: لفظة " جعل " تأتي في اللغة العربية لأربعة معان
الأول : بمعنى اعتقد ; كقوله - تعالى - هنا : ويجعلون لله البنات [ 16 \ 57 ] ، قال [ ص: 391 ] في الخلاصة :
وجعل اللذ كاعتقد
الثاني : بمعنى صير كما تقدم في الحجر ; كقوله : وجعل القمر فيهن نورا [ 71 \ 16 ] ، قال في الخلاصة :
.... والتي كصيرا وأيضا بها انصب مبتدا وخبرا
الثالث : بمعنى خلق ; كقوله : الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور [ 6 \ 1 ] ، أي : خلق الظلمات والنور .
الرابع : بمعنى شرع ; كقوله :
وقد جعلت إذا ما قمت يثقلني ثوبي فأنهض نهض الشارب السكر
قال في الخلاصة :
كأنشأ السائق يحدو وطفق كذا جعلت وأخذت وعلق
وقوله في هذه الآية الكريمة : سبحانه [ 16 \ 57 ] ، أي : تنزيها له - جل وعلا - عما لا يليق بكماله وجلاله ، وهو ما ادعوا له من البنات سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا !
وغيرهم ، كما نقله عنهم ابن كثير وغيره على أن الآية عامة ; حتى إن ذنوب بني آدم لتهلك الجعل في حجره ، والحبارى في وكرها ، ونحو ذلك ; لولا أن الله حليم لا يعجل بالعقوبة ، ولا يؤاخذهم بظلمهم .
قال مقيده - عفا الله عنه - : وهذا القول هو الصحيح ; لما تقرر في الأصول من : أن . وعليه فقوله : " من دابة " يشمل كل ما يطلق عليه اسم الدابة نصا . النكرة في سياق النفي إذا زيدت قبلها لفظة " من " تكون نصا صريحا في العموم
وقال القرطبي في تفسيره : فإن قيل : فكيف يعم بالهلاك مع أن فيهم مؤمنا ليس بظالم ؟ قيل : يجعل هلاك الظالم انتقاما وجزاء ، وهلاك المؤمن معوضا بثواب الآخرة .
وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر ، قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " " ، اه محل الغرض منه بلفظه . والأحاديث بمثله كثيرة معروفة . إذا أراد الله بقوم عذابا أصاب العذاب من كان فيهم ، ثم بعثوا على أعمالهم
وإذا ثبت في الأحاديث الصحيحة : أن العذاب إذا نزل بقوم عم الصالح والطالح ، [ ص: 392 ] فلا إشكال في شمول الهلاك للحيوانات التي لا تعقل . وإذا أراد الله إهلاك قوم أمر نبيهم ومن آمن منهم أن يخرجوا عنهم ; لأن الهلاك إذا نزل عم .