nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=47nindex.php?page=treesubj&link=29010_30311_30539ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=48وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون .
عطف على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=46قل اللهم فاطر السماوات والأرض إلخ لأنها تشير إلى أن الحق في جانب النبيء صلى الله عليه وسلم وهو الذي دعا ربه للمحاكمة ، وأن الحكم سيكون على المشركين ، فأعقب ذلك بتهويل ما سيكون به الحكم بأنه لو وجد المشركون فدية منه بالغة ما بلغت لافتدوا بها .
[ ص: 33 ] و
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=47ما في الأرض يشمل كل عزيز من أهليهم وأموالهم بل وأنفسهم فهو أهون من سوء العذاب يوم القيامة .
والمعنى : لو أن ذلك ملك لهم يوم القيامة لافتدوا به يومئذ . ووجه التهويل في ذلك هو ما يستلزمه ملك هذه الأشياء من الشح بها في متعارف النفوس ، فالكلام تمثيل لحالهم في شدة الدرك والشقاء بحال من لو كان له ما ذكر لبذله فدية من ذلك العذاب ، وتقدم نظير هذا في سورة العقود . وتضمن حرف الشرط أن كون ما في الأرض لهم منتف ، فأفاد أن لا فداء لهم من سوء العذاب وهو تأييس لهم .
و ( من ) في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=47من سوء العذاب بمعنى لام التعليل ، أي لافتدوا به لأجل العذاب السيئ الذي شاهدوه . ويجوز أن تكون للبدل ، أي بدلا عن
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=47سوء العذاب .
وعطف على هذا التأييس تهويل آخر في عظم ما ينالهم من العذاب وهو ما في الموصول من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=47ما لم يكونوا يحتسبون من الإيهام الذي تذهب فيه نفس السامع إلى كل تصوير من الشدة .
ويجوز جعل الواو للحال ، أي لافتدوا به في حال ظهور ما لم يكونوا يحتسبون .
و
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=47من الله متعلق ب ( بدا ) ، و ( من ) ابتدائية ، أي ظهر لهم مما أعد الله لهم الذي لم يكونوا يظنونه .
والاحتساب : مبالغة في الحساب بمعنى الظن مثل : اقترب بمعنى قرب . والمعنى : ما لم يكونوا يظنونه ، وذلك كناية عن كونه متجاوزا أقصى ما يتخيله المتخيل حين يسمع أوصافه ، فلا التفات في هذه الكناية إلى كونهم كانوا مكذبين بالبعث فلم يكن يخطر ببالهم ، ونظير هذا الوعد بالخبر قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=17فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين .
و ( سيئات ) جمع سيئة ، وهو وصف أضيف إلى موصوفه وهو الموصول ( ما كسبوا ) أي مكسوباتهم السيئات . وتأنيثها باعتبار شهرة إطلاق السيئة على
[ ص: 34 ] الفعلة وإن كان فيما كسبوه ما هو من فاسد الاعتقاد كاعتقاد الشركاء لله وإضمار البغض للرسول والصالحين ، والأحقاد والتحاسد ، فجرى تأنيث الوصف على تغليب السيئات العملية مثل الغصب والقتل والفواحش تغليبا لفظيا لكثرة الاستعمال .
وأوثر فعل ( كسبوا ) على فعل : عملوا ، لقطع تبرمهم من العذاب بتسجيل أنهم اكتسبوا أسبابه بأنفسهم ، كما تقدم آنفا في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=24وقيل للظالمين ذوقوا ما كنتم تكسبون دون : تعلمون .
والحوق : الإحاطة ، أي أحاط بهم فلم ينفلتوا منه ، وتقدم الخلاف في اشتقاقه في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=10ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم في سورة الأنعام .
وما
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=10كانوا به يستهزئون هو عذاب الآخرة ، أي يستهزئون بذكره تنزيلا للعقاب منزلة مستهزأ به فيكون الضمير المجرور استعارة مكنية .
