وقد روى
عبد الرزاق في " تفسيره " : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، " أنه قسم التفسير إلى أربعة أقسام :
nindex.php?page=treesubj&link=28962قسم تعرفه العرب في كلامها ، وقسم لا يعذر أحد بجهالته ؛ يقول من الحلال والحرام ، وقسم يعلمه العلماء خاصة ، وقسم لا يعلمه إلا الله ، ومن ادعى علمه فهو كاذب . وهذا تقسيم صحيح .
فأما الذي تعرفه العرب ، فهو الذي يرجع فيه إلى لسانهم ، وذلك شأن اللغة والإعراب . فأما اللغة فعلى المفسر معرفة معانيها ، ومسميات أسمائها ، ولا يلزم ذلك القارئ . ثم إن كان ما تتضمنه ألفاظها يوجب العمل دون العلم ، كفى فيه خبر الواحد والاثنين والاستشهاد بالبيت والبيتين ، وإن كان مما يوجب العلم دون العمل لم يكف ذلك ، بل لا بد أن يستفيض ذلك اللفظ ، وتكثر شواهده من الشعر .
وأما الإعراب ؛ فما كان اختلافه محيلا للمعنى وجب على المفسر والقارئ تعلمه ، ليتوصل المفسر إلى معرفة الحكم ، وليسلم القارئ من اللحن ، وإن لم يكن محيلا للمعنى
[ ص: 307 ] وجب تعلمه على القارئ ليسلم من اللحن ، ولا يجب على المفسر ليتوصل إلى المقصود دونه ؛ على أن جهله نقص في حق الجميع .
إذا تقرر ذلك ؛ فما كان من التفسير راجعا إلى هذا القسم فسبيل المفسر التوقف فيه على ما ورد في لسان العرب ، وليس لغير العالم بحقائق اللغة ومفهوماتها تفسير شيء من الكتاب العزيز ، ولا يكفي في حقه تعلم اليسير منها ، فقد يكون اللفظ مشتركا وهو يعلم أحد المعنيين .
الثاني : ما لا يعذر واحد بجهله ، وهو
nindex.php?page=treesubj&link=28962ما تتبادر الأفهام إلى معرفة معناه من النصوص المتضمنة شرائع الأحكام ودلائل التوحيد ؛ وكل لفظ أفاد معنى واحدا جليا لا سواه يعلم أنه مراد الله - تعالى . فهذا القسم لا يختلف حكمه ، ولا يلتبس تأويله ، إذ كل أحد يدرك معنى التوحيد من قوله - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=19فاعلم أنه لا إله إلا الله ( محمد : 19 ) وأنه لا شريك له في إلهيته ، وإن لم يعلم أن " لا " موضوعة في اللغة للنفي ، و " إلا " للإثبات وأن مقتضى هذه الكلمة الحصر ، ويعلم كل أحد بالضرورة أن مقتضى قوله - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=43وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ( البقرة : 43 ) ونحوها من الأوامر - طلب إدخال ماهية المأمور به في الوجود ، وإن لم يعلم أن صيغة " افعل " مقتضاها الترجيح وجوبا أو ندبا ، فما كان من هذا القسم لا يقدر أحد يدعي الجهل بمعاني ألفاظه ، لأنها معلومة لكل أحد بالضرورة .
الثالث :
nindex.php?page=treesubj&link=28962ما لا يعلمه إلا الله - تعالى - فهو ما يجري مجرى الغيوب نحو الآي المتضمنة قيام الساعة ونزول الغيث وما في الأرحام ، وتفسير الروح ، والحروف المقطعة . وكل متشابه في القرآن عند أهل الحق فلا مساغ للاجتهاد في تفسيره ، ولا طريق إلى ذلك إلا بالتوقيف من أحد ثلاثة أوجه : إما نص من التنزيل ، أو بيان من النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أو إجماع الأمة على تأويله ؛ فإذا لم يرد فيه توقيف من هذه الجهات علمنا أنه مما استأثر الله - تعالى - بعلمه .
