قرأه الجمهور بالصاد ، وقرئ السراط بالسين ، والزراط بالزاي ، والهداية قد يتعذر فعلها بنفسه كما هنا ، وكقوله : وهديناه النجدين [ البلد : 10 ] وقد يتعدى بإلى قوله : اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم [ النحل : 121 ] فاهدوهم إلى صراط الجحيم [ الصافات : 23 ] وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم [ الشورى : 52 ] وقد يتعدى باللام كقوله : الحمد لله الذي هدانا لهذا [ الأعراف : 43 ] إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم [ الإسراء : 9 ] قال : أصله أن يتعدى باللام أو بإلى انتهى . الزمخشري
وهي الإرشاد أو التوفيق أو الإلهام أو الدلالة .
وفرق كثير من المتأخرين بين معنى المتعدي بنفسه وغير المتعدي فقالوا : معنى الأول الدلالة ، والثاني الإيصال .
وطلب الهداية من المهتدي معناه طلب الزيادة كقوله تعالى : والذين اهتدوا زادهم هدى [ محمد : 17 ] والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا [ العنكبوت : 69 ] والصراط : الطريق ، قال : أجمعت الأمة من أهل التأويل جميعا على أن الصراط المستقيم هو الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه ، وهو كذلك في لغة جميع العرب . ابن جرير
قال : ثم تستعير العرب الصراط فتستعمله فتصف المستقيم باستقامته والمعوج باعوجاجه .
وقد أخرج الحاكم [ ص: 19 ] وصححه وتعقبه الذهبي عن أبي هريرة اهدنا الصراط المستقيم بالصاد " . " أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قرأ
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد في تاريخه عن والبخاري " أنه قرأ الصراط بالسين " . ابن عباس
وأخرج عن ابن الأنباري ابن كثير أنه كان يقرأ السراط بالسين .
وأخرج أيضا عن حمزة أنه كان يقرأ الزراط بالزاي قال الفراء : وهي لغة لعذرة وكلب وبني القين .
وأخرج عن ابن أبي حاتم أنه قال : ابن عباس اهدنا الصراط المستقيم يقول : ألهمنا دينك الحق .
وأخرج عنه ابن جرير وابن المنذر نحوه .
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه عن أنه قال : " هو دين الإسلام وهو أوسع مما بين السماء والأرض " . جابر بن عبد الله
وأخرج نحوه عن ابن جرير . ابن عباس
وأخرج نحوه أيضا عن وناس من الصحابة . ابن مسعود
وأخرج أحمد وحسنه والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ والحاكم وصححه ، وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن النواس بن سمعان عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : . ضرب الله مثلا صراطا مستقيما ، وعلى جنبتي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة ، وعلى الأبواب ستور مرخاة ، وعلى باب الصراط داع يقول : يا أيها الناس ادخلوا الصراط جميعا ولا تفرقوا ، وداع يدعو من فوق الصراط ، فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئا من تلك الأبواب قال : ويحك لا تفتحه فإنك إن تفتحه تلجه ، فالصراط : الإسلام ، والسوران : حدود الله ، والأبواب المفتحة : محارم الله ، وذلك الداعي على رأس الصراط : كتاب الله ، والداعي من فوق : واعظ الله تعالى في قلب كل مسلم
قال ابن كثير بعد إخراجه : وهو إسناد حسن صحيح .
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن المنذر وأبو بكر الأنباري والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن أنه قال : " هو كتاب الله " . ابن مسعود
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عدي عن وابن عساكر أبي العالية قال : هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصاحباه من بعده .
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي العالية عن مثله . ابن عباس
وروى القرطبي عن أنه قال : الصراط المستقيم طريق الحج ، قال : وهذا خاص والعموم أولى انتهى . الفضيل بن عياض
وجميع ما روي في تفسير هذه الآية ما عدا هذا المروي عن الفضيل يصدق بعضه على بعض ، فإن من اتبع الإسلام أو القرآن أو النبي فقد اتبع الحق .
وقد ذكر نحو هذا فقال : والذي هو أولى بتأويل هذه الآية عندي معنيا به ، وفقنا للثبات على ما ارتضيته ، ووفقت له من أنعمت عليه من عبادك من قول وعمل ، وذلك هو الصراط المستقيم ، لأن من وفق إليه ممن أنعم الله عليه من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين فقد وفق للإسلام وتصديق الرسل ، والتمسك بالكتاب ، والعمل بما أمره الله به والانزجار عما زجره عنه ، واتباع منهاج النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومنهاج الخلفاء الأربعة وكل عبد صالح ، وكل ذلك من الصراط المستقيم انتهى . ابن جرير