[ ص: 26 ] هو وصف للمتقين كاشف ، والإيمان في اللغة : التصديق ، وفي الشرع ما سيأتي .
والغيب في كلام العرب : كل ما غاب عنك .
قال القرطبي : هنا ، فقالت فرقة : الغيب في هذه الآية هو الله سبحانه ، وضعفه واختلف المفسرون في تأويل الغيب ابن العربي .
وقال آخرون : القضاء والقدر .
وقال آخرون : القرآن وما فيه من الغيوب .
وقال آخرون : الغيب كل ما أخبر به الرسول مما لا تهتدي إليه العقول من أشراط الساعة وعذاب القبر والحشر والنشر والصراط والميزان والجنة والنار .
قال ابن عطية : وهذه الأقوال لا تتعارض بل يقع الغيب على جميعها ، قال : وهذا هو الإيمان الشرعي المشار إليه في حديث جبريل حين قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم : . فأخبرني عن الإيمان ؟ قال : أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره ، قال : صدقت انتهى
وهذا الحديث هو ثابت في الصحيح بلفظ : . أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ، والقدر خيره وشره
وقد أخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن منده وأبو نعيم كلاهما في معرفة الصحابة عن تويلة بنت أسلم قالت : بني حارثة ، فاستقبلنا مسجد إيليا فصلينا سجدتين ، ثم جاءنا من يخبرنا بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد استقبل البيت ، فتحول الرجال مكان النساء والنساء مكان الرجال ، فصلينا السجدتين الباقيتين ونحن مستقبلون البيت الحرام ، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : أولئك قوم آمنوا بالغيب . صليت الظهر أو العصر في مسجد
وأخرج البزار وأبو يعلى والحاكم وصححه عن قال : كنت جالسا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : عمر بن الخطاب وفي إسناده أنبئوني بأفضل أهل الإيمان إيمانا ؟ فقالوا : يا رسول الله الملائكة ، قال : هم كذلك ويحق لهم ، وما يمنعهم وقد أنزلهم الله المنزلة التي أنزلهم بها ، قالوا : يا رسول الله الأنبياء الذين أكرمهم الله برسالته والنبوة ، قال : هم كذلك ويحق لهم ، وما يمنعهم وقد أنزلهم الله المنزلة التي أنزلهم بها ، قالوا : يا رسول الله الشهداء الذين استشهدوا مع الأنبياء ، قال : هم كذلك ، وما يمنعهم وقد أكرمهم الله بالشهادة ، قالوا : فمن يا رسول الله ؟ قال : أقوام في أصلاب الرجال يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني ويصدقوني ولم يروني ، يجدون الورق المعلق فيعملون بما فيه ، فهؤلاء أفضل أهل الإيمان إيمانا محمد بن أبي حميد وفيه ضعف .
وأخرج في حزبه المشهور الحسن بن عرفة والبيهقي في الدلائل عن عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فذكر نحو الحديث الأول ، وفي إسناده عمرو بن شعيب المغيرة بن قيس البصري وهو منكر الحديث .
وأخرج نحوه عن الطبراني مرفوعا ، ابن عباس والإسماعيلي عن مرفوعا أيضا ، أبي هريرة عن والبزار أنس مرفوعا ، وأخرج في مسنده عن ابن أبي شيبة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : عوف بن مالك يا ليتني قد لقيت إخواني . قالوا : يا رسول الله ألسنا إخوانك ؟ قال : بلى ، ولكن قوم يجيئون من بعدكم يؤمنون بي إيمانكم ويصدقوني تصديقكم وينصروني نصركم ، فيا ليتني قد لقيت إخواني وأخرج نحوه في الأربعين السباعية من حديث ابن عساكر أنس ، وفي إسناده أبو هدبة وهو كذاب ، وزاد فيه " ثم قرأ النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة [ البقرة : 3 ] الآية " .
وأخرج أحمد والدارمي والبارودي معا في معجم الصحابة وابن قانع في تاريخه والبخاري والطبراني والحاكم عن أبي جمعة الأنصاري قال : قلت : . يا رسول الله هل من قوم أعظم منا أجرا آمنا بك واتبعناك ؟ قال : ما يمنعكم من ذلك ورسول الله بين أظهركم يأتيكم بالوحي من السماء ، بل قوم يأتون من بعدكم يأتيهم كتاب الله بين لوحين فيؤمنون بي ويعملون بما فيه أولئك أعظم منكم أجرا
وأخرج أحمد وابن أبي شيبة والحاكم عن أبي عبد الرحمن الجهني قال : . بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ طلع راكبان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : كنديان أو مذحجيان حتى أتيا ، فإذا رجلان من مذحج ، فدنا أحدهما ليبايعه ، فلما أخذ بيده قال : يا رسول الله أرأيت من جاءك فآمن بك واتبعك وصدقك فماذا له ؟ قال : طوبى له ، فمسح على زنده وانصرف ، ثم جاء الآخر حتى أخذ بيده ليبايعه فقال : يا رسول الله أرأيت من آمن بك وصدقك واتبعك ولم يرك ؟ قال : طوبى له ثم طوبى له ، ثم مسح على زنده وانصرف
وأخرج الطيالسي وأحمد في تاريخه والبخاري والطبراني والحاكم عن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أبي أمامة الباهلي . طوبى لمن رآني وآمن بي ، وطوبى لمن آمن بي ولم يرني سبع مرات
وأخرج أحمد عن وابن حبان أبي سعيد أن رجلا قال : وأخرج يا رسول الله طوبى لمن رآك وآمن بك ؟ قال : طوبى لمن رآني وآمن بي ، وطوبى ثم طوبى ثم طوبى لمن آمن بي ولم يرني الطيالسي عن وعبد بن حميد نحوه . ابن عمر
وأخرج أحمد وأبو يعلى من حديث والطبراني أنس نحو حديث المتقدم . أبي أمامة الباهلي
وأخرج سفيان بن عيينة وسعيد بن منصور في مسنده ، وأحمد بن منيع وابن أبي حاتم وابن الضباري والحاكم وصححه عن أنه قال : والذي لا إله غيره ما آمن أحد أفضل من إيمان بغيب ، ثم قرأ ابن مسعود الم ذلك الكتاب لا ريب فيه إلى قوله : المفلحون [ البقرة : 1 - 5 ] .
وللتابعين أقوال ، والراجح ما تقدم من أن الإيمان الشرعي يصدق على جميع ما ذكر هنا .
قال : والأولى أن تكونوا موصوفين بالإيمان بالغيب قولا واعتقادا وعملا . ابن جرير
قال : الذي هو تصديق القول بالعمل . وتدخل الخشية لله في معنى الإيمان
والإيمان كلمة جامعة للإقرار بالله وكتبه ورسله وتصديق الإقرار بالفعل .
وقال ابن كثير : إن الإيمان الشرعي المطلوب لا يكون إلا اعتقادا وقولا وعملا ، هكذا ذهب إليه أكثر الأئمة .
بل قد حكاه الشافعي وأحمد بن حنبل وأبو عبيد وغير واحد إجماعا أن الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص .
وقد ورد فيه آيات كثيرة .
انتهى .