المراد بالآيات التوراة ، والسلطان المبين : المعجزات ، وقيل : المراد بالآيات هي التسع المذكورة في غير هذا الموضع ، والسلطان المبين : العصا ، وهي وإن كانت من التسع لكنها لما كانت أبهرها أفردت بالذكر ، وقيل : المراد بالآيات ما يفيد [ ص: 673 ] الظن ، والسلطان المبين ما يفيد القطع بما جاء به موسى ، وقيل : هما جميعا عبارة عن شيء واحد : أي أرسلناه بما يجمع وصف كونه آية ، وكونه سلطانا مبينا ، وقيل : إن السلطان المبين : ما أورده موسى على فرعون في المحاورة بينهما .
إلى فرعون وملئه أي أرسلناه بذلك إلى هؤلاء .
وقد تقدم أن الملأ أشراف القوم ، وإنما خصهم بالذكر دون سائر القوم ، لأنهم أتباع لهم في الإصدار والإيراد ، وخص هؤلاء الملأ دون فرعون بقوله : فاتبعوا أمر فرعون على أمرهم لهم بالكفر ، لأن حال فرعون في الكفر أمر واضح ، إذ كفر قومه من الأشراف وغيرهم إنما هو مستند إلى كفره ، ويجوز أن يراد بأمر فرعون شأنه وطريقته فيعم الكفر وغيره وما أمر فرعون برشيد أي ليس فيه رشد قط ، بل هو غي وضلال ، والرشيد بمعنى المرشد ، والإسناد مجازي ، أو بمعنى ذي رشد ، وفيه تعريض بأن الرشد في أمر موسى .
يقدم قومه يوم القيامة من قدمه بمعنى تقدمه : أي يصير متقدما لهم يوم القيامة سابقا إلى عذاب النار كما كان يتقدمهم في الدنيا فأوردهم النار أي إنه لا يزال متقدما لهم وهم يتبعونه حتى يوردهم النار ، وعبر بالماضي تنبيها على تحقق وقوعه ، ثم ذم الورد الذي أوردهم إليه ، فقال : وبئس الورد المورود لأن الوارد إلى الماء الذي يقول له الورد ، إنما يرده ليطفئ حر العطش ، ويذهب ظمأه ، والنار على ضد ذلك .
ثم ذمهم بعد ذم المكان الذي يردونه ، فقال : وأتبعوا في هذه لعنة أي أتبع قوم فرعون مطلقا ، أو الملأ خاصة ، أو هم وفرعون في هذه الدنيا لعنة عظيمة : أي طردا وإبعادا ويوم القيامة أي وأتبعوا لعنة يوم القيامة يلعنهم أهل المحشر جميعا ، ثم إنه جعل اللعنة رفدا لهم على طريقة التهكم ، فقال : بئس الرفد المرفود .
قال الكسائي وأبو عبيدة : رفدته أرفده رفدا : أمنته وأعطيته ، واسم العطية الرفد : أي بئس العطاء ، والإعانة ما أعطوهم إياه ، وأعانوهم به ، والمخصوص بالذم محذوف : أي رفدهم ، وهو اللعنة التي أتبعوها في الدنيا والآخرة كأنها لعنة بعد لعنة تمد الأخرى الأولى وتؤبدها .
وذكر الماوردي حكاية عن أن الرفد ، بالفتح : القدح ، وبالكسر : ما فيه من الشراب فكأنه ذم ما يستقونه في النار ، وهذا أنسب بالمقام ، وقيل : إن الرفد الزيادة : أي بئس ما يرفدون به بعد الغرق ، وهو الزيادة قاله الكلبي . الأصمعي
والإشارة بقوله : ذلك من أنباء القرى نقصه عليك أي ما قصه الله سبحانه في هذه السورة من أخبار الأمم السالفة وما فعلوه مع أنبيائهم : أي هو مقصوص عليك خبرا بعد خبر ، وقد تقدم تحقيق معنى القصص ، والضمير في منها عائد إلى القرى : أي من القرى قائم ، ومنها حصيد ، والقائم : ما كان قائما على عروشه ، والحصيد : ما لا أثر له ، وقيل : القائم : العامر ، والحصيد : الخراب ، وقيل : القائم : القرى الخاوية عن عروشها ، والحصيد : المستأصل بمعنى محصود ، شبه القرى بالزرع القائم على ساقه والمقطوع .