والرابع :
nindex.php?page=treesubj&link=28964_28956ما يرجع إلى اجتهاد العلماء ، وهو الذي يغلب عليه إطلاق التأويل ؛
[ ص: 308 ] وهو صرف اللفظ إلى ما يؤول إليه فالمفسر ناقل ، والمؤول مستنبط ، وذلك استنباط الأحكام ، وبيان المجمل ، وتخصيص العموم . وكل لفظ احتمل معنيين فصاعدا فهو الذي لا يجوز لغير العلماء الاجتهاد فيه ، وعلى العلماء اعتماد الشواهد والدلائل ، وليس لهم أن يعتمدوا مجرد رأيهم فيه ، على ما تقدم بيانه .
nindex.php?page=treesubj&link=28905وكل لفظ احتمل معنيين ، فهو قسمان : أحدهما : أن يكون أحدهما أظهر من الآخر ، فيجب الحمل على الظاهر إلا أن يقوم دليل على أن المراد هو الخفي دون الجلي فيحمل عليه .
الثاني : أن يكونا جليين والاستعمال فيهما حقيقة . وهذا على ضربين :
أحدهما : أن تختلف أصل الحقيقة فيهما ، فيدور اللفظ بين معنيين ؛ هو في أحدهما حقيقة لغوية ، وفي الآخر حقيقة شرعية ، فالشرعية أولى إلا أن تدل قرينته على إرادة اللغوية ، نحو قوله - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=103وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم ( التوبة : 103 ) وكذلك إذا دار بين اللغوية والعرفية ، فالعرفية أولى لجريانها على اللغة ، ولو دار بين الشرعية والعرفية ، فالشرعية أولى لأن الشرع ألزم .
الضرب الثاني : لا تختلف أصل الحقيقة ، بل كلا المعنيين استعمل فيهما ، في اللغة أو في الشرع أو العرف على حد سواء . وهذا أيضا على ضربين :
أحدهما : أن يتنافيا اجتماعا ، ولا يمكن إرادتهما باللفظ الواحد ، كالقرء ؛ حقيقة في الحيض والطهر ، فعلى المجتهد أن يجتهد في المراد منهما بالأمارات الدالة عليه ؛ فإذا وصل إليه كان هو مراد الله في حقه ، وإن اجتهد مجتهد آخر فأدى اجتهاده إلى المعنى الآخر كان ذلك مراد الله - تعالى - في حقه ؛ لأنه نتيجة اجتهاده ، وما كلف به ، فإن لم يترجح أحد الأمرين لتكافؤ الأمارات ، فقد اختلف أهل العلم ؛ فمنهم من قال : يخير في الحمل على أيهما شاء ، ومنهم من قال : يأخذ بأعظمهما حكما ، ولا يبعد اطراد وجه ثالث ، وهو أن يأخذ بالأخف ؛ كاختلاف جواب المفتين .
الضرب الثاني : ألا يتنافيا اجتماعا ، فيجب الحمل عليهما عند المحققين ،
[ ص: 309 ] ويكون ذلك أبلغ في الإعجاز والفصاحة ، وأحفظ في حق المكلف ؛ إلا أن يدل دليل على إرادة أحدهما . وهذا أيضا ضربان :
أحدهما : أن تكون دلالته مقتضية لبطلان المعنى الآخر ، فيتعين المدلول عليه للإرادة .
الثاني : ألا يقتضي بطلانه ، وهذا اختلف العلماء فيه ، فمنهم من قال : يثبت حكم المدلول عليه ويكون مرادا ، ولا يحكم بسقوط المعنى الآخر ، بل يجوز أن يكون مرادا أيضا ، وإن لم يدل عليه دليل من خارج لأن موجب اللفظ عليهما فاستويا في حكمه ، وإن ترجح أحدهما بدليل من خارج . ومنهم من قال : ما ترجح بدليل من خارج أثبت حكما من الآخر ؛ لقوته بمظاهرة الدليل الآخر .
فهذا أصل نافع معتبر في وجوه التفسير في اللفظ المحتمل ، والله أعلم .
إذا تقرر ذلك فينزل
nindex.php?page=treesubj&link=28964قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=1018663من تكلم في القرآن بغير علم ، فليتبوأ مقعده من النار ) على قسمين من هذه الأربعة :
أحدهما : تفسير اللفظ لاحتياج المفسر له إلى التبحر في معرفة لسان العرب .
