وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء ولكن ذكرى لعلهم يتقون
هذه الآية الكريمة يفهم منها أنه لا إثم على من جالس الخائضين في آيات الله بالاستهزاء والتكذيب . قوله تعالى :
وقد جاءت آية تدل على أن من جالسهم كان مثلهم في الإثم ، وهي قوله تعالى : وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها - إلى قوله - إنكم إذا مثلهم [ 4 \ 140 ] ، اعلم أولا أن في معنى قوله : وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء [ 6 ] ، وجهين للعلماء :
[ ص: 278 ] الأول : أن المعنى وما على الذين يتقون مجالسة الكفار عند خوضهم في آيات الله من حساب الكفار من شيء ، وعلى هذا الوجه فلا إشكال في الآية أصلا .
الوجه الثاني : أن معنى الآية : وما على الذين يتقون ما يقع من الكفار من الخوض في آيات الله في مجالستهم لهم من شيء .
وعلى هذا القول فهذا الترخيص في مجالسة الكفار للمتقين من المؤمنين كان في أول الإسلام للضرورة ، ثم نسخ بقوله تعالى : إنكم إذا مثلهم .
وممن قال بالنسخ فيه مجاهد والسدي وغيرهم كما نقله عنهم وابن جريج ابن كثير ، فظهر أن لا إشكال على كلا القولين .
ومعنى قوله تعالى : ولكن ذكرى لعلهم يتقون [ 6 ] ، على الوجه الأول أنهم إذا اجتنبوا مجالسهم سلموا من الإثم ، ولكن الأمر باتقاء مجالستهم عند الخوض في الآيات لا يسقط وجوب تذكيرهم ووعظهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر لعلهم يتقون الله بسبب ذلك .
وعلى الوجه الثاني فالمعنى أن الترخيص في المجالسة لا يسقط التذكير لعلهم يتقون الخوض في آيات الله بالباطل إذا وقعت منكم الذكرى لهم ، وأما جعل الضمير للمتقين فلا يخفى بعده ، والعلم عند الله تعالى .