قال الشاعر :
والناس في قسم المنية بينهم كالزرع منه قائم وحصيد
وما ظلمناهم بما فعلنا بهم من العذاب ولكن ظلموا أنفسهم بالكفر والمعاصي فما أغنت عنهم آلهتهم أي فما دفعت عنهم أصنامهم التي يعبدونها من دون الله شيئا من العذاب لما جاء أمر ربك أي لما جاء عذابه وما زادوهم غير تتبيب : الهلاك والخسران : أي ما زادتهم الأصنام التي يعبدونها إلا هلاكا وخسرانا ، وقد كانوا يعتقدون أنها تعينهم على تحصيل المنافع .وكذلك أخذ ربك قرأ الجحدري أخذ على أنه فعل . وطلحة بن مصرف
وقرأ غيرهما أخذ على المصدر إذا أخذ القرى وهي ظالمة أي أهلها وهم ظالمون إن أخذه أي عقوبته للكافرين أليم شديد أي موجع غليظ .
إن في ذلك لآية أي في أخذ الله سبحانه لأهل القرى ، أو في القصص الذي قصه على رسوله لعبرة وموعظة لمن خاف عذاب الآخرة لأنهم الذين يعتبرون بالعبر ، ويتعظون بالمواعظ ، والإشارة بقوله : ذلك يوم مجموع له الناس إلى يوم القيامة المدلول عليه بذكر الآخرة أن يجمع فيه الناس للمحاسبة والمجازاة وذلك أي يوم القيامة يوم مشهود أي يشهده أهل المحشر ، أو مشهود فيه الخلائق ، فاتسع في الظرف بإجرائه مجرى المفعول .
وما نؤخره إلا لأجل معدود أي وما نؤخر ذلك اليوم إلا لانتهاء أجل معدود معلوم بالعدد ، قد عين الله سبحانه وقوع الجزاء بعده .
يوم يأت قرأ أهل المدينة وأبو عمرو بإثبات الياء في الدرج ، وحذفها في الوقف . والكسائي
وقرأ أبي بإثباتها وصلا ووقفا . وابن مسعود
وقرأ بحذفها فيهما ، ووجه حذف الياء مع الوقف ما قاله الأعمش أن الفعل السالم يوقف عليه كالمجزوم فحذفت الياء كما تحذف الضمة . الكسائي
ووجه قراءة من قرأ بحذف الياء مع الوصل أنهم رأوا رسم المصحف كذلك .
وحكى الخليل أن العرب تقول لا أدر ، فتحذف الياء وتجتزئ بالكسر ، وأنشد وسيبويه الفراء في حذف الياء :
كفاك كف ما تليق درهما جودا وأخرى تعط بالسيف الدما
وقد تكرر مثل هذا الجمع في مواضع فمنهم شقي وسعيد أي من الأنفس شقي ومنهم سعيد ، فالشقي من كتبت عليه الشقاوة ، والسعيد من كتبت له السعادة ، وتقديم الشقي على السعيد لأن المقام مقام تحذير .
فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق أي فأما الذي سبقت لهم الشقاوة فمستقرون في النار لهم فيها زفير وشهيق .
قال [ ص: 674 ] الزجاج : الزفير من شدة الأنين ، وهو المرتفع جدا .
قال : وزعم أهل اللغة من البصريين والكوفيين أن الزفير بمنزلة ابتداء صوت الحمير ، والشهيق بمنزلة آخره ، وقيل الزفير : الصوت الشديد ، والشهيق : الصوت الضعيف ، وقيل الزفير : إخراج النفس ، والشهيق : رد النفس ، وقيل الزفير من الصدر ، والشهيق من الحلق ، وقيل الزفير : ترديد النفس من شدة الخوف ، والشهيق : النفس الطويل الممتد ، والجملة إما مستأنفة كأنه قيل ما حالهم فيها ؟ أو في محل نصب على الحال .
خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض أي مدة دوامهما .
وقد اختلف العلماء في بيان معنى هذا التوقيت ، لأنه قد علم بالأدلة القطعية تأبيد عذاب الكفار في النار وعدم انقطاعه عنهم ، وثبت أيضا أن السماوات والأرض تذهب عند انقضاء أيام الدنيا ، فقالت طائفة : إن هذا الإخبار جار على ما كانت العرب تعتاده إذا أرادوا المبالغة في دوام الشيء ، قال : هو دائم ما دامت السماوات والأرض ، ومنه قوله : لا آتيك ما جن ليل ، وما اختلف الليل والنهار ، وما ناح الحمام ونحو ذلك .
فيكون معنى الآية : أنهم خالدون فيها أبدا لا انقطاع لذلك ولا انتهاء له ، وقيل : إن المراد سموات الآخرة وأرضها ، فقد ورد ما يدل على أن للآخرة سموات وأرضا غير هذه الموجودة في الدنيا ، وهي دائمة بدوام دار الآخرة ، وأيضا لا بد لهم من موضع يقلهم وآخر يظلهم ، وهما أرض وسماء .