الثاني : حمل اللفظ المحتمل على أحد معنييه لاحتياج ذلك إلى معرفة أنواع من العلوم : علم العربية واللغة والتبحر فيهما ، ومن علم الأصول ما يدرك به حدود الأشياء ، وصيغ الأمر والنهي والخبر ، والمجمل والمبين ، والعموم والخصوص ، والظاهر والمضمر ، والمحكم والمتشابه والمؤول ، والحقيقة والمجاز ، والصريح والكناية ، والمطلق والمقيد ، ومن علوم الفروع ما يدرك به استنباطا ، والاستدلال على هذا أقل ما يحتاج إليه . ومع ذلك فهو على خطر ، فعليه أن يقول : يحتمل كذا ولا يجزم إلا في حكم اضطر إلى الفتوى به ، فأدى اجتهاده إليه ، فيحرم خلافه مع تجويز خلافه عند الله .
فإن قيل : فقد ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
ما نزل من القرآن من آية إلا ولها ظهر وبطن ، ولكل حرف حد ، ولكل حد مطلع ، فما معنى ذلك ؟
قلت : أما قوله :
" ظهر وبطن " ففي تأويله أربعة أقوال : أحدها - وهو قول
الحسن -
[ ص: 310 ] إنك إذا بحثت عن باطنها وقسته على ظاهرها وقفت على معناها . والثاني : - قول
أبي عبيد - إن القصص ظاهرها الإخبار بهلاك الأولين ، وباطنها عظة للآخرين . الثالث : - قول
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود رضي الله عنه - إنه ما من آية إلا عمل بها قوم ، ولها قوم سيعملون بها . الرابع : - قاله بعض المتأخرين - إن ظاهرها لفظها ، وباطنها تأويلها . وقول
أبي عبيد أقربها .
وأما قوله : " ولكل حرف حد " ففيه تأويلان :
أحدهما : لكل حرف منتهى فيما أراد الله من معناه . الثاني : معناه أن لكل حكم مقدارا من الثواب والعقاب .
وأما قوله : ولكل حد مطلع ، ففيه قولان :
أحدهما : لكل غامض من المعاني والأحكام مطلع يتوصل إلى معرفته ، ويوقف على المراد به .
والثاني : لكل ما يستحقه من الثواب والعقاب مطلع يطلع عليه في الآخرة ، ويراه عند المجازاة .
وقال بعضهم : منه ما لا يعلم تأويله إلا الله الواحد القهار ، وذلك آجال حادثة في أوقات آتية ، كوقت قيام الساعة ، والنفخ في الصور ، ونزول
عيسى ابن مريم ، وما أشبه ذلك .
لقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=187لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض ( الأعراف : 187 ) ومنه ما يعلم تأويله كل ذي علم باللسان الذي نزل به القرآن ، وذلك إبانة غرائبه ، ومعرفة المسميات بأسمائها اللازمة غير المشتركة منها ، أو الموصوفات بصفاتها الخاصة دون ما سواها ، فإن ذلك لا يجهله أحد منهم ، وذلك كسامع منهم لو سمع تاليا يتلو :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=11وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=12ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ( البقرة : 11 و 12 ) لم يجهل أن معنى الفساد هو ما ينبغي تركه مما هو
[ ص: 311 ] مضرة ، وأن الصلاح مما ينبغي فعله مما هو منفعة ، وإن جهل المعاني التي جعلها الله إفسادا والمعاني التي جعلها الله إصلاحا . فأما تعليم التفسير ونقله عمن قوله حجة ففيه ثواب وأجر عظيم ، كتعليم الأحكام من الحلال والحرام .
تنبيه
وَقَدْ رَوَى
عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي " تَفْسِيرِهِ " : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثَّوْرِيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، " أَنَّهُ قَسَّمَ التَّفْسِيرَ إِلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ :
nindex.php?page=treesubj&link=28962قِسْمٌ تَعْرِفُهُ الْعَرَبُ فِي كَلَامِهَا ، وَقِسْمٌ لَا يُعْذَرُ أَحَدٌ بِجَهَالَتِهِ ؛ يَقُولُ مِنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ ، وَقِسْمٌ يَعْلَمُهُ الْعُلَمَاءُ خَاصَّةً ، وَقِسْمٌ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ ، وَمَنِ ادَّعَى عِلْمَهُ فَهُوَ كَاذِبٌ . وَهَذَا تَقْسِيمٌ صَحِيحٌ .