ولك أن تجعل الباء للسببية وتجعل متعلق ( يستهزئون ) محذوفا ، أي يستهزئون بالنبيء صلى الله عليه وسلم بسبب ذكره العذاب .
وتقديم ( به ) على ( يستهزئون ) للاهتمام به وللرعاية على الفاصلة .
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=47nindex.php?page=treesubj&link=29010_30311_30539وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=48وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ .
عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=46قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَخْ لِأَنَّهَا تُشِيرُ إِلَى أَنَّ الْحَقَّ فِي جَانِبِ النَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الَّذِي دَعَا رَبَّهُ لِلْمُحَاكَمَةِ ، وَأَنَّ الْحُكْمَ سَيَكُونُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ، فَأَعْقَبَ ذَلِكَ بِتَهْوِيلِ مَا سَيَكُونُ بِهِ الْحُكْمُ بِأَنَّهُ لَوْ وَجَدَ الْمُشْرِكُونَ فِدْيَةً مِنْهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ لَافْتَدَوْا بِهَا .
[ ص: 33 ] وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=47مَا فِي الْأَرْضِ يَشْمَلُ كُلَّ عَزِيزٍ مِنْ أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ بَلْ وَأَنْفُسِهِمْ فَهُوَ أَهْوَنُ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .
وَالْمَعْنَى : لَوْ أَنَّ ذَلِكَ مِلْكٌ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَافْتَدَوْا بِهِ يَوْمَئِذٍ . وَوَجْهُ التَّهْوِيلِ فِي ذَلِكَ هُوَ مَا يَسْتَلْزِمُهُ مِلْكُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مِنَ الشُّحِّ بِهَا فِي مُتَعَارَفِ النُّفُوسِ ، فَالْكَلَامُ تَمْثِيلٌ لِحَالِهِمْ فِي شِدَّةِ الدَّرْكِ وَالشَّقَاءِ بِحَالِ مَنْ لَوْ كَانَ لَهُ مَا ذُكِرَ لِبَذَلَهُ فِدْيَةً مِنْ ذَلِكَ الْعَذَابِ ، وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ هَذَا فِي سُورَةِ الْعُقُودِ . وَتَضَمَّنَ حَرْفُ الشَّرْطِ أَنَّ كَوْنَ مَا فِي الْأَرْضِ لَهُمْ مُنْتَفٍ ، فَأَفَادَ أَنْ لَا فِدَاءَ لَهُمْ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ وَهُوَ تَأْيِيسٌ لَهُمْ .
وَ ( مَنْ ) فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=47مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ بِمَعْنَى لَامِ التَّعْلِيلِ ، أَيْ لَافْتَدَوْا بِهِ لِأَجْلِ الْعَذَابِ السَّيِّئِ الَّذِي شَاهَدُوهُ . وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِلْبَدَلِ ، أَيْ بَدَلًا عَنْ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=47سُوءِ الْعَذَابِ .
وَعُطِفَ عَلَى هَذَا التَّأْيِيسِ تَهْوِيلٌ آخَرُ فِي عِظَمِ مَا يَنَالُهُمْ مِنَ الْعَذَابِ وَهُوَ مَا فِي الْمَوْصُولِ مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=47مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ مِنَ الْإِيهَامِ الَّذِي تَذْهَبُ فِيهِ نَفْسُ السَّامِعِ إِلَى كُلِّ تَصْوِيرٍ مِنَ الشِّدَّةِ .
وَيَجُوزُ جَعْلُ الْوَاوِ لِلْحَالِ ، أَيْ لَافْتَدَوْا بِهِ فِي حَالِ ظُهُورِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ .
وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=47مِنَ اللَّهِ مُتَعَلِّقٌ بِ ( بَدَا ) ، وَ ( مِنَ ) ابْتِدَائِيَّةٌ ، أَيْ ظَهَرَ لَهُمْ مِمَّا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمُ الَّذِي لَمْ يَكُونُوا يَظُنُّونَهُ .
