ثم أخبر - سبحانه - عن نوع من أنواع بديع صنعه وعظيم قدرته ، ليتفكروا في ذلك وليعتبروا به ، فقال : والله الذي أرسل الرياح قرأ الجمهور : الرياح ، وقرأ ابن كثير ، وابن محيصن ، والأعمش ، ويحيى بن وثاب وحمزة " الريح " بالإفراد فتثير سحابا جاء بالمضارع بعد الماضي استحضارا للصورة ، لأن ذلك أدخل في اعتبار المعتبرين ، ومعنى كونها : تثير السحاب أنها تزعجه من حيث هو والكسائي فسقناه إلى بلد ميت قال أبو عبيدة : سبيله فتسوقه ، لأنه قال : فتثير سحابا .
قيل : النكتة في التعبير بالماضيين بعد المضارع : الدلالة على التحقق .
قال ميت وميت واحد ، وقال هذا قول البصريين ، وأنشد : المبرد
ليس من مات فاستراح بميت إنما الميت ميت الأحياء
فأحيينا به الأرض أي : أحيينا بالمطر الأرض بإنبات ما ينبت فيها ، وإن لم يتقدم ذكر المطر فالسحاب يدل عليه ، أو أحيينا بالسحاب ، لأنه سبب المطر بعد موتها أي : بعد يبسها ، استعار الإحياء للنبات والموت لليبس كذلك النشور أي : كذلك يحيي الله العباد بعد موتهم كما أحيا الأرض بعد موتها ، والنشور : البعث ، من نشر الإنسان نشورا ، والكاف في محل رفع على الخبرية أي : مثل إحياء موات الأرض إحياء الأموات ، فكيف تنكرونه وقد شاهدتم غير مرة ما هو مثله وشبيهه به .
من كان يريد العزة قال الفراء معناه من كان علم العزة لمن هي ، فإنها لله جميعا .
وقال قتادة : من كان يريد العزة فليتعزز بطاعة الله ، فجعل معنى فلله العزة : الدعاء إلى طاعة من له العزة ، كما يقال : من أراد المال فالمال لفلان أي : فليطلبه من عنده .
وقال : تقديره من كان يريد بعبادة الله العزة والعزة له - سبحانه - ، فإن الله - عز وجل - يعزه في الدنيا والآخرة . الزجاج
وقيل : المراد بقوله : من كان يريد العزة المشركون ، فإنهم كانوا يتعززون بعبادة الأصنام : كقوله : واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا [ مريم : 81 ] وقيل : المراد : الذين كانوا يتعززون بهم من الذين آمنوا بألسنتهم الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة [ النساء : 139 ] الآية فلله العزة جميعا أي : فليطلبها منه لا من غيره ، والظاهر في معنى الآية : أن من كان يريد العزة ويطلبها ، فليطلبها من الله - عز وجل - : فلله العزة جميعا ، ليس لغيره منها شيء ، فتشمل الآية كل من طلب العزة ، ويكون المقصود بها التنبيه لذوي الأقدار والهمم من أين تنال العزة ، ومن أي جهة تطلب ؟ إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه أي : إلى الله يصعد لا إلى غيره ، ومعنى صعوده إليه قبوله له ، أو صعود الكتبة من الملائكة بما يكتبونه من الصحف ، وخص الكلم الطيب بالذكر لبيان الثواب عليه ، وهو يتناول كل كلام يتصف بكونه طيبا من ذكر لله ، وأمر بمعروف ، ونهي عن منكر ، وتلاوة وغير ذلك ، فلا وجه لتخصيصه بكلمة التوحيد ، أو بالتحميد والتمجيد .
وقيل : المراد بصعوده صعوده إلى سماء الدنيا . وقيل : المراد بصعوده علم الله به ، ومعنى والعمل الصالح يرفعه أن العمل الصالح يرفع الكلم الطيب ، كما قال الحسن ، ، وشهر بن حوشب ، وسعيد بن جبير ومجاهد ، وقتادة ، وأبو العالية ، والضحاك ، ووجهه : أنه لا يقبل الكلم الطيب إلا مع العمل الصالح .