فَأَمَّا الَّذِي تَعْرِفُهُ الْعَرَبُ ، فَهُوَ الَّذِي يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى لِسَانِهِمْ ، وَذَلِكَ شَأْنُ اللُّغَةِ وَالْإِعْرَابِ . فَأَمَّا اللُّغَةُ فَعَلَى الْمُفَسِّرِ مَعْرِفَةُ مَعَانِيهَا ، وَمُسَمَّيَاتِ أَسْمَائِهَا ، وَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الْقَارِئَ . ثُمَّ إِنْ كَانَ مَا تَتَضَمَّنُهُ أَلْفَاظُهَا يُوجِبُ الْعَمَلَ دُونَ الْعِلْمِ ، كَفَى فِيهِ خَبَرُ الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالِاسْتِشْهَادُ بِالْبَيْتِ وَالْبَيْتَيْنِ ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُوجِبُ الْعِلْمَ دُونَ الْعَمَلِ لَمْ يَكْفِ ذَلِكَ ، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَسْتَفِيضَ ذَلِكَ اللَّفْظُ ، وَتَكْثُرُ شَوَاهِدَهُ مِنَ الشِّعْرِ .
وَأَمَّا الْإِعْرَابُ ؛ فَمَا كَانَ اخْتِلَافُهُ مُحِيلًا لِلْمَعْنَى وَجَبَ عَلَى الْمُفَسِّرِ وَالْقَارِئِ تَعَلُّمُهُ ، لِيَتَوَصَّلَ الْمُفَسِّرُ إِلَى مَعْرِفَةِ الْحُكْمِ ، وَلِيَسْلَمَ الْقَارِئُ مِنَ اللَّحْنِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحِيلًا لِلْمَعْنَى
[ ص: 307 ] وَجَبَ تَعَلُّمُهُ عَلَى الْقَارِئِ لِيَسْلَمَ مِنَ اللَّحْنِ ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُفَسِّرِ لِيَتَوَصَّلَ إِلَى الْمَقْصُودِ دُونَهُ ؛ عَلَى أَنَّ جَهْلَهُ نَقْصٌ فِي حَقِّ الْجَمِيعِ .
إِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ ؛ فَمَا كَانَ مِنَ التَّفْسِيرِ رَاجِعًا إِلَى هَذَا الْقِسْمِ فَسَبِيلُ الْمُفَسِّرِ التَّوَقُّفُ فِيهِ عَلَى مَا وَرَدَ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ ، وَلَيْسَ لِغَيْرِ الْعَالَمِ بِحَقَائِقِ اللُّغَةِ وَمَفْهُومَاتِهَا تَفْسِيرُ شَيْءٍ مِنَ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ ، وَلَا يَكْفِي فِي حَقِّهِ تَعَلُّمُ الْيَسِيرِ مِنْهَا ، فَقَدْ يَكُونُ اللَّفْظُ مُشْتَرَكًا وَهُوَ يَعْلَمُ أَحَدَ الْمَعْنَيَيْنِ .
الثَّانِي : مَا لَا يُعْذَرُ وَاحِدٌ بِجَهْلِهِ ، وَهُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=28962مَا تَتَبَادَرُ الْأَفْهَامُ إِلَى مَعْرِفَةِ مَعْنَاهُ مِنَ النُّصُوصِ الْمُتَضَمِّنَةِ شَرَائِعَ الْأَحْكَامِ وَدَلَائِلَ التَّوْحِيدِ ؛ وَكُلَّ لَفْظٍ أَفَادَ مَعْنًى وَاحِدًا جَلِيًّا لَا سِوَاهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ مُرَادُ اللَّهِ - تَعَالَى . فَهَذَا الْقِسْمُ لَا يَخْتَلِفُ حُكْمُهُ ، وَلَا يَلْتَبِسُ تَأْوِيلُهُ ، إِذْ كَلُّ أَحَدٍ يُدْرِكُ مَعْنَى التَّوْحِيدِ مِنْ قَوْلِهِ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=19فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ( مُحَمَّدٍ : 19 ) وَأَنَّهُ لَا شَرِيكَ لَهُ فِي إِلَهِيَّتِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ " لَا " مَوْضُوعَةٌ فِي اللُّغَةِ لِلنَّفْيِ ، وَ " إِلَّا " لِلْإِثْبَاتِ وَأَنَّ مُقْتَضَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ الْحَصْرُ ، وَيَعْلَمُ كُلُّ أَحَدٍ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ مُقْتَضَى قَوْلِهِ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=43وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ( الْبَقَرَةِ : 43 ) وَنَحْوَهَا مِنَ الْأَوَامِرِ - طَلَبُ إِدْخَالِ مَاهِيَّةِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي الْوُجُودِ ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ صِيغَةَ " افْعَلْ " مُقْتَضَاهَا التَّرْجِيحُ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا ، فَمَا كَانَ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ يَدَّعِي الْجَهْلَ بِمَعَانِي أَلْفَاظِهِ ، لِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ لِكُلِّ أَحَدٍ بِالضَّرُورَةِ .
