم يذكر غيره هذه الزيادة ( ورواه أبو يعقوب إسماعيل بن محمد قاضي المدائن ، قال : أنبأنا يحيى بن موسى البلخي ، قال : أنبأنا عبد الله بن نافع قال : حدثني مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن التحبير ، والتحبير : أن يمدح الرجل سلعته بما ليس فيها ، هكذا قال " التحبير " وفسره . ولم يتابع على هذا اللفظ ، وإنما المعروف النجش ) وقد مضى القول فيها بما للعلماء في ذلك فيما تقدم من كتابنا هذا .

[ ص: 348 ] وأما النجش فلا أعلم بين أهل العلم اختلافا في أن معناه أن يعطي الرجل الذي قد دسه البائع وأمره في السلعة عطاء لا يريد شراءها به فوق ثمنها ليغتر المشتري فيرغب فيها أو يمدحها بما ليس فيها ، فيغتر المشتري حتى يزيد فيها أو يفعل ذلك بنفسه ليغر الناس في سلعته ، وهو لا يعرف أنه ربها . وهذا معنى النجش عند أهل العلم ، وإن كان لفظي ربما خالف شيئا من ألفاظهم ، فإن كان ذلك فإنه غير مخالف لشيء من معانيهم ، وهذا من فعل فاعله مكر وخداع ، لا يجوز عند أحد من أهل العلم ; لنهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن النجش ، وقوله : " لا تناجشوا " وأجمعوا أن فاعله عاص لله إذا كان بالنهي عالما ، واختلف الفقهاء في البيع على هذا إذا صح ، وعلم به فقال مالك : لا يجوز النجش في البيع ، فمن اشترى منجوشة فهو بالخيار إذا علم ، وهو عيب من العيوب .

قال أبو عمر : الحجة لمالك في قوله هذا عندي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل لمشتري المصراة الخيار إذا علم بعيب التصرية ، ولم يقض بفساد البيع ، ومعلوم أن التصرية نجش ومكر وخديعة ، فكذلك النجش يصح فيه البيع ، ويكون المبتاع بالخيار من أجل ذلك قياسا ونظرا ، والله أعلم .

[ ص: 349 ] وقال الشافعي وأبو حنيفة : ذلك مكروه ، والبيع لازم ، ولا خيار للمبتاع في ذلك .

قال أبو عمر : لأن هذا ليس بعيب في نفس المبيع كالمصراة المدلس بها ، وإنما هو كالمدح وشبهه ، وقد كان يجب على المشتري التحفظ ، وأن يستعين بمن يميز ونحو هذا .

وقالت طائفة من أهل الحديث وأهل الظاهر : البيع على هذا باطل مردود على بائعه ، إذا ثبت ذلك عليه .

حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا محمد بن الهيثم أبو الأحوص قال : حدثنا أبو يعقوب الحنيني عن مالك ، والعمري عن نافع عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن النجش .

وحدثنا عبد الله بن محمد قال : حدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح قال : حدثنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تناجشوا .




الخدمات العلمية