وكفرنا بما كنا به مشركين فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا .
موقع جملة فلما رأوا بأسنا من قوله فلما جاءتهم رسلهم بالبينات كموقع جملة فلما جاءتهم رسلهم من قوله كانوا أكثر منهم لأن إفادة لما معنى التوقيت يثير معنى توقيت انتهاء ما قبلها ، أي دام دعاء الرسل إياهم ودام [ ص: 222 ] تكذيبهم واستهزاؤهم إلى أن رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده .
والبأس : الشدة في المكروه ، وهو جامع لأصناف العذاب كقوله تعالى إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا فذلك البأس بمعنى البأساء ، ألا ترى إلى قوله تضرعوا وهو هنا يقول فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا . فالبأس هنا العذاب الخارق للعادة المنذر بالفناء فإنهم لما رأوه علموا أنه العذاب الذي أنذروه .
وفرع عليه قوله فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا ، أي حين شاهدوا العذاب لم ينفعهم الإيمان لأن الله لا يقبل الإيمان عند نزول عذابه .
وعدل عن أن يقال : فلم ينفعهم ، إلى قوله فلم يك ينفعهم لدلالة فعل الكون على أن خبره مقرر الثبوت لاسمه ، فلما أريد نفي ثبوت النفع إياهم بعد فوات وقته اجتلب لذلك نفي فعل الكون الذي خبره ينفعهم .
والمعنى أن مثل الإيمان عند الغرغرة ومثل الإيمان عند طلوع الشمس من مغربها كما جاء في الحديث الصحيح وسيأتي بيان هذا عقبه . الإيمان بعد رؤية بوارق العذاب لا يفيد صاحبه