وكذلك جعلنا لكل نبيء عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا .
هذه تسلية للنبيء صلى الله عليه وسلم بأن ما لقيه من بعض قومه هو سنة من سنن الأمم مع أنبيائهم . وفيه تنبيه للمشركين ليعرضوا أحوالهم على هذا الحكم التاريخي فيعلموا [ ص: 18 ] أن حالهم كحال من كذبوا من قوم نوح وعاد وثمود .
والقول في قوله ( وكذلك ) تقدم في قوله تعالى : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا ) . والعدو : اسم يقع على المفرد والجمع والمراد هنا الجمع .
ووصف أعداء الأنبياء بأنهم من المجرمين ، أي : من جملة المجرمين ، فإن الإجرام أعم من عداوة الأنبياء وهو أعظمها . وإنما أريد هنا تحقيق انضواء أعداء الأنبياء في زمرة المجرمين ؛ لأن ذلك أبلغ في الوصف من أن يقال : عدوا مجرمين كما تقدم عند قوله تعالى : ( قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين ) في سورة البقرة .
وأعقب التسلية بالوعد بهداية كثير ممن هم يومئذ معرضون عنه كما قال النبيء صلى الله عليه وسلم : وبأنه ينصره على الذين يصرون على عداوته ؛ لأن قوله : ( لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبده وكفى بربك هاديا ونصيرا ) تعريض بأن يفوض الأمر إليه فإنه كاف في الهداية والنصر .
والباء في قوله : ( بربك ) تأكيد لاتصال الفاعل بالفعل . وأصله : كفى ربك في هذه الحالة .