قوله : إلا ما شاء ربك قد اختلف أهل العلم في معنى هذا الاستثناء على أقوال : الأول : أنه من قوله : ففي النار كأنه قال : إلا ما شاء ربك من تأخير قوم عن ذلك .
روى هذا عن أبو نضرة . أبي سعيد الخدري
الثاني : أن الاستثناء إنما هو للعصاة من الموحدين ، وأنهم يخرجون بعد مدة من النار ، وعلى هذا يكون قوله سبحانه : فأما الذين شقوا عاما في الكفرة والعصاة ، ويكون الاستثناء من خالدين ، وتكون ما بمعنى من ، وبهذا قال قتادة والضحاك وأبو سنان وغيرهم .
وقد ثبت بالأحاديث المتواترة تواترا يفيد العلم الضروري بأنه يخرج من النار أهل التوحيد ، فكان ذلك مخصصا لكل عموم .
الثالث : أن الاستثناء من الزفير والشهيق : أي لهم فيها زفير وشهيق إلا ما شاء ربك من أنواع العذاب غير الزفير والشهيق قاله . ابن الأنباري
الرابع : أن معنى الاستثناء : أنهم خالدون فيها ما دامت السماوات والأرض لا يموتون إلا ما شاء ربك ، فإنه يأمر النار فتأكلهم حتى يفنوا ، ثم يجدد الله خلقهم ، روي ذلك عن . ابن مسعود
الخامس : أن إلا بمعنى سوى .
والمعنى ما دامت السماوات والأرض سوى ما يتجاوز ذلك من الخلود ، كأنه ذكر في خلودهم ما ليس عند العرب أطول منه ، ثم زاد عليه الدوام الذي لا آخر له حكاه . الزجاج
السادس : ما روي عن الفراء وابن الأنباري وابن قتيبة من أن هذا لا ينافي عدم المشيئة كقولك : والله لأضربنه إلا أن أرى غير ذلك ، ونوقش هذا بأن معنى الآية الحكم بخلودهم إلا المدة التي شاء الله ، فالمشيئة قد حصلت جزما ، وقد حكى هذا القول أيضا . الزجاج
السابع : أن المعنى : خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك من مقدار موقفهم في قبورهم وللحساب حكاه أيضا . الزجاج
الثامن : أن المعنى : خالدين فيها إلا ما شاء ربك من زيادة النعيم لأهل النعيم وزيادة العذاب لأهل الجحيم ، حكاه أيضا ، واختاره الزجاج . الحكيم الترمذي
التاسع : أن إلا بمعنى الواو قاله الفراء ، والمعنى وما شاء ربك من الزيادة ، قال : وهذا القول بعيد عند البصريين أن تكون إلا بمعنى الواو . مكي
العاشر : أن إلا بمعنى الكاف ، والتقدير : كما شاء ربك ، ومنه قوله تعالى : ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف [ النساء 22 ] أي كما قد سلف .
الحادي عشر : أن هذا الاستثناء إنما هو على سبيل الاستثناء الذي ندب إليه الشارع في كل كلام فهو على حد قوله : لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين [ الفتح 27 ] روي نحو هذا عن أبي عبيد ، وهذه الأقوال هي جملة ما وقفنا عليه من أقوال أهل العلم .
وقد نوقش بعضها بمناقشات ، ودفعت بدفوعات .
وقد أوضحت ذلك في رسالة مستقلة جمعتها في جواب سؤال ورد من بعض الأعلام .
وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض .
قرأ الأعمش وحفص وحمزة سعدوا بضم السين . والكسائي
وقرأ الباقون بفتح السين ، واختار هذه القراءة أبو عبيدة وأبو حاتم .
قال : لا يقال سعد فلان كما لا يقال شقي فلان لكونه مما لا يتعدى . سيبويه
قال النحاس : ورأيت علي بن سليمان يتعجب من قراءة بضم السين مع علمه بالعربية ، وهذا لحن لا يجوز ، ومعنى الآية كما مر في قوله : الكسائي فأما الذين شقوا .
قوله : إلا ما شاء ربك قد عرف من الأقوال المتقدمة ما يصلح لحمل هذا الاستثناء عليه عطاء غير مجذوذ أي يعطيهم الله عطاء غير مجذوذ ، والمجذوذ : المقطوع ، من جذه يجذه إذا قطعه ، والمعنى : أنه ممتد إلى غير نهاية .
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن في قوله : ابن عباس يقدم قومه يوم القيامة يقول : أضلهم فأوردهم النار .