الثَّالِثُ :
nindex.php?page=treesubj&link=28962مَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ - تَعَالَى - فَهُوَ مَا يَجْرِي مَجْرَى الْغُيُوبِ نَحْوُ الْآيِ الْمُتَضَمِّنَةِ قِيَامَ السَّاعَةِ وَنُزُولَ الْغَيْثِ وَمَا فِي الْأَرْحَامِ ، وَتَفْسِيرَ الرُّوحِ ، وَالْحُرُوفَ الْمُقَطَّعَةِ . وَكُلُّ مُتَشَابِهٍ فِي الْقُرْآنِ عِنْدَ أَهْلِ الْحَقِّ فَلَا مَسَاغَ لِلِاجْتِهَادِ فِي تَفْسِيرِهِ ، وَلَا طَرِيقَ إِلَى ذَلِكَ إِلَّا بِالتَّوْقِيفِ مِنْ أَحَدِ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ : إِمَّا نَصٌّ مِنَ التَّنْزِيلِ ، أَوْ بَيَانٌ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، أَوْ إِجْمَاعُ الْأُمَّةِ عَلَى تَأْوِيلِهِ ؛ فَإِذَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ تَوْقِيفٌ مِنْ هَذِهِ الْجِهَاتِ عَلِمْنَا أَنَّهُ مِمَّا اسْتَأْثَرَ اللَّهُ - تَعَالَى - بِعِلْمِهِ .
وَالرَّابِعُ :
nindex.php?page=treesubj&link=28964_28956مَا يَرْجِعُ إِلَى اجْتِهَادِ الْعُلَمَاءِ ، وَهُوَ الَّذِي يَغْلِبُ عَلَيْهِ إِطْلَاقُ التَّأْوِيلِ ؛
[ ص: 308 ] وَهُوَ صَرْفُ اللَّفْظِ إِلَى مَا يُؤَوَّلُ إِلَيْهِ فَالْمُفَسِّرُ نَاقِلٌ ، وَالْمُؤَوِّلُ مُسْتَنْبِطٌ ، وَذَلِكَ اسْتِنْبَاطُ الْأَحْكَامِ ، وَبَيَانُ الْمُجْمَلِ ، وَتَخْصِيصُ الْعُمُومِ . وَكُلُّ لَفْظٍ احْتَمَلَ مَعْنَيَيْنِ فَصَاعِدًا فَهُوَ الَّذِي لَا يَجُوزُ لِغَيْرِ الْعُلَمَاءِ الِاجْتِهَادُ فِيهِ ، وَعَلَى الْعُلَمَاءِ اعْتِمَادُ الشَّوَاهِدِ وَالدَّلَائِلِ ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَعْتَمِدُوا مُجَرَّدَ رَأْيِهِمْ فِيهِ ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ .
nindex.php?page=treesubj&link=28905وَكُلُّ لَفْظٍ احْتَمَلَ مَعْنَيَيْنِ ، فَهُوَ قِسْمَانِ : أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَظْهَرَ مِنَ الْآخَرِ ، فَيَجِبُ الْحَمْلُ عَلَى الظَّاهِرِ إِلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ هُوَ الْخَفِيُّ دُونَ الْجَلِيِّ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ .
