فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيبا .
تفريع عن قوله فادفعوا إليهم أموالهم وهو أمر ، ليظهر جليا ما يسلمه الأوصياء لمحاجيرهم ، حتى يمكن الرجوع عليهم يوما ما بما يطلع عليه مما تخلف عند الأوصياء ، وفيه براءة للأوصياء أيضا من دعاوي المحاجير من بعد . وحسبك بهذا التشريع قطعا للخصومات . الإشهاد عند الدفع
والأمر هنا يحتمل الوجوب ويحتمل الندب ، وبكل قالت طائفة من العلماء لم يسم أصحابها : فإن لوحظ ما فيه من الاحتياط لحق الوصي كان الإشهاد مندوبا [ ص: 247 ] لأنه حقه فله أن لا يفعله ، وإن لوحظ ما فيه من تحقيق مقصد الشريعة من رفع التهارج وقطع الخصومات ، كان الإشهاد واجبا نظير ما تقدم في قوله تعالى إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وللشريعة اهتمام بتوثيق الحقوق لأن ذلك أقوم لنظام المعاملات . وأيا ما كان فقد جعل الوصي غير مصدق في الدفع إلا ببينة عند مالك قال ابن الفرس : لولا أنه يضمن إذا أنكره المحجور لم يكن للأمر بالتوثيق فائدة ، ونقل الفخر عن موافقة قول الشافعي مالك ، إلا أن الفخر احتج بأن ظاهر الأمر للوجوب وهو احتجاج واه لأنه لا أثر لكون الأمر للوجوب أو للندب في ترتب حكم الضمان ، إذ الضمان من آثار خطاب الوضع ، وسببه هو انتفاء الإشهاد ، وأما الوجوب والندب فمن خطاب التكليف وأثرهما العقاب والثواب . وقال أبو حنيفة : هو مصدق بيمينه لأنه عده أمينا ، وقيل : لأنه رأى الأمر للندب . وقد علمت أن محمل الأمر بالإشهاد لا يؤثر في حكم الضمان . وجاء بقوله وكفى بالله حسيبا تذييلا لهذه الأحكام كلها ، لأنها وصيات وتحريضات فوكل الأمر فيها إلى مراقبة الله تعالى . والحسيب : المحاسب . والباء زائدة للتوكيد .