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة في الآية قال : فرعون يمضي بين أيدي قومه حتى يهجم بهم على النار .
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن في قوله : ابن عباس فأوردهم النار قال : الورود الدخول .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن وابن أبي حاتم في قوله : ابن عباس بئس الرفد المرفود قال : لعنة الدنيا والآخرة .
وأخرج ابن جرير عنه وابن أبي حاتم منها قائم وحصيد يعني قرى عامرة وقرى خامدة .
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة : منها قائم يرى مكانه ، وحصيد لا يرى له أثر .
وأخرج أبو الشيخ عن : منها قائم خاو على عروشه ، وحصيد ملصق بالأرض . ابن جريج
وأخرج أبو الشيخ عن أبي عاصم فما أغنت عنهم قال : ما نفعت .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن [ ص: 675 ] في قوله : ابن عمر وما زادوهم غير تتبيب أي هلكة .
وأخرج أبو الشيخ عن ابن زيد قال : تخسير .
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة معناه .
وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أبي موسى الأشعري وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد . إن الله سبحانه وتعالى ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ، ثم قرأ :
وأخرج عن ابن جرير ابن زيد في قوله : إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة يقول : إنا سوف نفي لهم بما وعدناهم في الآخرة كما وفينا للأنبياء أنا ننصرهم .
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو الشيخ عن في قوله : ابن عباس ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود قال : يوم القيامة .
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد مثله .
وأخرج أبو الشيخ عن في قوله : ابن جريج يوم يأت قال : ذلك اليوم .
وأخرج الترمذي وحسنه وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه قال : " لما نزلت " عمر بن الخطاب فمنهم شقي وسعيد قلت : يا رسول الله فعلام نعمل : على شيء قد فرغ منه ، أو على شيء لم يفرغ منه ؟ قال : بل على شيء قد فرغ منه وجرت به الأقلام يا عمر ، ولكن كل ميسر لما خلق له . عن
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن قال : هاتان من المخبآت قول الله : ابن عباس فمنهم شقي وسعيد و يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا [ المائدة 109 ] أما قوله : فمنهم شقي وسعيد فهم قوم من أهل الكتاب من أهل هذه القبلة يعذبهم الله بالنار ما شاء بذنوبهم ، ثم يأذن في الشفاعة لهم فيشفع لهم المؤمنون فيخرجهم من النار فيدخلهم الجنة ، فسماهم أشقياء حين عذبهم في النار فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك حين أذن في الشفاعة لهم وأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة وهم هم وأما الذين سعدوا يعني بعد الشقاء الذي كانوا فيه ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك يعني الذين كانوا في النار .
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه عن قتادة أنه تلا هذه الآية : فأما الذين شقوا فقال : حدثنا أنس ولا نقول كما قال أهل حروراء : إن من دخلها بقي فيها . أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : يخرج قوم من النار
وأخرج ابن مردويه عن جابر قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأما الذين شقوا إلى قوله : إلا ما شاء ربك قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إن شاء الله أن يخرج أناسا من الذين شقوا من النار فيدخلهم الجنة فعل .
وأخرج ابن جرير عن وابن أبي حاتم في قوله : خالد بن معدان إلا ما شاء ربك قال : إنها في التوحيد من أهل القبلة .
وأخرج عبد الرزاق وابن الضريس وابن جرير وابن المنذر والطبراني والبيهقي في الأسماء والصفات عن عن أبي نضرة ، أو عن جابر بن عبد الله أو رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله : أبي سعيد الخدري إلا ما شاء ربك قال : هذه الآية قاضية على القرآن كله ، يقول حيث كان في القرآن خالدين فيها تأتي عليه .
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي عن قال : ينتهي القرآن كله إلى هذه الآية أبي نضرة إن ربك فعال لما يريد .
وأخرج عن ابن أبي حاتم في قوله : ابن عباس ما دامت السماوات والأرض قال : لكل جنة سماء وأرض .
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن نحوه . السدي
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن نحوه أيضا .
وأخرج البيهقي في البعث والنشور عن في قوله : ابن عباس إلا ما شاء ربك قال : فقد شاء ربك أن يخلد هؤلاء في النار وأن يخلد هؤلاء في الجنة .
وأخرج عنه في قوله : ابن جرير إلا ما شاء ربك قال : استثنى الله من النار أن تأكلهم .
وأخرج أبو الشيخ عن في الآية قال : فجاء بعد ذلك من مشيئة الله ما نسخها ، فأنزل السدي بالمدينة : إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا [ النساء 168 ] إلى آخر الآية ، فذهب الرجاء لأهل النار أن يخرجوا منها ، وأوجب لهم خلود الأبد .