الثَّانِي : أَنْ يَكُونَا جَلِيَّيْنِ وَالِاسْتِعْمَالُ فِيهِمَا حَقِيقَةٌ . وَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنْ تَخْتَلِفَ أَصْلُ الْحَقِيقَةِ فِيهِمَا ، فَيَدُورُ اللَّفْظُ بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ ؛ هُوَ فِي أَحَدِهِمَا حَقِيقَةٌ لُغَوِيَّةٌ ، وَفِي الْآخَرِ حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ ، فَالشَّرْعِيَّةُ أَوْلَى إِلَّا أَنْ تَدُلَّ قَرِينَتُهُ عَلَى إِرَادَةِ اللُّغَوِيَّةِ ، نَحْوُ قَوْلِهِ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=103وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ( التَّوْبَةِ : 103 ) وَكَذَلِكَ إِذَا دَارَ بَيْنَ اللُّغَوِيَّةِ وَالْعُرْفِيَّةِ ، فَالْعُرْفِيَّةُ أَوْلَى لِجَرَيَانِهَا عَلَى اللُّغَةِ ، وَلَوْ دَارَ بَيْنَ الشَّرْعِيَّةِ وَالْعُرْفِيَّةِ ، فَالشَّرْعِيَّةُ أَوْلَى لِأَنَّ الشَّرْعَ أَلْزَمُ .
الضَّرْبُ الثَّانِي : لَا تَخْتَلِفُ أَصْلُ الْحَقِيقَةِ ، بَلْ كِلَا الْمَعْنَيَيْنِ اسْتُعْمِلَ فِيهِمَا ، فِي اللُّغَةِ أَوْ فِي الشَّرْعِ أَوِ الْعُرْفِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ . وَهَذَا أَيْضًا عَلَى ضَرْبَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنْ يَتَنَافَيَا اجْتِمَاعًا ، وَلَا يُمْكِنَ إِرَادَتُهُمَا بِاللَّفْظِ الْوَاحِدِ ، كَالْقُرْءِ ؛ حَقِيقَةٌ فِي الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ ، فَعَلَى الْمُجْتَهِدِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي الْمُرَادِ مِنْهُمَا بِالْأَمَارَاتِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ ؛ فَإِذَا وَصَلَ إِلَيْهِ كَانَ هُوَ مُرَادَ اللَّهِ فِي حَقِّهِ ، وَإِنِ اجْتَهَدَ مُجْتَهِدٌ آخَرُ فَأَدَّى اجْتِهَادُهُ إِلَى الْمَعْنَى الْآخَرِ كَانَ ذَلِكَ مُرَادُ اللَّهِ - تَعَالَى - فِي حَقِّهِ ؛ لِأَنَّهُ نَتِيجَةُ اجْتِهَادِهِ ، وَمَا كُلِّفَ بِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَتَرَجَّحْ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ لِتَكَافُؤِ الْأَمَارَاتِ ، فَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : يُخَيَّرُ فِي الْحَمْلِ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : يَأْخُذُ بِأَعْظَمِهِمَا حُكْمًا ، وَلَا يَبْعُدُ اطِّرَادُ وَجْهٍ ثَالِثٍ ، وَهُوَ أَنْ يَأْخُذَ بِالْأَخَفِّ ؛ كَاخْتِلَافِ جَوَابِ الْمُفْتِينَ .
الضَّرْبُ الثَّانِي : أَلَّا يَتَنَافَيَا اجْتِمَاعًا ، فَيَجِبُ الْحَمْلُ عَلَيْهِمَا عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ ،
[ ص: 309 ] وَيَكُونُ ذَلِكَ أَبْلَغُ فِي الْإِعْجَازِ وَالْفَصَاحَةِ ، وَأَحْفَظُ فِي حَقِّ الْمُكَلَّفِ ؛ إِلَّا أَنْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى إِرَادَةِ أَحَدِهِمَا . وَهَذَا أَيْضًا ضَرْبَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنْ تَكُونَ دَلَالَتُهُ مُقْتَضِيَةً لِبُطْلَانِ الْمَعْنَى الْآخَرِ ، فَيَتَعَيَّنُ الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ لِلْإِرَادَةِ .
