الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
747 [ ص: 258 ] حديث ثان لعبد الرحمن بن القاسم

مالك ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفرد الحج .

التالي السابق


قال أبو عمر :

هذا أصح حديث يروى عن النبي عليه السلام أنه أفرد الحج ، وإليه ذهب مالك في اختياره الإفراد ، وأصحابه ، وأبو ثور ، وجماعة ، وروي ذلك عن أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وهو أحد قولي الشافعي واختياره .

وروى محمد بن الحسن عن مالك أنه قال : إذا جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديثان مختلفان ، وبلغنا أن أبا بكر وعمر عملا بأحد الحديثين وتركا الآخر - كان في ذلك دلالة أن الحق فيما عملا به ، وقد مضى القول ممهدا في هذا المعنى ، وما فيه للعلماء - السلف منهم والخلف - من التنازع والاختلاف فيما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - به محرما في حجته ، وهل كان حينئذ مفردا أو متمتعا أو قارنا ؟ وذكرنا هناك اختلاف الآثار في ذلك ، وما ذهب إليه فقهاء [ ص: 259 ] الأمصار ، وذلك في باب ابن شهاب ، عن عروة من كتابنا هذا ، والحمد لله .

حدثنا خلف بن قاسم بن سهل بن محمد ، حدثنا أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن محمد بن عطية ، حدثنا أبو عبد الرحمن زكرياء بن يحيى السجزي ، حدثنا ابن الرماح قال : قلت : الإفراد أحب إليك أم القران ؟ قال : الإفراد ، قلت : من أين ؟ قال : لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفرد الحج . قلت : عمن ؟ فقال : حدثني عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه ، عن عائشة : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أفرد الحج ، وحدثنا خلف بن القاسم ، حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين بن صالح السبيعي بدمشق ، حدثنا أحمد بن خالد بن يزيد بن عبد الله الكندي الحلبي ، حدثنا مطرف بن عبد الله المدني ، حدثنا مالك ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أفرد الحج ، ورواه مطرف أيضا عن ابن أبي حازم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله .

ورواه الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي ، وابن جريج ، عن عطاء ، عن جابر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله سواء ، وأبو معاوية عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله .

وأما الحج في الشريعة : فقصد الكعبة البيت الحرام ، والطواف ، والسعي بين الصفا والمروة ، والرمي ، والوقوف بعرفة على سنتها ، ثم بالمزدلفة على سنتها ، ثم إتيان منى والمقام بها لرمي الجمار ، ثم الطواف ، وكل ذلك على سنته فيما هو معلوم ، والحمد لله .

[ ص: 260 ] وقد أتينا على إيضاح ذلك في مواضعه من هذا الكتاب .

وأما الحج في اللغة : فالقصد . قال الشاعر :


وأشهد من عوف حلولا كثيرة يحجون سب الزبرقان المزعفرا

والسب : الثوب أو العمامة .

وقال جرير :


قوم إذا حاولوا حجا لبيعتهم صروا الفلوس وحجوا غير أبرار






الخدمات العلمية