وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق .
استئناف ابتدائي يناسب ما سبقه من التنويه بشرف الإسلام .
وكيف استفهام إنكاري والمقصود إنكار أن تحصل لهم هداية خاصة وهي إما الهداية الناشئة عن عناية الله بالعبد ولطفه به ، وإسنادها إلى الله ظاهر; وإما الهداية الناشئة عن إعمال الأدلة والاستنتاج منها ، وإسنادها إلى الله لأنه موجد الأسباب ومسبباتها . ويجوز أن يكون الاستفهام مستعملا في الاستبعاد ، فإنهم آمنوا وعلموا ما في كتب الله ، ثم كفروا بعد ذلك بأنبيائهم ، إذ عبد اليهود الأصنام غير مرة ، وعبد النصارى المسيح ، وقد شهدوا أن محمدا صادق لقيام دلائل الصدق ، ثم كابروا ، وشككوا الناس . وجاءتهم الآيات فلم يتعظوا ، فلا مطمع في هديهم بعد هذه الأحوال ، وإنما تسري الهداية لمن أنصف وتهيأ لإدراك الآيات دون القوم الذين ظلموا أنفسهم . وقيل نزلت في اليهود خاصة . وقيل نزلت في جماعة من العرب أسلموا ثم كفروا ولحقوا بقريش ثم ندموا فراسلوا قومهم من المسلمين يسألونهم هل من توبة فنزلت ، ومنهم الحارث بن سويد ، وأبو عامر الراهب ، وطعيمة بن أبيرق .
وقوله وشهدوا عطف على إيمانهم أي وشهادتهم ، لأن الاسم الشبيه بالفعل في الاشتقاق يحسن عطفه على الفعل وعطف الفعل عليه .