الثَّانِي : أَلَّا يَقْتَضِيَ بُطْلَانَهُ ، وَهَذَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : يَثْبُتُ حُكْمُ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ وَيَكُونُ مُرَادًا ، وَلَا يُحْكَمُ بِسُقُوطِ الْمَعْنَى الْآخَرِ ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا أَيْضًا ، وَإِنْ لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ دَلِيلٌ مِنْ خَارِجٍ لِأَنَّ مُوجِبَ اللَّفْظِ عَلَيْهِمَا فَاسْتَوَيَا فِي حُكْمِهِ ، وَإِنْ تَرَجَّحَ أَحَدُهُمَا بِدَلِيلٍ مِنْ خَارِجٍ . وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : مَا تَرَجَّحَ بِدَلِيلٍ مِنْ خَارِجٍ أَثْبَتُ حُكْمًا مِنَ الْآخَرِ ؛ لِقُوَّتِهِ بِمُظَاهَرَةِ الدَّلِيلِ الْآخَرِ .
فَهَذَا أَصْلٌ نَافِعٌ مُعْتَبَرٌ فِي وُجُوهِ التَّفْسِيرِ فِي اللَّفْظِ الْمُحْتَمِلِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
إِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَيَنْزِلُ
nindex.php?page=treesubj&link=28964قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=1018663مَنْ تَكَلَّمَ فِي الْقُرْآنِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ) عَلَى قِسْمَيْنِ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ :
أَحَدُهُمَا : تَفْسِيرُ اللَّفْظِ لِاحْتِيَاجِ الْمُفَسِّرِ لَهُ إِلَى التَّبَحُّرِ فِي مَعْرِفَةِ لِسَانِ الْعَرَبِ .
الثَّانِي : حَمْلُ اللَّفْظِ الْمُحْتَمِلِ عَلَى أَحَدِ مَعْنَيَيْهِ لِاحْتِيَاجِ ذَلِكَ إِلَى مَعْرِفَةِ أَنْوَاعٍ مِنَ الْعُلُومِ : عِلْمِ الْعَرَبِيَّةِ وَاللُّغَةِ وَالتَّبَحُّرِ فِيهِمَا ، وَمِنْ عِلْمِ الْأُصُولِ مَا يُدْرَكُ بِهِ حُدُودُ الْأَشْيَاءِ ، وَصِيَغُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْخَبَرِ ، وَالْمُجْمَلُ وَالْمُبَيَّنُ ، وَالْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ ، وَالظَّاهِرُ وَالْمُضْمَرُ ، وَالْمُحْكَمُ وَالْمُتَشَابِهُ وَالْمُؤَوَّلُ ، وَالْحَقِيقَةُ وَالْمَجَازُ ، وَالصَّرِيحُ وَالْكِنَايَةُ ، وَالْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ ، وَمِنْ عُلُومِ الْفُرُوعِ مَا يُدْرَكُ بِهِ اسْتِنْبَاطًا ، وَالِاسْتِدْلَالُ عَلَى هَذَا أَقَلُّ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ . وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى خَطَرٍ ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ : يَحْتَمِلُ كَذَا وَلَا يَجْزِمُ إِلَّا فِي حُكْمٍ اضْطُرَّ إِلَى الْفَتْوَى بِهِ ، فَأَدَّى اجْتِهَادُهُ إِلَيْهِ ، فَيَحْرُمُ خِلَافُهُ مَعَ تَجْوِيزِ خِلَافِهِ عِنْدَ اللَّهِ .
