[ ص: 17 ] النوع الخمسون في منطوقه ومفهومه .
nindex.php?page=treesubj&link=20792_20794المنطوق ما دل عليه اللفظ في محل النطق ، فإن أفاد معنى لا يحتمل غيره فالنص ، نحو :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة [ البقرة : 196 ] ، وقد نقل عن قوم من المتكلمين أنهم قالوا بندور النص جدا في الكتاب والسنة ، وقد بالغ إمام الحرمين وغيره في الرد عليهم ، قال : لأن الغرض من النص الاستقلال بإفادة المعنى على قطع مع انحسام جهات التأويل والاحتمال ، وهذا وإن عز حصوله بوضع الصيغ ردا إلى اللغة فما أكثره مع القرائن الحالية والمقالية . انتهى .
أو مع احتمال غيره احتمالا مرجوحا فالظاهر ، نحو :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=173فمن اضطر غير باغ ولا عاد [ البقرة : 173 ] ، فإن الباغي يطلق على الجاهل وعلى الظالم ، وهو فيه أظهر وأغلب ، ونحو :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222ولا تقربوهن حتى يطهرن [ البقرة : 222 ] ، فإنه يقال للانقطاع طهر ، وللوضوء والغسل وهو في الثاني أظهر ، وإن حمل على المرجوح لدليل ، فهو تأويل ، ويسمى المرجوح المحمول عليه مؤولا كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=4وهو معكم أين ما كنتم [ الحديد : 4 ] ، فإنه يستحيل حمل المعية على القرب بالذات فتعين صرفه عن ذلك ، وحمله على القدرة والعلم أو على الحفظ والرعاية .
وكقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=24واخفض لهما جناح الذل من الرحمة [ الإسراء : 24 ] ، فإنه يستحيل حمله على الظاهر ، لاستحالة أن يكون للإنسان أجنحة فيحمل على الخضوع وحسن الخلق ، وقد يكون مشتركا بين حقيقتين أو حقيقة ومجاز ، ويصح حمله عليهما جميعا ، فيحمل عليهما جميعا سواء قلنا بجواز استعمال اللفظ في معنييه أو لا .
ووجهه على هذا أن يكون اللفظ قد خوطب به مرتين ؛ مرة أريد هذا ، ومرة أريد هذا .
ومن أمثلته
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282ولا يضار كاتب ولا شهيد [ البقرة : 282 ] ، فإنه يحتمل : لا يضارر الكاتب والشهيد صاحب الحق بجور في الكتابة والشهادة .
ولا يضارر - بالفتح - أي : لا
[ ص: 18 ] يضرهما صاحب الحق بإلزامهما ما لا يلزمهما ، وإجبارهما على الكتابة والشهادة .
ثم إن توقفت صحة دلالة اللفظ على إضمار سميت دلالة اقتضاء ، نحو :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=82واسأل القرية [ يوسف : 82 ] ؛ أي : أهلها .
وإن لم تتوقف ، ودل اللفظ على ما لم يقصد به سميت : دلالة إشارة كدلالة قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم [ البقرة : 187 ] ، على صحة صوم من أصبح جنبا ؛ إذ إباحة الجماع إلى طلوع الفجر تستلزم كونه جنبا في جزء من النهار ، وقد حكي هذا الاستنباط عن
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي .
[ ص: 17 ] النَّوْعُ الْخَمْسُونَ فِي مَنْطُوقِهِ وَمَفْهُومِهِ .
nindex.php?page=treesubj&link=20792_20794الْمَنْطُوقُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ فِي مَحَلِّ النُّطْقِ ، فَإِنْ أَفَادَ مَعْنًى لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ فَالنَّصُّ ، نَحْوَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ [ الْبَقَرَةِ : 196 ] ، وَقَدْ نُقِلَ عَنْ قَوْمٍ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ أَنَّهُمْ قَالُوا بِنُدُورِ النَّصِّ جِدًّا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، وَقَدْ بَالَغَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ ، قَالَ : لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنَ النَّصِّ الِاسْتِقْلَالُ بِإِفَادَةِ الْمَعْنَى عَلَى قَطْعٍ مَعَ انْحِسَامِ جِهَاتِ التَّأْوِيلِ وَالِاحْتِمَالِ ، وَهَذَا وَإِنْ عَزَّ حُصُولُهُ بِوَضْعِ الصِّيَغِ رَدًّا إِلَى اللُّغَةِ فَمَا أَكْثَرَهُ مَعَ الْقَرَائِنِ الْحَالِيَّةِ وَالْمَقَالِيَّةِ . انْتَهَى .
