يجوز أن تكون الإشارة وبيانها بآيات الله إشارة إلى الآيات المذكورة في قوله لآيات للمؤمنين وقوله " لآيات لقوم يؤمنون وقوله " آيات لقوم يعقلون .
وإضافتها إلى اسم الجلالة لأن خالقها على تلك الصفات التي كانت لها آيات للمستنصرين .
وجملة نتلوها عليك بالحق في موضع الحال من آيات الله . والعامل في اسم الإشارة من معنى الفعل على نحو قوله تعالى وهذا بعلي شيخا .
والتلاوة : القراءة . ومعنى كون الآيات متلوة أن في ألفاظ القرآن المتلوة دلالة عليها فاستعمال فعل نتلو مجاز عقلي لأن المتلو ما يدل عليها .
[ ص: 330 ] ويجوز أن تكون الإشارة إلى حاضر في الذهن غير مذكور لما دل عليه قوله " الكتاب " أي تلك آيات الله المنزلة في القرآن ، فيكون استعمال فعل " نتلوها " في حقيقته .
وإسناد التلاوة إلى الله مجاز عقلي أيضا لأن الله موجد القرآن المتلو الدال على تلك الآيات .
وقوله فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون ، و ( بعد ) هنا بمعنى ( دون ) . فالمعنى : فبأي حديث دون الله وآياته ، وتقدم قوله تعالى ومن يضلل الله فما له من ولي من بعده في سورة الشورى ، وفي الأعراف فبأي حديث بعده يؤمنون . والاستفهام في قوله فبأي حديث مستعمل في التأييس والتعجيب كقول الأعشى :
فمن أي ما تأتي الحوادث أفرق
وإضافة ( بعد ) إلى اسم الجلالة على تقدير مضاف دل عليه ما تقدم من قوله فبأي حديث ، والتقدير : بعد حديث الله ، أي بعد سماعه ، كقول النابغة :
وقد خفت حتى ما تزيد مخافتي على وعل في ذي المطارة عاقل
أي على مخافة وعل .
واسم ( بعد ) مستعمل في حقيقته .
والمراد بالحديث : الكلام ، يعني القرآن كقوله الله نزل أحسن الحديث وكما وقع إضافة حديث إلى ضمير القرآن في قوله في الأعراف فبأي حديث بعده يؤمنون وفي آخر المرسلات فبأي حديث بعده يؤمنون .
وعطف " وآياته " على " حديث " لأن المراد بها الآيات غير القرآن من دلائل السماوات والأرض مما تقدم في قوله إن في السماوات والأرض لآيات للمؤمنين .
[ ص: 331 ] وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وحفص وأبو جعفر وروح عن يعقوب " يؤمنون " بالتحتية . وقرأه أبو عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر ورويس عن يعقوب بالتاء الفوقية فهو التفات .