وقوله : وأما الذين سعدوا الآية .
قال : فجاء بعد ذلك من مشيئة الله ما نسخها ، فأنزل بالمدينة والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات إلى قوله : ظلا ظليلا [ النساء 57 ] فأوجب لهم خلود الأبد .
وأخرج ابن المنذر عن الحسن قال : قال عمر : لو لبث أهل النار في النار كقدر رمل عالج لكان لهم على ذلك يوم يخرجون فيه .
وأخرج عن إسحاق بن راهويه قال : سيأتي على جهنم يوم لا يبقى فيها أحد ، وقرأ : أبي هريرة فأما الذين شقوا الآية .
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن إبراهيم قال : ما في القرآن آية أرجى لأهل النار من هذه الآية خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك .
قال : وقال : ليأتين عليها زمان تخفق أبوابها . ابن مسعود
وأخرج عن ابن جرير قال : جهنم أسرع الدارين عمرانا وأسرعهما خرابا . الشعبي
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن وابن أبي حاتم قتادة في قوله : إلا ما شاء ربك قال : الله أعلم بتثنيته على ما وقعت .
وقد روي عن جماعة من السلف مثل ما ذكره عمر وأبو هريرة وابن مسعود كابن عباس وعبد الله بن عمر وجابر وأبي سعيد من الصحابة ، وعن أبي مجلز وغيرهما من التابعين . وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم
وورد في ذلك حديث في معجم الكبير عن الطبراني ، وإسناده ضعيف . أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي
ولقد تكلم صاحب الكشاف في هذا الموضع بما كان له في تركه سعة ، وفي السكوت عنه غنى ، فقال : ولا يخدعنك قول المجبرة إن المراد بالاستثناء خروج أهل الكبائر من النار ، فإن الاستثناء الثاني ينادي على تكذيبهم ويسجل بافترائهم ، وما ظنك بقوم نبذوا كتاب الله لما روي لهم بعض الثوابت عن ابن عمرو : ليأتين على جهنم يوم تصفق فيه أبوابها ليس فيها أحد ، ثم قال : وأقول ما كان [ ص: 676 ] لابن عمرو في سيفيه ومقاتلته بهما رضي الله عنه ما يشغله عن تسيير هذا الحديث انتهى . علي بن أبي طالب
وأقول : أما الطعن على من قال بخروج أهل الكبائر من النار ، فالقائل بذلك - يا مسكين - رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما صح عنه في دواوين الإسلام التي هي دفاتر السنة المطهرة ، وكما صح عنه في غيرها من طريق جماعة من الصحابة يبلغون عدد التواتر ، فما لك والطعن على قوم عرفوا ما جهلته وعملوا بما أنت عنه في مسافة بعيدة ، وأي مانع من حمل الاستثناء على هذا الذي جاءت به الأدلة الصحيحة الكثيرة كما ذهب إلى ذلك وقال به جمهور العلماء من السلف والخلف ، وأما ما ظننته من أن الاستثناء الثاني ينادي على تكذيبهم ويسجل بافترائهم فلا مناداة ولا مخالفة ، وأي مانع من حمل الاستثناء في الموضعين على العصاة من هذه الأمة ، فالاستثناء الأول يحمل على معنى إلا ما شاء ربك من خروج العصاة من هذه الأمة من النار ، والاستثناء الثاني يحمل على معنى إلا ما شاء ربك من عدم خلودهم في الجنة كما يخلد غيرهم ، وذلك لتأخر خلودهم إليها مقدار المدة التي لبثوا فيها في النار ، وقد قال بهذا من أهل العلم من قدمنا ذكره ، وبه قال حبر الأمة . ابن عباس
وأما رضي الله عنه عبد الله بن عمرو ، فإلى أين يا محمود ، أتدري ما صنعت ، وفي أي واد وقعت ، وعلى أي جنب سقطت ؟ ومن أنت حتى تصعد إلى هذا المكان وتتناول نجوم السماء بيديك القصيرة ورجلك العرجاء ، أما كان لك في مكسري طلبتك من أهل النحو واللغة ما يردك عن الدخول فيما لا تعرف والتكلم بما لا تدري ، فيا لله العجب ما يفعل القصور في علم الرواية والبعد عن معرفتها إلى أبعد مكان من الفضيحة لمن لم يعرف قدر نفسه ولا أوقفها حيث أوقفها الله سبحانه . الطعن على صاحب رسول الله وحافظ سنته وعابد الصحابة