وقيل : إن فاعل يرفعه هو الكلم الطيب ، ومفعوله العمل الصالح ، ووجهه : أن العمل الصالح لا يقبل إلا مع التوحيد والإيمان .
وقيل : إن فاعل يرفعه ضمير يعود إلى الله - عز وجل - .
والمعنى : أن الله يرفع العمل الصالح على الكلم الطيب ، لأن العمل يحقق الكلام .
وقيل : والعمل الصالح يرفع صاحبه ، وهو الذي أراد العزة .
وقال قتادة : المعنى أن الله يرفع العمل الصالح لصاحبه أي : يقبله ، فيكون قوله : والعمل الصالح على هذا مبتدأ ، خبره يرفعه ، وكذا على قول من قال يرفع صاحبه .
قرأ الجمهور يصعد من صعد الثلاثي . و الكلم الطيب بالرفع على الفاعلية .
وقرأ علي " يصعد " بضم حرف المضارعة من أصعد ، " والكلم الطيب " بالنصب على المفعولية وقرأ وابن مسعود الضحاك على البناء للمفعول وقرأ الجمهور الكلم وقرأ أبو عبد الرحمن " الكلام " وقرأ الجمهور والعمل الصالح بالرفع على العطف أو على الابتداء .
وقرأ ، ابن أبي عبلة وعيسى بن عمر بالنصب على الاشتغال والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد انتصاب السيئات على أنها صفة لمصدر محذوف أي : يمكرون المكرات السيئات وذلك لأن " مكر " [ ص: 1207 ] لازم ، ويجوز أن يضمن يمكرون معنى يكسبون ، فتكون السيئات مفعولا به .
قال مجاهد ، وقتادة : هم أهل الرياء .
وقال أبو العالية : هم الذين مكروا بالنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لما اجتمعوا في دار الندوة .
وقال الكلبي : هم الذين يعملون السيئات في الدنيا .
وقال مقاتل : هم المشركون ، ومعنى لهم عذاب شديد لهم عذاب بالغ الغاية في الشدة ومكر أولئك هو يبور أي : يبطل ويهلك ، ومنه وكنتم قوما بورا [ الفتح : 12 ] والمكر في الأصل : الخديعة والاحتيال ، والإشارة بقوله : أولئك إلى الذين مكروا السيئات على اختلاف الأقوال في تفسير مكرهم ، وجملة هو يبور خبر ( مكر أولئك ) .
ثم ذكر - سبحانه - دليلا آخر على البعث والنشور فقال : والله خلقكم من تراب أي : خلقكم ابتداء في ضمن خلق أبيكم آدم من تراب .
وقال قتادة : يعني آدم ، والتقدير على هذا : خلق أباكم الأول ، وأصلكم الذي ترجعون إليه من تراب ثم من نطفة أخرجها من ظهر آبائكم ثم جعلكم أزواجا أي : زوج بعضكم ببعض ، فالذكر زوج الأنثى ، أو جعلكم أصنافا ذكرانا وإناثا وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه أي : لا يكون حمل ولا وضع إلا والله عالم به ، فلا يخرج شيء عن علمه وتدبيره وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب أي : ما يطول عمر أحد ، ولا ينقص من عمره إلا في كتاب أي : في اللوح المحفوظ قال الفراء : يريد آخر غير الأول ، فكنى عنه بالضمير كأنه الأول لأن لفظ الثاني لو ظهر كان كالأول كأنه قال : ولا ينقص من عمر معمر ، فالكناية في عمره ترجع إلى آخر غير الأول ، ومثله قولك عندي درهم ونصفه : أي : نصف آخر .
قيل : إنما سمي معمرا باعتبار مصيره إليه .
والمعنى : وما يمد في عمر أحد ولا ينقص من عمر أحد ، لكن لا على معنى لا ينقص من عمره بعد كونه زائدا ، بل على معنى أنه لا يجعل من الابتداء ناقصا إلا وهو في كتاب .
