وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب .
تعليل للنهي الذي في قوله ولا يجرمنكم شنآن قوم . وكان مقتضى الظاهر أن تكون الجملة مفصولة ، ولكنها عطفت : ترجيحا لما تضمنته من التشريع على ما اقتضته من التعليل ، يعني : أن واجبكم أن تتعاونوا بينكم على فعل البر والتقوى ، وإذا كان هذا واجبهم فيما بينهم ، كان الشأن أن يعينوا على البر والتقوى ، لأن التعاون عليها يكسب محبة تحصيلها ، فيصير تحصيلها رغبة لهم ، فلا جرم أن يعينوا عليها كل ساع إليها . ولو كان عدوا ، والحج بر فأعينوا عليه وعلى التقوى ، فهم وإن كانوا كفارا يعاونون على ما هو بر : لأن البر يهدي للتقوى ، فلعل تكرر فعله يقربهم من الإسلام . ولما كان الاعتداء على العدو إنما يكون بتعاونهم عليه نبهوا على أن التعاون لا ينبغي أن يكون صدا عن المسجد الحرام ، وقد أشرنا إلى ذلك آنفا ; فالضمير والمفاعلة في ( تعاونوا ) للمسلمين ، [ ص: 88 ] أي ليعن بعضكم بعضا على البر والتقوى . وفائدة التعاون تيسير العمل ، وتوفير المصالح ، وإظهار الاتحاد والتناصر ، حتى يصبح ذلك خلقا للأمة . وهذا قبل نزول قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا .
وقوله ولا تعاونوا على الإثم والعدوان تأكيد لمضمون وتعاونوا على البر والتقوى لأن الأمر بالشيء ، وإن كان يتضمن النهي عن ضده ، فالاهتمام بحكم الضد يقتضي النهي عنه بخصوصه . والمقصود أنه يجب أن يصد بعضكم بعضا عن ظلم قوم لكم نحوهم شنآن .
وقوله ( واتقوا الله ) الآية تذييل . وقوله ( شديد العقاب ) تعريض بالتهديد .