[ ص: 160 ] أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون وأنتم سامدون .
تفريع على هذا نذير من النذر الأولى وما عطف عليه وبين به من بيان أو صفة ، فرع عليه استفهام إنكار وتوبيخ .
والحديث : الكلام والخبر .
والإشارة إلى ما ذكر من ، فالمراد بالحديث بعض القرآن بما في قوله الإنذار بأخبار الذين كذبوا الرسل أفبهذا الحديث أنتم مدهنون .
ومعنى العجب هنا الاستبعاد والإحالة كقوله أتعجبين من أمر الله ، أو كناية عن الإنكار .
والضحك : ضحك الاستهزاء .
والبكاء مستعمل في لازمه من خشية الله كقوله تعالى ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا .
ومن هذا المعنى قول النبيء - صلى الله عليه وسلم - للمسلمين حيث حلوا بحجر ثمود في غزوة تبوك ، أي : ضارعين لله أن لا يصيبكم مثل ما أصابهم أو خاشعين أن يصيبكم مثل ما أصابهم . لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم مثل ما أصابهم
والمعنى : ولا تخشون سوء عذاب الإشراك فتقلعوا عنه .
وسامدون : من السمود وهو ما في المرء من الإعجاب بالنفس ، يقال : سمد البعير ، إذا رفع رأسه في سيره ، مثل به حال المتكبر المعرض عن النصح المعجب بما هو فيه بحال البعير في نشاطه .
وقيل السمود : الغناء بلغة حمير ، والمعنى : فرحون بأنفسكم تتغنون بالأغاني لقلة الاكتراث بما تسمعون من القرآن كقوله وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية على أحد تفسيرين .
[ ص: 161 ] وتقديم المجرور للقصر ، أي هذا الحديث ليس أهلا لأن تقابلوه بالضحك والاستهزاء والتكذيب ولا لأن لا يتوب سامعه ، أي لو قابلتم بفعلكم كلاما غيره لكان لكم شبهة في فعلكم ، فأما مقابلتكم هذا الحديث بما فعلتم فلا عذر لكم فيها .