قال : سعيد بن جبير وما يعمر من معمر إلا كتب عمره : كم هو سنة ، كم هو شهرا ، كم هو يوما ، كم هو ساعة ، ثم يكتب في كتاب آخر نقص من عمره ساعة ، نقص من عمره يوم ، نقص من عمره شهر ، نقص من عمره سنة حتى يستوفي أجله ، فما مضى من أجله فهو النقصان ، وما يستقبل ، فهو الذي يعمره .
وقال قتادة : المعمر من بلغ ستين سنة ، والمنقوص من عمره من يموت قبل ستين سنة .
وقيل : المعنى أن الله كتب عمر الإنسان كذا إن أطاع ، ودونه إن عصى فأيهما بلغ فهو في كتاب ، والضمير على هذا يرجع إلى معمر .
وقيل : المعنى : وما يعمر من معمر إلى الهرم ، ولا ينقص آخر من عمر الهرم إلا في كتاب أي : بقضاء الله ، قاله الضحاك ، واختاره النحاس .
قال : وهو أشبهها بظاهر التنزيل ، والأولى أن يقال : ظاهر النظم القرآني أن تطويل العمر وتقصيره : هما بقضاء الله وقدره لأسباب تقتضي التطويل ، وأسباب تقتضي التقصير .
فمن : ما ورد في صلة الرحم عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ونحو ذلك . أسباب التطويل
ومن الاستكثار من معاصي الله - عز وجل - ، فإذا كان العمر المضروب للرجل مثلا سبعين سنة ، فقد يزيد الله له عليها إذا فعل أسباب الزيادة ، وقد ينقصه منها إذا فعل أسباب النقصان ، والكل في كتاب مبين فلا تخالف بين هذه الآية ، وبين قوله - سبحانه - : أسباب التقصير فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون [ الأعراف : 34 ] ويؤيد هذا قوله - سبحانه - : يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب [ الرعد : 39 ] وقد قدمنا في تفسيرها ما يزيد ما ذكرنا هنا وضوحا وبيانا .
قرأ الجمهور ينقص مبنيا للمفعول .
وقرأ يعقوب وسلام وروي عن أبي عمرو " ينقص " مبنيا للفاعل .
وقرأ الجمهور من عمره بضم الميم . وقرأ الحسن ، ، والأعرج بسكونها ، والإشارة بقوله : إن ذلك إلى ما سبق من الخلق وما بعده والزهري على الله يسير لا يصعب عليه من شيء ، ولا يعزب عنه كثير ولا قليل ، ولا كبير ولا صغير .
ثم ذكر - سبحانه - نوعا آخر من بديع صنعه ، وعجيب قدرته ، فقال : وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج فالمراد بـ ( البحران ) العذب والمالح ، فالعذب الفرات الحلو ، والأجاج المر ، والمراد بـ سائغ شرابه الذي يسهل انحداره في الحلق لعذوبته .
وقرأ عيسى بن عمر " سيغ " بتشديد الياء ، وروي تسكينها عنه .
وقرأ طلحة ، وأبو نهيك " ملح " بفتح الميم ومن كل منهما تأكلون لحما طريا وهو ما يصاد منهما من حيواناتهما التي تؤكل وتستخرجون حلية تلبسونها الظاهر أن المعنى : وتستخرجون منها حلية تلبسونها .
وقال : إنما تستخرج الحلية من المالح ، وروي عن المبرد أنه قال : إنما تستخرج الحلية منهما إذا اختلطا ، لا من كل واحد منهما على انفراده ، ورجح النحاس قول المبرد . الزجاج
ومعنى تلبسونها تلبسون كل شيء منها بحسبه ، كالخاتم في الأصبع ، والسوار في الذراع ، والقلادة في العنق ، والخلخال في الرجل ، ومما يلبس حلية السلاح الذي يحمل كالسيف والدرع ، ونحوهما وترى الفلك فيه أي : في كل واحد من البحرين .
وقال النحاس : الضمير يعود إلى الماء المالح خاصة ، ولولا ذلك لقال : فيهما مواخر يقال : مخرت السفينة تمخر : إذا شقت الماء .
