إلا أن يأتين بفاحشة مبينة .
ليس إتيانهن بفاحشة مبينة بعضا مما قبل الاستثناء ، لا من العضل ولا من الإذهاب ببعض المهر . فيحتمل أن يكون الاستثناء متصلا استثناء من عموم أحوال الفعل الواقع في تعليل النهي ، وهو إرادة الإذهاب ببعض ما آتوهن ، لأن عموم الأفراد يستلزم عموم الأحوال ، أي إلا حال الإتيان بفاحشة فيجوز إذهابكم ببعض ما آتيتموهن . ويحتمل أن يكون استثناء منقطعا في معنى الاستدراك ، أي لكن إتيانهن بفاحشة يحل لكم أن تذهبوا ببعض ما آتيتموهن ، فقيل : هذا كان حكم الزوجة التي تأتي بفاحشة وأنه نسخ بالحد . وهو قولعطاء .
والفاحشة هنا عند جمهور العلماء هي الزنى ، أي أن ، فإذا طلبت الطلاق فله أن لا يطلقها حتى تفتدي منه ببعض صداقها ، لأنها تسببت في بعثرة حال بيت الزوج ، وأحوجته إلى تجديد زوجة أخرى ، وذلك موكول لدينه وأمانة الإيمان . فإن حاد عن ذلك فللقضاة حمله على الحق . وإنما لم يجعل المفاداة بجميع المهر لئلا تصير مدة العصمة عرية عن عوض مقابل ، هذا ما يؤخذ من كلام الرجل إذا تحقق زنى زوجه فله أن يعضلها الحسن . وأبي قلابة ، وابن سيرين وعطاء ; لكن قال عطاء : هذا الحكم نسخ بحد الزنى وباللعان ، فحرم الإضرار والافتداء .
[ ص: 286 ] وقال ابن مسعود ، وابن عباس ، والضحاك ، وقتادة : الفاحشة هنا البغض والنشوز ، فإذا نشزت جاز له أن يأخذ منها . قال ابن عطية : وظاهر قول مالك بإجازة أخذ الخلع عن الناشز يناسب هذا إلا أني لا أحفظ نصا في الفاحشة في هذه الآية .
وقرأ الجمهور : ( مبينة ) بكسر التحتية ؛ اسم فاعل من ( بين ) اللازم بمعنى تبين ، كما في قولهم في المثل ( بين الصبح لذي عينين ) . وقرأه ابن كثير . وأبو بكر عن عاصم ، وخلف بفتح التحتية اسم مفعول من ( بين ) المتعدي أي بينها وأظهرها بحيث أشهد عليهن بها .