الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1080 مالك ، عن يزيد بن قسيط ، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ، عن أبيه ، عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أمر أن يستمتع بجلود الميتة إذا دبغت .

[ ص: 76 ]

التالي السابق


[ ص: 76 ] هذا حديث ثابت من جهة الإسناد ، وبه أخذ مالك في جلود الميتة إذا دبغت أن يستمتع بها ، ولا تباع ، ولا ترهن ، ولا يصلى عليها ، ولا يتوضأ فيها ، ويستمتع بها في سائر ذلك من وجوه الانتفاع ; لأن طهارة الدباغ عنده ليست بطهارة كاملة ، وأكثر الفقهاء يقولون : إن دباغها طهورها طهارة كاملة في كل شيء لقوله - صلى الله عليه وسلم - أيما إهاب دبغ ، فقد طهر ، وقد ذكرنا ما للعلماء في هذا الباب من المذاهب ، والأقوال ، والحجج ، والإعلال في باب يزيد بن أسلم ، عن ابن وعلة من هذا الكتاب ، والحمد لله .

وروى مالك ، عن يزيد بن قسيط ، عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول : ذكاة ما في بطن الذبيحة ذكاة أمه إذا كان قد نبت شعره ، وتم خلقه .

وقد روى ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكاة الجنين ذكاة أمه جابر ، وابن عمر ، وأبو سعيد ، وأبو أيوب بأسانيد حسان ، وليس في شيء منها ذكر شعر ، ولا تمام خلق [ ص: 77 ] ويقول سعيد بن المسيب بقول مالك : إن تم خلقه ، وأشعر أكل ، وإن لم يتم خلقه لم يؤكل .

وقال الثوري بن سعد ، والأوزاعي ، وأبو يوسف ، ومحمد ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وداود : يؤكل بذكاة أمه إن كان ميتا ، ولم يذكروا تمام خلق ، ولا شعر .

وروي ، عن ابن عباس : ( أحلت لكم بهيمة الأنعام ) قال الجنين .

وقال أبو حنيفة ، وزفر لا يؤكل إلا إن كان حيا ، فيذكى ، وهو قول إبراهيم النخعي .

وقال الحسن في قوله : ( أحلت لكم بهيمة الأنعام ) قال الشاة ، والبقرة ، والبعير .

وروى أبو إسحاق ، عن الحارث ، عن علي ، وأيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر قالا : ذكاة الجنين ذكاة أمه إذا أشعر .

وهذا القول ليس فيه رد للآثار المرفوعة بل هو تفسير لها ، وهو أول ما قيل به في هذا الباب ; لأنه إذا لم يتم خلقه ، ولا نبت شيء من شعره ، فهو في حكم مضغة الدم ، - والله أعلم - ، وهو الموفق للصواب .




الخدمات العلمية