قوله تعالى : ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه الآية .
الاستفهام في هذه الآية إنكاري ومعناه النفي ، فالمعنى : لا أحد أظلم ممن منع مساجد الله ، وقد جاءت آيات أخر يفهم منها خلاف هذا ، كقوله تعالى : فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا الآية [ 6 \ 144 ] .
وقوله : فمن أظلم ممن كذب على الله [ 39 ] ، وقوله : ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه . . . . . . الآية [ 18 \ 57 ] ، إلى غير ذلك من الآيات .
وللجمع بين هذه الآيات أوجه :
منها تخصيص كل موضع بمعنى صلته ، أي لا أحد من المانعين أظلم ممن منع مساجد الله ، ولا أحد من المفترين أظلم ممن افترى على الله كذبا ، وإذا تخصصت بصلاتها زال الإشكال .
ومنها أن التخصيص بالنسبة إلى السبق ، أي لما لم يسبقهم أحد إلى مثله حكم عليهم بأنهم أظلم ممن جاء بعدهم سالكا طريقهم ، وهذا يؤول معناه إلى ما قبله ، لأن المراد السبق إلى المانعية والافترائية مثلا .
[ ص: 214 ] ومنها ، وادعى أبو حيان أنه الصواب ، هو ما حاصله أن نفي التفضيل لا يستلزم نفي المساواة ، فلم يكن أحد ممن وصف بذلك يزيد على الآخر ، لأنهم يتساوون في الأظلمية ، فيصير المعنى : لا أحد أظلم ممن منع مساجد الله ، ومن افترى على الله كذبا ، ومن كذب بآيات الله ، ولا إشكال في تساوي هؤلاء في الأظلمية ، ولا يدل على أن أحدهم أظلم من الآخر ، كما إذا قلت : لا أحد أفقه من فلان وفلان مثلا . ذكر هذين الوجهين صاحب الإتقان .
وما ذكره بعض المتأخرين من أن الاستفهام في قوله : " " ومن أظلم " المقصود منه التهويل والتفظيع من غير قصد إثبات الأظلمية للمذكور حقيقة ولا نفيها عن غيره ، كما ذكره عنه صاحب الإتقان ، يظهر ضعفه لأنه خلاف ظاهر القرءان .