فالمعنى : وترى السفن في البحرين شواق للماء بعضها مقبلة ، وبعضها مدبرة بريح واحدة ، وقد تقدم الكلام على هذا في سورة النحل ، واللام في لتبتغوا من فضله متعلقة بما يدل عليه الكلام السابق : أي : فعل ذلك لتبتغوا أو بمواخر .
قال مجاهد : ابتغاء الفضل هو التجارة في البحر إلى البلدان البعيدة في مدة قريبة كما تقدم في البقرة ولعلكم تشكرون الله على ما أنعم عليكم به من ذلك .
قال أكثر المفسرين : إن المراد من الآية ضرب المثل في حق المؤمن والكافر ، والكفر والإيمان ، فكما لا يستوي البحران كذلك لا يستوي المؤمن والكافر ، ولا الكفر والإيمان .
يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل أي : يضيف بعض أجزائهما إلى بعض ، فيزيد في [ ص: 1208 ] أحدهما بالنقص في الآخر ، وقد تقدم تفسيره في آل عمران ، وفي مواضع من الكتاب العزيز وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى قدره الله لجريانهما ، وهو يوم القيامة .
وقيل : هو المدة التي يقطعان في مثلها الفلك ، وهو سنة للشمس ، وشهر للقمر .
وقيل : المراد به جري الشمس في اليوم ، والقمر في الليلة .
وقد تقدم تفسير هذا مستوفى في سورة لقمان ، والإشارة بقوله : ذلكم إلى الفاعل لهذه الأفعال وهو الله - سبحانه - ، واسم الإشارة مبتدأ وخبره الله ربكم له الملك أي : هذا الذي من صنعته ما تقدم : هو الخالق المقدر والقادر المقتدر المالك للعالم ، والمتصرف فيه ، ويجوز أن يكون قوله : له الملك جملة مستقلة في مقابلة قوله : والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير أي : لا يقدرون عليه ولا على خلقه ، والقطمير : القشرة الرقيقة التي تكون بين التمرة والنواة وتصير على النواة كاللفافة لها . وقال : هو شق النواة . وقال المبرد قتادة : هو القمع الذي على رأس النواة . قال الجوهري : ويقال : هي النكتة البيضاء التي في ظهر النواة تنبت منها النخلة .
ثم بين - سبحانه - حال هؤلاء الذين يدعونهم من دون الله بأنهم لا ينفعون ولا يضرون فقال : إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم أي : إن تستغيثوا بهم في النوائب لا يسمعوا دعاءكم ، لكونها جمادات لا تدرك شيئا من المدركات ولو سمعوا على طريقة الفرض والتقدير ما استجابوا لكم لعجزهم عن ذلك .
قال قتادة : المعنى ولو سمعوا لم ينفعوكم .
وقيل : المعنى : لو جعلنا لهم سماعا وحياة فسمعوا دعاءكم لكانوا أطوع لله منكم ولم يستجيبوا لكم إلى ما دعوتموهم إليه من الكفر ويوم القيامة يكفرون بشرككم أي : يتبرءون من عبادتكم هم ، ويقولون : ما كنتم إيانا تعبدون [ الرعد : 28 ] ويجوز أن يرجع والذين تدعون من دونه [ الأعراف : 197 ] وما بعده إلى من يعقل ممن عبدهم الكفار ، وهم الملائكة والجن والشياطين .
والمعنى : أنهم يجحدون أن يكون ما فعلتموه حقا ، وينكرون أنهم أمروكم بعبادتهم ولا ينبئك مثل خبير أي : لا يخبرك مثل من هو خبير بالأشياء عالم بها ، وهو الله - سبحانه - فإنه لا أحد أخبر بخلقه وأقوالهم وأفعالهم منه - سبحانه - ، وهو الخبير بكنه الأمور وحقائقها .