وَالِاحْتِسَابُ : مُبَالَغَةٌ فِي الْحِسَابِ بِمَعْنَى الظَّنِّ مِثْلَ : اقْتَرَبَ بِمَعْنَى قَرُبَ . وَالْمَعْنَى : مَا لَمْ يَكُونُوا يَظُنُّونَهُ ، وَذَلِكَ كِنَايَةٌ عَنْ كَوْنِهِ مُتَجَاوِزًا أَقْصَى مَا يَتَخَيَّلُهُ الْمُتَخَيَّلُ حِينَ يَسْمَعُ أَوْصَافَهُ ، فَلَا الْتِفَاتَ فِي هَذِهِ الْكِنَايَةِ إِلَى كَوْنِهِمْ كَانُوا مُكَذِّبِينَ بِالْبَعْثِ فَلَمْ يَكُنْ يَخْطُرُ بِبَالِهِمْ ، وَنَظِيرُ هَذَا الْوَعْدِ بِالْخَبَرِ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=17فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ .
وَ ( سَيِّئَاتُ ) جَمْعُ سَيِّئَةٍ ، وَهُوَ وَصْفٌ أُضِيفَ إِلَى مَوْصُوفِهِ وَهُوَ الْمَوْصُولُ ( مَا كَسَبُوا ) أَيْ مَكْسُوبَاتِهِمُ السَّيِّئَاتِ . وَتَأْنِيثُهَا بِاعْتِبَارِ شُهْرَةِ إِطْلَاقِ السَّيِّئَةِ عَلَى
[ ص: 34 ] الْفِعْلَةِ وَإِنْ كَانَ فِيمَا كَسَبُوهُ مَا هُوَ مِنْ فَاسِدِ الِاعْتِقَادِ كَاعْتِقَادِ الشُّرَكَاءِ لِلَّهِ وَإِضْمَارِ الْبُغْضِ لِلرَّسُولِ وَالصَّالِحِينَ ، وَالْأَحْقَادِ وَالتَّحَاسُدِ ، فَجَرَى تَأْنِيثُ الْوَصْفِ عَلَى تَغْلِيبِ السَّيِّئَاتِ الْعَمَلِيَّةِ مِثْلَ الْغَصْبِ وَالْقَتْلِ وَالْفَوَاحِشِ تَغْلِيبًا لَفْظِيًّا لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ .
وَأُوثِرَ فِعْلُ ( كَسَبُوا ) عَلَى فِعْلِ : عَمِلُوا ، لِقَطْعِ تَبَرُّمِهِمْ مِنَ الْعَذَابِ بِتَسْجِيلِ أَنَّهُمُ اكْتَسَبُوا أَسْبَابَهُ بِأَنْفُسِهِمْ ، كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=24وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ دُونَ : تَعْلَمُونَ .
وَالْحَوْقُ : الْإِحَاطَةُ ، أَيْ أَحَاطَ بِهِمْ فَلَمْ يَنْفَلِتُوا مِنْهُ ، وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي اشْتِقَاقِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=10وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ .
وَمَا
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=10كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ هُوَ عَذَابُ الْآخِرَةِ ، أَيْ يَسْتَهْزِئُونَ بِذِكْرِهِ تَنْزِيلًا لِلْعِقَابِ مَنْزِلَةَ مُسْتَهْزَأٍ بِهِ فَيَكُونُ الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ اسْتِعَارَةً مَكْنِيَّةً .
وَلَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْبَاءَ لِلسَّبَبِيَّةِ وَتَجْعَلَ مُتَعَلِّقَ ( يَسْتَهْزِئُونَ ) مَحْذُوفًا ، أَيْ يَسْتَهْزِئُونَ بِالنَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبَبِ ذِكْرِهِ الْعَذَابَ .
وَتَقْدِيمُ ( بِهِ ) عَلَى ( يَسْتَهْزِئُونَ ) لِلِاهْتِمَامِ بِهِ وَلِلرِّعَايَةِ عَلَى الْفَاصِلَةِ .