هذا في معنى الاحتراس مما يقتضيه مفهوم لو نشاء لأريناكهم من عدم وقوع المشيئة لإرادته إياهم بنعوتهم .
والمعنى : فإن لم نرك إياهم بسيماهم فلتقعن معرفتك بهم من لحن كلامهم بإلهام يجعله الله في علم رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، فلا يخفى عليه شيء من لحن كلامهم [ ص: 122 ] فيحصل له العلم بكل واحد منهم إذا لحن في قوله ، وهم لا يخلو واحد منهم من اللحن في قوله ، فمعرفة الرسول بكل واحد منهم حاصلة وإنما ترك الله تعريفه إياهم بسيماهم ووكله إلى معرفتهم بلحن قولهم إبقاء على سنة الله - تعالى - في نظام الخلق بقدر الإمكان لأنها سنة ناشئة عن الحكمة فلما أريد تكريم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بإطلاعه على دخائل المنافقين سلك الله في ذلك مسلك الرمز .
واللام في ولتعرفنهم لام القسم المحذوف .
ولحن القول : الكلام المحال به إلى غير ظاهره ليفطن له من يراد أن يفهمه دون أن يفهمه غيره بأن يكون في الكلام تعريض أو تورية أو ألفاظ مصطلح عليها بين شخصين أو فرقة كالألفاظ العلمية قال القتال الكلائي :
ولقد وحيت لكم لكيما تفهموا ولحنت لحنا ليس بالمرتاب
كان المنافقون يخاطبون النبيء - صلى الله عليه وسلم - بكلام تواضعوه فيما بينهم ، وكان النبيء - صلى الله عليه وسلم - يأخذهم بظاهر كلامهم فنبهه الله إليه فكان بعد هذا يعرف المنافقين إذا سمع كلامهم .