وقد أخرج ، ابن جرير وابن المنذر ، ، عن وابن أبي حاتم قال : يقوم ملك بالصور بين السماء والأرض فينفخ فيه ، فلا يبقى خلق لله في السماوات والأرض إلا من شاء الله إلا مات ، ثم يرسل الله من تحت العرش منيا كمني الرجال ، فتنبت أجسامهم ولحومهم من ذلك الماء كما تنبت الأرض من الثرى ، ثم قرأ ابن مسعود عبد الله والله الذي أرسل الرياح الآية .
وأخرج أبو داود ، والطيالسي ، وأحمد ، ، وعبد بن حميد وابن المنذر ، ، وابن أبي حاتم وابن مردويه ، والبيهقي في الأسماء والصفات أبي رزين العقيلي ، قال قلت يا رسول الله كيف يحيي الله الموتى ؟ قال : أما مررت بأرض مجدبة ثم مررت بها مخصبة تهتز خضراء ؟ قلت : بلى ، قال : كذلك يحيي الله الموتى ، وكذلك النشور . عن
وأخرج ، عبد بن حميد ، وابن جرير وابن المنذر ، ، والطبراني والحاكم وصححه ، والبيهقي في الأسماء والصفات قال : إذا حدثناكم بحديث أتيناكم بتصديق ذلك من كتاب الله ، إن العبد المسلم إذا قال : سبحان الله وبحمده ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، وتبارك الله ، قبض عليهن ملك يضمهن تحت جناحه ، ثم يصعد بهن إلى السماء ، فلا يمر بهن على جمع من الملائكة إلا استغفر لقائلهن حتى يجيء بهن وجه الرحمن ، ثم قرأ ابن مسعود إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه قال : أداء الفرائض ، فمن ذكر الله في أداء فرائضه حمل عمله ذكر الله ، فصعد به إلى الله ، ومن ذكر الله ولم يؤد فرائضه رد كلامه على عمله ، وكان عمله أولى به . عن
وأخرج ، ابن جرير عن وابن أبي حاتم في قوله : ابن عباس وما يعمر من معمر الآية قال : يقول ليس أحد قضيت له طول العمر والحياة إلا وهو بالغ ما قدرت له من العمر وقد قضيت له ذلك ، فإنما ينتهي إلى الكتاب الذي قدرت له لا يزاد عليه ، وليس أحد قضيت له أنه قصير العمر والحياة ببالغ العمر ، ولكن ينتهي إلى الكتاب الذي كتب له ، فذلك قوله : ولا ينقص من عمره إلا في كتاب يقول : كل ذلك في كتاب عنده .
وأخرج أحمد ، ومسلم ، وأبو عوانة ، ، وابن حبان ، والطبراني وابن المنذر ، ، عن وابن أبي حاتم حذيفة بن أسيد الغفاري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : . يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم بأربعين أو بخمسة وأربعين ليلة ، فيقول أي رب أشقي أم سعيد ؟ أذكر أم أنثى ؟ فيقول الله ويكتبان ، ثم يكتب عمله ورزقه وأجله وأثره ومصيبته ، ثم تطوى الصحيفة فلا يزاد فيها ولا ينقص
وأخرج ، ابن أبي شيبة ومسلم ، ، والنسائي وأبو الشيخ عن قال : عبد الله بن مسعود أم حبيبة : اللهم أمتعني بزوجي النبي ، وبأبي أبي سفيان ، وبأخي معاوية ، فقال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - : إنك سألت الله لآجال مضروبة ، وأيام معدودة ، وأرزاق مقسومة ، ولن يعجل الله شيئا قبل حله أو يؤخر شيئا ، ولو كنت سألت الله أن يعيذك من عذاب في النار ، أو عذاب في القبر كان خيرا وأفضل . قالت
وهذه الأحاديث مخصصة بما ورد من قبول الدعاء ، وأنه يعتلج هو والقضاء ، وبما ورد في صلة الرحم أنها تزيد في العمر ، فلا معارضة بين الأدلة كما قدمنا .
وأخرج ، سعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن جرير وابن المنذر ، ، عن وابن أبي حاتم في قوله : ابن عباس ما يملكون من قطمير قال : القطمير القشر ، وفي لفظ : الجلد الذي يكون على ظهر النواة .