[ ص: 102 ] 9106 عبد الرزاق ، عن معمر ، عن عبد الله ، عن أبي الطفيل قال : " الكعبة في الجاهلية مبنية بالرضم ليس فيها مدر ، وكانت قدر ما يقتحمها العناق ، وكانت غير مسقوفة ، وإنما توضع ثيابها عليها ، ثم يسدل سدلا عليها ، وكان الركن الأسود موضوعا على سورها باديا ، وكانت ذات ركنين كهيئة هذه الحلقة ، فأقبلت سفينة من أرض الروم حتى إذا كانوا قريبا من جدة انكسرت السفينة ، فخرجت قريش ليأخذوا خشبها ، فوجدوا روميا عندها فأخذوا الخشب ، أعطاهم إياها ، وكانت السفينة تريد الحبشة ، وكان الرومي الذي في السفينة نجارا ، فقدموا بالخشب ، وقدموا بالرومي ، فقالت قريش : نبني بهذا الخشب بيت ربنا ، فلما أن أرادوا هدمه إذا هم بحية على سور البيت مثل قطعة الجائز سوداء الظهر ، بيضاء البطن ، فجعلت كلما دنا أحد من البيت ليهدمه أو يأخذ من حجارته ، سعت إليه فاتحة فاها ، فاجتمعت قريش عند الحرم ، فعجوا إلى الله وقالوا : ربنا لم نرع ، أردنا تشريف بيتك وترتيبه ، فإن كنت [ ص: 103 ] ترضى بذلك ، وإلا فما بدا لك فافعل ، فسمعوا خوارا في السماء ، فإذا هم بطائر أعظم من النسر ، أسود الظهر ، وأبيض البطن والرجلين ، فغرز مخالبه في قفا الحية ، ثم انطلق بها يجرها ، وذنبها أعظم من كذا وكذا ساقط حتى انطلق بها نحو أجياد ، فهدمتها قريش ، وجعلوا يبنونها بحجارة الوادي ، تحملها قريش على رقابها ، فرفعوها في السماء عشرين ذراعا ، فبينا النبي صلى الله عليه وسلم يحمل حجارة من أجياد وعليه نمرة ، إذ ضاقت عليه النمرة ، فذهب يضع النمرة على عاتقه ، فبدت عورته من صغر النمرة ، فنودي يا محمد ، خمر عورتك ، فلم ير عريانا بعد ذلك ، وكان بين الكعبة وبين ما أنزل الله عليه خمس سنين ، وبين مخرجه وبنائها خمس عشرة سنة " ، فلما كان [ ص: 104 ] جيش الحصين بن نمير ، فذكر حريقها في زمان ابن الزبير ، فقال ابن الزبير : إن عائشة أخبرتني ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الكعبة ، فإنهم تركوها سبعة أذرع في الحجر ضاقت بهم النفقة ، والخشب لولا حداثة قومك بالكفر لهدمت " . كانت
قال ابن خثيم : فأخبرني ، عن ابن أبي مليكة عائشة ، أنها سمعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ففعل ذلك " ولجعلت لها بابين : شرقيا وغربيا ، يدخلون من هذا ويخرجون من هذا " " ابن الزبير ، وكانت قريش جعلت لها درجا ، يرقى الذي يأتيها عليها فجعلها ابن الزبير لاصقة بالأرض " .
فقال ابن خثيم : وأخبرني ابن سابط ، أن زيدا أخبره أنه لما بناها ابن الزبير كشفوا عن القواعد ، فإذا بحجر منها مثل الخلفة ، متشبكا بعضها ببعض ، إذا حركت بالعتلة تحرك الذي من ناحية الأخرى " ، قال ابن سابط : " ورأيت زيدا ليلا بعد العشاء في ليلة [ ص: 105 ] مقمرة ، فرأيتها أمثال الخلف متشبكة أطراف بعضها ببعض " .