التجوز عن المجاز بالمجاز
وهو أن تجعل المجاز المأخوذ عن الحقيقة بمثابة الحقيقة بالنسبة إلى مجاز آخر ؛ فتتجوز بالمجاز الأول عن الثاني لعلاقة بينهما .
مثاله قوله - تعالى - : ولكن لا تواعدوهن سرا ( البقرة : 235 ) فإنه مجاز عن مجاز ، فإن الوطء تجوز عنه بالسر ، لأنه لا يقع غالبا إلا في السر ، وتجوز بالسر عن العقد ؛ لأنه مسبب عنه ، فالصحيح للمجاز الأول الملازمة ، والثاني السببية ، والمعنى : لا تواعدوهن عقد نكاح .
وكذلك قوله - تعالى - : ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله ( المائدة : 5 ) إن [ ص: 409 ] حمل على ظهره كان من مجاز المجاز ، لأن قوله : " لا إله إلا الله " مجاز عن تصديق القلب بمدلول هذا اللفظ ، والتعبير بلا إله إلا الله عن الوحدانية من مجاز التعبير بالمقول عن المقول فيه .
والأول من مجاز السببية ؛ لأن توحيد اللسان ، مسبب عن توحيد الجنان .
قلت : وهذا يسميه ابن السيد " مجاز المراتب " ؛ وجعل منه قوله - تعالى - : يابني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا ( الأعراف : 26 ) فإن المنزل عليهم ليس هو نفس اللباس ؛ بل الماء المنبت للزرع ، المتخذ منه الغزل المنسوج منه اللباس .