وربك فكبر انتصب ( ربك ) على المفعولية لفعل ( كبر ) قدم على عامله لإفادة الاختصاص ، أي : لا تكبر غيره ، وهو قصر إفراد ، أي : دون الأصنام .
[ ص: 296 ] والواو عطفت جملة وربك فكبر على جملة قم فأنذر .
ودخلت الفاء على ( كبر ) إيذانا بشرط محذوف يكون ( كبر ) جوابه ، وهو شرط عام إذ لا دليل على شرط مخصوص وهيئ لتقدير الشرط بتقدم المفعول . ؛ لأن تقديم المعمول قد ينزل منزلة الشرط كقول النبيء - صلى الله عليه وسلم - يعني الأبوين . ففيهما فجاهد
فالتقدير : مهما يكن شيء فكبر ربك .
والمعنى : أن لا يفتر عن وهذا من الإيجاز ، وجوز الإعلان بتعظيم الله وتوحيده في كل زمان وكل حال أن تكون الفاء زائدة قال : هو كقولك زيدا فاضرب ، تريد : زيدا اضرب . ابن جني
وتكبير الرب تعظيمه ففعل ( كبر ) يفيد معنى نسبة مفعوله إلى أصل مادة اشتقاقه وذلك من معاني صيغة فعل ، أي : أخبر عنه بخبر التعظيم ، وهو تكبير مجازي بتشبيه الشيء المعظم بشيء كبير في نوعه بجامع الفضل على غيره في صفات مثله .
فمعنى وربك فكبر : صف ربك بصفات التعظيم ، وهذا يشمل تنزيهه عن النقائص فيشمل توحيده بالإلهية وتنزيهه عن الولد ، ويشمل وصفه بصفات الكمال كلها .
ومعنى كبر : كبره في اعتقادك : وكبره بقولك تسبيحا وتعليما . ويشمل هذا المعنى أن يقول الله أكبر ؛ لأنه إذا قال هذه الكلمة أفاد وصف الله بأنه أكبر من كل كبير ، أي : أجل وأنزه من كل جليل ، ولذلك جعلت هذه الكلمة افتتاحا للصلاة .
وأحسب أن في ذكر التكبير إيماء إلى شرع الصلاة التي أولها التكبير وخاصة اقترانه بقوله وثيابك فطهر فإنه إيماء إلى شرع الطهارة ، فلعل ذلك إعداد لشرع الصلاة ، ووقع في رواية معمر عن عند الزهري مسلم أن قال : وذلك قبل أن تفرض الصلاة . فالظاهر أن الله فرض عليه الصلاة عقب هذه السورة وهي غير الصلوات الخمس فقد ثبت أنه صلى في المسجد الحرام .