فَإِنْ قِيلَ : فَقَدْ وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ :
مَا نَزَلْ مِنَ الْقُرْآنِ مِنْ آيَةٍ إِلَّا وَلَهَا ظَهْرٌ وَبَطْنٌ ، وَلِكُلِّ حَرْفٍ حَدٌّ ، وَلِكُلِّ حَدٍّ مَطْلَعٌ ، فَمَا مَعْنَى ذَلِكَ ؟
قُلْتُ : أَمَّا قَوْلُهُ :
" ظَهْرٌ وَبَطْنٌ " فَفِي تَأْوِيلِهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ : أَحَدُهَا - وَهُوَ قَوْلُ
الْحَسَنِ -
[ ص: 310 ] إِنَّكَ إِذَا بَحَثْتَ عَنْ بَاطِنِهَا وَقِسْتَهُ عَلَى ظَاهِرِهَا وَقَفْتَ عَلَى مَعْنَاهَا . وَالثَّانِي : - قَوْلُ
أَبِي عُبَيْدٍ - إِنَّ الْقَصَصَ ظَاهِرَهَا الْإِخْبَارُ بِهَلَاكِ الْأَوَّلِينَ ، وَبَاطِنُهَا عِظَةٌ لِلْآخَرِينَ . الثَّالِثُ : - قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إِنَّهُ مَا مِنْ آيَةٍ إِلَّا عَمِلَ بِهَا قَوْمٌ ، وَلَهَا قَوْمٌ سَيَعْمَلُونَ بِهَا . الرَّابِعُ : - قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ - إِنَّ ظَاهِرَهَا لَفْظُهَا ، وَبَاطِنَهَا تَأْوِيلُهَا . وَقَوْلُ
أَبِي عُبَيْدٍ أَقْرَبُهَا .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : " وَلِكُلِّ حَرْفٍ حَدٌّ " فَفِيهِ تَأْوِيلَانِ :
أَحَدُهُمَا : لِكُلِّ حَرْفٍ مُنْتَهًى فِيمَا أَرَادَ اللَّهُ مِنْ مَعْنَاهُ . الثَّانِي : مَعْنَاهُ أَنَّ لِكُلِّ حُكْمٍ مِقْدَارًا مِنَ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : وَلِكُلِّ حَدٍّ مَطْلَعٌ ، فَفِيهِ قَوْلَانِ :
أَحَدُهُمَا : لِكُلِّ غَامِضٍ مِنَ الْمَعَانِي وَالْأَحْكَامِ مَطْلَعٌ يُتَوَصَّلُ إِلَى مَعْرِفَتِهِ ، وَيُوقَفُ عَلَى الْمُرَادِ بِهِ .
وَالثَّانِي : لِكُلِّ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنَ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ مُطْلَعٌ يُطَّلَعُ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ ، وَيَرَاهُ عِنْدَ الْمُجَازَاةِ .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ : مِنْهُ مَا لَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ، وَذَلِكَ آجَالٌ حَادِثَةٌ فِي أَوْقَاتٍ آتِيَةٍ ، كَوَقْتِ قِيَامِ السَّاعَةِ ، وَالنَّفْخِ فِي الصُّورِ ، وَنُزُولِ
عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ .
لِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=187لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ( الْأَعْرَافِ : 187 ) وَمِنْهُ مَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ كُلُّ ذِي عِلْمٍ بِاللِّسَانِ الَّذِي نَزَلَ بِهِ الْقُرْآنُ ، وَذَلِكَ إِبَانَةُ غَرَائِبِهِ ، وَمَعْرِفَةُ الْمُسَمَّيَاتِ بِأَسْمَائِهَا اللَّازِمَةِ غَيْرِ الْمُشْتَرَكَةِ مِنْهَا ، أَوِ الْمَوْصُوفَاتِ بِصِفَاتِهَا الْخَاصَّةِ دُونَ مَا سِوَاهَا ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجْهَلُهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ ، وَذَلِكَ كَسَامِعٍ مِنْهُمْ لَوْ سَمِعَ تَالِيًا يَتْلُو :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=11وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=12أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ ( الْبَقَرَةِ : 11 وَ 12 ) لَمْ يَجْهَلْ أَنَّ مَعْنَى الْفَسَادِ هُوَ مَا يَنْبَغِي تَرْكُهُ مِمَّا هُوَ
[ ص: 311 ] مَضَرَّةٌ ، وَأَنَّ الصَّلَاحَ مِمَّا يَنْبَغِي فِعْلُهُ مِمَّا هُوَ مَنْفَعَةٌ ، وَإِنْ جَهِلَ الْمَعَانِيَ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ إِفْسَادًا وَالْمَعَانِيَ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ إِصْلَاحًا . فَأَمَّا تَعْلِيمُ التَّفْسِيرِ وَنَقْلُهُ عَمَّنْ قَوْلُهُ حُجَّةٌ فَفِيهِ ثَوَابٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ، كَتَعْلِيمِ الْأَحْكَامِ مِنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ .
تَنْبِيهٌ