فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون
اعتراض بتفريع عن تنزيه الله عما ينسبونه إليه من الولد والشركاء ، وهذا تأييس من إجداء الحجة فيهم وأن الأولى به متاركتهم في ضلالهم إلى أن يحين يوم يلقون فيه العذاب الموعود . وهذا متحقق في الذين ماتوا عليه ، وهم الذين كانوا متصدين لمحاجة النبيء - صلى الله عليه وسلم - ومجادلته والتشغيب عليه مثل أئمة الكفر أبي جهل ، وأمية بن خلف ، وشيبة بن ربيعة ، وعتبة بن ربيعة ، ، والوليد بن عتبة والوليد بن المغيرة ، والنضر بن عبد الدار ، ممن قتلوا يوم بدر .
( واليوم ) هنا محتمل ليوم بدر وليوم القيامة وكلاهما قد وعدوه ، والوعد هنا بمعنى الوعيد كما دل عليه السياق .
والخوض حقيقته : الدخول في لجة الماء ماشيا ، ويطلق مجازا على كثرة الحديث ، والأخبار والاقتصار على الاشتغال بها ، وتقدم في قوله وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم في سورة الأنعام .
[ ص: 267 ] والمعنى : فأعرض عنهم في حال خوضهم في الأحاديث ولعبهم في مواقع الجد حين يهزأون بالإسلام . واللعب : المزح والهزم .
وجزم فعل " يخوضوا ويلعبوا " بلام الأمر محذوفة وهو أولى من جعله جزما في جواب الأمر ، وقد تكرر مثله في القرآن فالأمر هنا مستعمل في التهديد من قبيل اعملوا ما شئتم .
وقرأ الجمهور " يلاقوا " بضم الياء وبألف بعد اللام ، وصيغة المفاعلة مجاز في أنه لقاء محقق . وقرأه أبو جعفر " يلقوا " بفتح الياء وسكون اللام على أنه مضارع المجرد .