أَوْ مَعَ احْتِمَالِ غَيْرِهِ احْتِمَالًا مَرْجُوحًا فَالظَّاهِرُ ، نَحْوُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=173فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ [ الْبَقَرَةِ : 173 ] ، فَإِنَّ الْبَاغِيَ يُطْلَقُ عَلَى الْجَاهِلِ وَعَلَى الظَّالِمِ ، وَهُوَ فِيهِ أَظْهَرُ وَأَغْلَبُ ، وَنَحْوُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ [ الْبَقَرَةِ : 222 ] ، فَإِنَّهُ يُقَالُ لِلِانْقِطَاعِ طُهْرٌ ، وَلِلْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَهُوَ فِي الثَّانِي أَظْهَرُ ، وَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْمَرْجُوحِ لِدَلِيلٍ ، فَهُوَ تَأْوِيلٌ ، وَيُسَمَّى الْمَرْجُوحُ الْمَحْمُولُ عَلَيْهِ مُؤَوَّلًا كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=4وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ [ الْحَدِيدِ : 4 ] ، فَإِنَّهُ يَسْتَحِيلُ حَمْلُ الْمَعِيَّةَ عَلَى الْقُرْبِ بِالذَّاتِ فَتَعَيَّنَ صَرْفُهُ عَنْ ذَلِكَ ، وَحَمْلُهُ عَلَى الْقُدْرَةِ وَالْعِلْمِ أَوْ عَلَى الْحِفْظِ وَالرِّعَايَةِ .
وَكَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=24وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ [ الْإِسْرَاءِ : 24 ] ، فَإِنَّهُ يَسْتَحِيلُ حَمْلُهُ عَلَى الظَّاهِرِ ، لِاسْتِحَالَةِ أَنْ يَكُونَ لِلْإِنْسَانِ أَجْنِحَةٌ فَيُحْمَلُ عَلَى الْخُضُوعِ وَحُسْنِ الْخُلُقِ ، وَقَدْ يَكُونُ مُشْتَرِكًا بَيْنَ حَقِيقَتَيْنِ أَوْ حَقِيقَةٍ وَمَجَازٍ ، وَيَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا ، فَيُحْمَلُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا سَوَاءٌ قُلْنَا بِجَوَازِ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي مَعْنَيَيْهِ أَوْ لَا .
وَوَجْهُهُ عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ قَدْ خُوطِبَ بِهِ مَرَّتَيْنِ ؛ مَرَّةً أُرِيدَ هَذَا ، وَمَرَّةً أُرِيدَ هَذَا .
وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ [ الْبَقَرَةِ : 282 ] ، فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ : لَا يُضَارِرُ الْكَاتِبُ وَالشَّهِيدُ صَاحِبَ الْحَقِّ بِجَوْرٍ فِي الْكِتَابَةِ وَالشَّهَادَةِ .
وَلَا يُضَارَرُ - بِالْفَتْحِ - أَيْ : لَا
[ ص: 18 ] يَضُرُّهُمَا صَاحِبُ الْحَقِّ بِإِلْزَامِهِمَا مَا لَا يَلْزَمُهُمَا ، وَإِجْبَارِهِمَا عَلَى الْكِتَابَةِ وَالشَّهَادَةِ .
ثُمَّ إِنْ تَوَقَّفَتْ صِحَّةُ دَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَى إِضْمَارٍ سُمِّيَتْ دَلَالَةَ اقْتِضَاءٍ ، نَحْوُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=82وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ [ يُوسُفَ : 82 ] ؛ أَيْ : أَهْلَهَا .
وَإِنْ لَمْ تَتَوَقَّفْ ، وَدَلَّ اللَّفْظُ عَلَى مَا لَمْ يُقْصَدْ بِهِ سُمِّيَتْ : دَلَالَةَ إِشَارَةٍ كَدَلَالَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ [ الْبَقَرَةِ : 187 ] ، عَلَى صِحَّةِ صَوْمِ مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا ؛ إِذْ إِبَاحَةُ الْجِمَاعِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ تَسْتَلْزِمُ كَوْنَهُ جُنُبًا فِي جُزْءٍ مِنَ النَّهَارِ ، وَقَدْ حُكِيَ هَذَا الِاسْتِنْبَاطُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14980مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ .