nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=8nindex.php?page=treesubj&link=29031لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين .
استئناف هو منطوق لمفهوم الأوصاف التي وصف بها العدو في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=2إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء ، المسوقة مساق التعليل للنهي عن اتخاذ عدو الله أولياء ،
nindex.php?page=treesubj&link=32682_32685استثنى الله أقواما من المشركين غير مضمرين العداوة للمسلمين وكان دينهم شديد المنافرة مع دين الإسلام .
[ ص: 152 ] فإن نظرنا إلى وصف العدو من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1لا تتخذوا عدوي وعدوكم وحملناه على حالة معاداة من خالفهم في الدين ونظرنا مع ذلك إلى وصف
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1يخرجون الرسول وإياكم ، كان مضمون قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=8لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين إلى آخره ، بيانا لمعنى العداوة المجعولة علة للنهي عن الموالاة وكان المعنى أن مناط النهي هو مجموع الصفات المذكورة لكل صفة على حيالها .
وإن نظرنا إلى أن وصف العدو هو عدو الدين ، أي مخالفه في نفسه مع ضميمة وصف
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1وقد كفروا بما جاءكم من الحق ، كان مضمون
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=8لا ينهاكم الله إلى آخره تخصيصا للنهي بخصوص أعداء الدين الذين لم يقاتلوا المسلمين لأجل الدين ولم يخرجوا المسلمين من ديارهم .
وأيا ما كان فهذه الجملة قد أخرجت من حكم النهي القوم الذين لم يقاتلوا في الدين ولم يخرجوا المسلمين من ديارهم . واتصال هذه الآية بالآيات التي قبلها يجعل الاعتبارين سواء ، فدخل في حكم الآية أصناف وهم حلفاء النبيء - صلى الله عليه وسلم - مثل
خزاعة ، وبني الحارث بن كعب بن عبد مناة بن كنانة ، ومزينة كان هؤلاء كلهم مظاهرين النبيء - صلى الله عليه وسلم - ويحبون ظهوره على
قريش ، ومثل النساء والصبيان من المشركين ، وقد جاءت
قتيلة ( بالتصغير ويقال لها : قتلة ، مكبرا ) بنت عبد العزى من
بني عامر بن لؤي من
قريش وهي أم
nindex.php?page=showalam&ids=64أسماء بنت أبي بكر الصديق إلى
المدينة زائرة ابنتها
وقتيلة يومئذ مشركة في المدة التي كانت فيها المهادنة بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين كفار
قريش بعد صلح
الحديبية وهي المدة التي نزلت فيها هذه السورة
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002614فسألت أسماء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أتصل أمها ؟ قال : نعم صلي أمك ، وقد قيل : إن هذه الآية نزلت في شأنها .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=8أن تبروهم بدل اشتمال من
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=8الذين لم يقاتلوكم في الدين إلخ ، لأن وجود ضمير الموصول في المبدل وهو الضمير المنصوب في
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=8أن تبروهم يجعل بر المسلمين بهم مما تشتمل عليه أحوالهم . فدخل في الذين لم يقاتلوا المسلمين في الدين نفر من
بني هاشم منهم
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس بن عبد المطلب ، والذين شملتهم أحكام هذه الآية كلهم قد قيل إنهم سبب نزولها وإنما هو شمول وما هو بسبب نزول .
[ ص: 153 ] nindex.php?page=treesubj&link=32469والبر : حسن المعاملة والإكرام . وهو يتعدى بحرف الجر ، يقال : بر به ، فتعديته هنا بنفسه على نزع الخافض .
nindex.php?page=treesubj&link=19514والقسط : العدل . وضمن تقسطوا معنى تفضوا فعدي بـ ( إلى ) وكان حقه أن يعدى باللام . على أن اللام و ( إلى ) يتعاقبان كثيرا في الكلام ، أي أن تعاملوهم بمثل ما يعاملونكم به من التقرب ، فإن معاملة أحد بمثل ما عامل به من العدل .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=8إن الله يحب المقسطين تذييل ، أي يحب كل مقسط فيدخل الذين يقسطون للذين حالفوهم في الدين إذا كانوا مع المخالفة محسنين معاملتهم .
وعن ابن وهب قال سألت ابن زيد عن قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=8لا ينهاكم الله الآية قال : نسخها القتال ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري لا معنى لقول من قال : ذلك منسوخ ، لأن بر المؤمنين بمن بينه وبينه قرابة من أهل الحرب أو بمن لا قرابة بينه وبينه غير محرم إذا لم يكن في ذلك دلالة على عورة لأهل الإسلام . اهـ .
ويؤخذ من هذه الآية
nindex.php?page=treesubj&link=8733_8885_32682جواز معاملة أهل الذمة بالإحسان وجواز الاحتفاء بأعيانهم .
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=8nindex.php?page=treesubj&link=29031لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ .
اسْتِئْنَافٌ هُوَ مَنْطُوقٌ لِمَفْهُومِ الْأَوْصَافِ الَّتِي وُصِفَ بِهَا الْعَدُوُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=2إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ ، الْمَسُوقَةِ مَسَاقَ التَّعْلِيلِ لِلنَّهِي عَنْ اتِّخَاذِ عَدُوِّ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ ،
nindex.php?page=treesubj&link=32682_32685اسْتَثْنَى اللَّهُ أَقْوَامًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ غَيْرَ مُضْمِرِينَ الْعَدَاوَةَ لِلْمُسْلِمِينَ وَكَانَ دِينُهُمْ شَدِيدَ الْمُنَافَرَةِ مَعَ دِينِ الْإِسْلَامِ .
[ ص: 152 ] فَإِنْ نَظَرْنَا إِلَى وَصْفِ الْعَدُوِّ مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى حَالَةِ مُعَادَاةِ مَنْ خَالَفَهُمْ فِي الدِّينِ وَنَظَرْنَا مَعَ ذَلِكَ إِلَى وَصْفِ
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ ، كَانَ مَضْمُونُ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=8لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ إِلَى آخِرِهِ ، بَيَانًا لِمَعْنَى الْعَدَاوَةِ الْمَجْعُولَةِ عِلَّةً لِلنَّهِي عَنِ الْمُوَالَاةِ وَكَانَ الْمَعْنَى أَنَّ مَنَاطَ النَّهْيِ هُوَ مَجْمُوعُ الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ لِكُلَّ صِفَةٍ عَلَى حِيَالِهَا .
وَإِنْ نَظَرْنَا إِلَى أَنَّ وَصْفَ الْعَدُوِّ هُوَ عَدُوُّ الدِّينِ ، أَيْ مُخَالِفُهُ فِي نَفْسِهِ مَعَ ضَمِيمَةِ وَصْفِ
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ ، كَانَ مَضْمُونُ
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=8لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ إِلَى آخِرِهِ تَخْصِيصًا لِلنَّهْيِ بِخُصُوصِ أَعْدَاءِ الدِّينِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوا الْمُسْلِمِينَ لِأَجْلِ الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوا الْمُسْلِمِينَ مِنْ دِيَارِهِمْ .
