[ ص: 22 ] يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا .
أعقب الاعتذار الذي تقدم بقوله : يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم بالتذكير بأن الله لا يزال مراعيا رفقه بهذه الأمة وإرادته بها اليسر دون العسر ، إشارة إلى أن هذا الدين بين حفظ المصالح ودرء المفاسد ، في أيسر كيفية وأرفقها ، فربما ألغت الشريعة بعض المفاسد إذا كان في الحمل على تركها مشقة أو تعطيل مصلحة ، كما ألغت مفاسد نكاح الإماء نظرا للمشقة على غير ذي الطول . والآيات الدالة على هذا المعنى بلغت مبلغ القطع كقوله وما جعل عليكم في الدين من حرج . وقوله : يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر وقوله : ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم ، وفي الحديث الصحيح : ، وكذلك كان يأمر أصحابه الذين يرسلهم إلى بث الدين ; فقال إن هذا الدين يسر ولن يشاد هذا الدين أحد إلا غلبه لمعاذ وأبي موسى : وقال يسرا ولا تعسرا . وقال إنما بعثتم مبشرين لا منفرين لمعاذ لما شكا بعض المصلين خلفه من تطويله . فكان التيسير من أصول الشريعة الإسلامية ، وعنه تفرعت الرخص بنوعيها . أفتان أنت
وقوله : وخلق الإنسان ضعيفا تذييل وتوجيه للتخفيف ، وإظهار لمزية هذا الدين وأنه أليق الأديان بالناس في كل زمان ومكان ، ولذلك فما مضى من الأديان كان مراعى فيه حال دون حال ، ومن هذا المعنى قوله تعالى : الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا الآية في سورة الأنفال . وقد فسر بعضهم الضعف هنا بأنه الضعف من جهة النساء . قال ليس يكون الإنسان في شيء أضعف منه في أمر النساء . وليس مراده حصر معنى الآية فيه ، ولكنه مما روعي في الآية لا محالة ، لأن من الأحكام المتقدمة ما هو ترخيص في النكاح . طاوس