الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
مالك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15956أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله ، أنه قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1016410قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما مات nindex.php?page=showalam&ids=5559عثمان بن مظعون ومر بجنازته : ذهبت ، ولم تلبس منها بشيء .
هكذا هو في الموطأ عند جماعة الرواة مرسلا مقطوعا ، لم يختلفوا في ذلك ، عن مالك ، وقد رويناه متصلا مسندا من وجه صالح حسن :
[ ص: 224 ] أخبرنا سعيد بن عثمان ، قال أخبرنا أحمد بن دحيم بن خليل ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13890عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ، قال : حدثنا محمد بن عبد الوهاب ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد ، عن عائشة قالت : لما مات nindex.php?page=showalam&ids=5559عثمان بن مظعون ، كشف النبي - صلى الله عليه وسلم - الثوب عن وجهه ، وقبل بين عينيه ، وبكى بكاء طويلا ، فلما رفع على السرير ، قال : طوبى لك يا عثمان ، لم تلبسك الدنيا ، ولم تلبسها .
قال أبو عمر :
روى nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، عن عاصم بن عبيد الله ، عن القاسم ، عن عائشة ، قالت : nindex.php?page=hadith&LINKID=1016412رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبل nindex.php?page=showalam&ids=5559عثمان بن مظعون - وهو ميت - حتى رأيت دموعه تسيل على خده .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري أيضا ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17170موسى بن أبي عائشة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16523عبيد الله بن عبد الله ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وعائشة : nindex.php?page=hadith&LINKID=1016413أن أبا بكر قبل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو ميت .
وأما قوله : nindex.php?page=hadith&LINKID=1016414ذهبت ولم تلبس منها بشيء ، فكان nindex.php?page=showalam&ids=5559عثمان بن مظعون أحد الفضلاء العباد الزاهدين في الدنيا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - المتبتلين منهم ، وقد كان هو nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي بن أبي طالب ، هما أن يترهبا ، ويتركا النساء ، ويقبلا على العبادة ، ويحرما طيب الطعام على أنفسهما ، فنزلت ( nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=87nindex.php?page=treesubj&link=29499يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ) . الآية .
ذكر معمر وغيره ، عن قتادة في هذه الآية ، قال : نزلت في nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب nindex.php?page=showalam&ids=5559وعثمان بن مظعون ، أرادوا أن يقلوا من الدنيا ويتركوا النساء ويترهبوا .
[ ص: 225 ] وذكر nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد قال : أراد رجال منهم : nindex.php?page=showalam&ids=5559عثمان بن مظعون ، nindex.php?page=showalam&ids=12وعبد الله بن عمر إن يتبتلوا أو يخصوا أنفسهم ، ويلبسوا المسوح ، فنزلت هذه الآية إلى قوله ( nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=88واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون ) قال nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : وقال عكرمة : إن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، nindex.php?page=showalam&ids=5559وعثمان بن مظعون ، nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ، nindex.php?page=showalam&ids=53والمقداد بن عمرو ، nindex.php?page=showalam&ids=267وسالما مولى أبي حذيفة تبتلوا وجلسوا في البيوت ، واعتزلوا النساء ، ولبسوا المسوح ، وحرموا طيبات الطعام ، واللباس ، وهموا بالإخصاء ، وأدمنوا القيام بالليل وصيام النهار فنزلت ( nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=87ياأيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ) . الآية ، يعني : النساء والطعام واللباس .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16920محمد بن المنكدر ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن الله أبدلنا بالرهبانية الجهاد والتكبير على كل شرف من الأرض .
وذكر سنيد ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17123معمر بن سليمان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12420إسحاق بن سويد ، عن أبي فاختة مولى جعدة بن هبيرة ، قال : كان nindex.php?page=showalam&ids=5559عثمان بن مظعون يريد أن ينظر هل يستطيع السياحة ، وكانوا يعدون السياحة صيام النهار ، وقيام الليل ، ففعل ذلك حتى تركت المرأة الطيب والمعصفر والخضاب والكحل ، فدخلت على بعض أمهات المؤمنين ، ورأتها عائشة فقالت : ما لي أراك كأنك مغيبة ، فقالت : إني مشهدة كالمغيبة ، فعرفت ما عنت ، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت : يا نبي الله إن امرأة عثمان ، دخلت علي ، فلم أر بها كحلا ، ولا طيبا ، ولا صفرة ، ولا خضابا ، فقلت : مالي أراك كأنك مغيبة ؟ فقالت : إني مشهدة كالمغيبة ، فعرفت ما عنت فأرسل إلى عثمان ، فقال : يا عثمان ، أتؤمن بما نؤمن ؟ قال : نعم ، بأبي أنت وأمي ، قال إن كنت تؤمن بما نؤمن ، فأسوة لك بنا وأسوة ما لدينا .
[ ص: 226 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=12420إسحاق بن سويد : فأتيت خراسان فصادفت يحيى بن معمر يحدث القوم بهذا الحديث ، لم يدع منه حرفا ، غير أنه قال في آخر حديثه : إن كنت تؤمن بما نؤمن ، فاصنع كما نصنع ، قال ذلك مرتين .
حدثنا أحمد بن قاسم ، وأحمد بن محمد ، وسعيد بن نصر قالوا : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17211نعيم بن حماد ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك ، قال : أخبرنا رشدين بن سعد ، قال : حدثني ابن أنعم ، عن سعد بن مسعود ، أن nindex.php?page=showalam&ids=5559عثمان بن مظعون أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : ائذن لي في الاختصاء ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ليس منا من اختصى ، إن خصا أمتي الصيام ، قال : يا رسول الله ، ائذن لنا في السياحة ، قال : إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله ، قال : يا رسول الله ، ائذن لنا في الترهب ، قال : إن ترهب أمتي الجلوس في المساجد انتظار الصلاة .
أخبرنا محمد بن إبراهيم بن سعد قراءة مني عليه أن أحمد بن مطرف حدثهم ، قال : حدثنا سعيد بن عثمان ، قال : حدثنا إسحاق بن إسماعيل الأيلي ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16705عمرو بن دينار ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15786خارجة بن زيد ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1016419لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة ، استهم المسلمون المنازل ، فطار سهم عثمان على امرأة منها ، يقال لها : أم العلاء ، فلما حضرته الوفاة ، قالت : شهادتي عليك أبا السائب : أن الله قد أكرمك ، قال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا رسول الله ، ما أدري ما يفعل بي ، ولا به ، ولكن قد أتاه اليقين ، فنحن نرجو له الخير ، فشق ذلك على المسلمين مشقة شديدة ، وقالوا عثمان في فضله وصلاحه يقال له هذا ؟ فلما دفن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعض أهله ، قال : رد على سلفنا nindex.php?page=showalam&ids=5559عثمان بن مظعون ، فقالوا سلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السلف الصالح ، قالت أم العلاء : لا أزكي بعده أحدا أبدا .
وقال آخرون : بل ذلك على وجهه في أمر الدنيا ، وفي ذنوبه ، وما يختم له من عمله ، حتى نزلت ( nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=2ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ) ففرح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال : هي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس وهذا معنى تفسير قتادة والضحاك nindex.php?page=showalam&ids=15097والكلبي ، وروى مثله nindex.php?page=showalam&ids=17353يزيد بن إبراهيم التستري ، عن الحسن .