وَأَيًّا مَا كَانَ فَهَذِهِ الْجُمْلَةُ قَدْ أَخْرَجَتْ مِنْ حُكْمِ النَّهْيِ الْقَوْمَ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوا فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوا الْمُسْلِمِينَ مِنْ دِيَارِهِمْ . وَاتِّصَالُ هَذِهِ الْآيَةِ بِالْآيَاتِ الَّتِي قَبْلَهَا يَجْعَلُ الِاعْتِبَارَيْنِ سَوَاءً ، فَدَخَلَ فِي حُكْمِ الْآيَةِ أَصْنَافٌ وَهُمْ حُلَفَاءُ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلُ
خُزَاعَةَ ، وَبَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ ، وَمُزَيْنَةَ كَانَ هَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ مُظَاهِرِينَ النَّبِيءَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُحِبُّونَ ظُهُورَهُ عَلَى
قُرَيْشٍ ، وَمِثْلُ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، وَقَدْ جَاءَتْ
قُتَيْلَةُ ( بِالتَّصْغِيرِ وَيُقَالُ لَهَا : قَتَلَةُ ، مُكَبَّرًا ) بِنْتُ عَبْدِ الْعُزَّى مِنْ
بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍ مِنْ
قُرَيْشٍ وَهِيَ أُمُّ
nindex.php?page=showalam&ids=64أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرِ الصِّدِّيقِ إِلَى
الْمَدِينَةِ زَائِرَةً ابْنَتَهَا
وَقُتَيْلَةُ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكَةٌ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ فِيهَا الْمُهَادَنَةُ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيْنَ كُفَّارِ
قُرَيْشٍ بَعْدَ صُلْحِ
الْحُدَيْبِيَةِ وَهِيَ الْمُدَّةُ الَّتِي نَزَلَتْ فِيهَا هَذِهِ السُّورَةُ
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002614فَسَأَلَتْ أَسْمَاءُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : أَتَصِلُ أُمَّهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ صِلِي أُمَّكِ ، وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي شَأْنِهَا .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=8أَنْ تَبَرُّوهُمْ بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=8الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ إِلَخْ ، لِأَنَّ وُجُودَ ضَمِيرِ الْمَوْصُولِ فِي الْمُبْدَلِ وَهُوَ الضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=8أَنْ تَبَرُّوهُمْ يَجْعَلُ بِرَّ الْمُسْلِمِينَ بِهِمْ مِمَّا تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ أَحْوَالُهُمْ . فَدَخَلَ فِي الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوا الْمُسْلِمِينَ فِي الدِّينِ نَفَرٌ مِنْ
بَنِي هَاشِمٍ مِنْهُمُ
nindex.php?page=showalam&ids=18الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَالَّذِينَ شَمَلَتْهُمْ أَحْكَامُ هَذِهِ الْآيَةِ كُلُّهُمْ قَدْ قِيلَ إِنَّهُمْ سَبَبُ نُزُولِهَا وَإِنَّمَا هُوَ شُمُولٌ وَمَا هُوَ بِسَبَبِ نُزُولٍ .
[ ص: 153 ] nindex.php?page=treesubj&link=32469وَالْبِرُّ : حُسْنُ الْمُعَامَلَةِ وَالْإِكْرَامُ . وَهُوَ يَتَعَدَّى بِحَرْفِ الْجَرِّ ، يُقَالُ : بَرَّ بِهِ ، فَتَعْدِيَتُهُ هُنَا بِنَفْسِهِ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ .
nindex.php?page=treesubj&link=19514وَالْقِسْطُ : الْعَدْلُ . وَضَمَّنَ تُقْسِطُوا مَعْنَى تُفْضُوا فَعُدِّيَ بِـ ( إِلَى ) وَكَانَ حَقَّهُ أَنْ يُعَدَّى بِاللَّامِ . عَلَى أَنَّ اللَّامَ وَ ( إِلَى ) يَتَعَاقَبَانِ كَثِيرًا فِي الْكَلَامِ ، أَيْ أَنْ تُعَامِلُوهُمْ بِمِثْلِ مَا يُعَامِلُونَكُمْ بِهِ مِنَ التَّقَرُّبِ ، فَإِنَّ مُعَامَلَةَ أَحَدٍ بِمِثْلِ مَا عَامَلَ بِهِ مِنَ الْعَدْلِ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=8إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ تَذْيِيلٌ ، أَيْ يُحِبُّ كُلَّ مُقْسِطٍ فَيَدْخُلُ الَّذِينَ يُقْسِطُونَ لِلَّذِينَ حَالَفُوهُمْ فِي الدِّينِ إِذَا كَانُوا مَعَ الْمُخَالَفَةِ مُحْسِنِينَ مُعَامَلَتَهُمْ .
وَعَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ زَيْدٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=8لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ الْآيَةَ قَالَ : نَسَخَهَا الْقِتَالُ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ لَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ قَالَ : ذَلِكَ مَنْسُوخٌ ، لِأَنَّ بِرَّ الْمُؤْمِنِينَ بِمَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَرَابَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ أَوْ بِمَنْ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ غَيْرُ مَحَرَّمٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى عَوْرَةٍ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ . اهـ .
وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=8733_8885_32682جَوَازُ مُعَامَلَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِالْإِحْسَانِ وَجَوَازُ الِاحْتِفَاءِ بِأَعْيَانِهِمْ .