ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم .
الضمير في قوله ثم أنزل ضمير اسم الجلالة ، وهو يرجح كون ضمير أثابكم مثله لئلا يكون هذا رجوعا إلى سياق الضمائر المتقدمة من قوله ولقد صدقكم الله وعده والمعنى ثم أغشاكم بالنعاس بعد الهزيمة . وسمي الإغشاء إنزالا لأنه لما كان نعاسا مقدرا من الله لحكمة خاصة ، كان كالنازل من العوالم المشرفة كما يقال : نزلت السكينة .
والأمنة - بفتح الميم - الأمن ، : النوم الخفيف أو أول النوم ، وهو يزيل التعب ولا يغيب صاحبه ، فلذلك كان أمنة إذ لو ناموا ثقيلا لأخذوا ، قال والنعاس ، أبو طلحة الأنصاري والزبير ، : غشينا نعاس حتى إن السيف ليسقط من يد أحدنا . وقد استجدوا بذلك نشاطهم ، ونسوا حزنهم ، لأن الحزن تبتدئ خفته بعد أول نومة تعفيه ، كما هو مشاهد في أحزان الموت وغيرها . و ( نعاسا ) بدل على أمنة بدل مطابق . وأنس بن مالك
وكان مقتضى الظاهر أن يقدم النعاس ويؤخر أمنة : لأن أمنة بمنزلة الصفة أو المفعول لأجله فحقه التقديم على المفعول كما جاء في آية الأنفال إذ يغشيكم النعاس أمنة منه ولكنه قدم المنة هنا تشريفا لشأنها لأنها جعلت كالمنزل من الله لنصرهم ، فهو كالسكينة ، فناسب أن يجعل هو مفعول أنزل ، ويجعل النعاس بدلا منه .
[ ص: 134 ] وقرأ الجمهور : يغشى - بالتحتية - على أن الضمير عائد إلى نعاس ، وقرأه حمزة ، ، والكسائي وخلف - بالفوقية - بإعادة الضمير إلى أمنة ، ولذلك وصفها بقوله منكم .