nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=45nindex.php?page=treesubj&link=28992_31037_30176قل إنما أنذركم بالوحي ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون
استئناف ابتدائي مقصود منه الإتيان على جميع ما تقدم من استعجابهم بالوعد تهكما بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=38ويقولون متى هذا الوعد ،
[ ص: 78 ] ومن التهديد الذي وجه إليهم بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=39لو يعلم الذين كفروا إلخ ، ومن تذكيرهم بالخالق وتنبيههم إلى بطلان آلهتهم بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=42قل من يكلؤكم بالليل والنهار إلى قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=44حتى طال عليهم العمر ، ومن الاحتجاج عليهم بظهور بوارق نصر المسلمين ، واقتراب الوعد بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=44أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها - عقب به أمر الله رسوله أن يخاطبهم بتعريف كنه دعوته ، وهي قصره على الإنذار بما سيحل بهم في الدنيا والآخرة إنذارا من طريق الوحي المنزل عليه من الله تعالى وهو القرآن ، أي فلا تعرضوا عنه ، ولا تتطلبوا مني آية غير ذلك ، ولا تسألوا عن تعيين آجال حلول الوعيد ، ولا تحسبوا أنكم تغيظونني بإعراضكم والتوغل في كفركم .
فالكلام قصر موصوف على صفة ، وقصره على المتعلق بتلك الصفة تبعا لمتعلقه فهو قائم مقام قصرين ، ولم يظهر لي مثال له من كلام العرب قبل القرآن .
وهذا الكلام يستلزم متاركة لهم بعد الإبلاغ في إقامة الحجة عليهم ؛ ولذلك ذيل بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=45ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون ، والواو للعطف على
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=45إنما أنذركم بالوحي عطف استئناف على استئناف ؛ لأن التذييل من قبيل الاستئناف .
والتعريف في " الصم " للاستغراق . والصمم مستعار لعدم الانتفاع بالكلام المفيد ، تشبيها لعدم الانتفاع بالمسموع بعدم ولوج الكلام صماخ المخاطب به ، وتقدم في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=18صم بكم عمي في سورة البقرة . ودخل في عمومه المشركون المعرضون عن القرآن وهم المقصود من سوق التذييل ليكون دخولهم في الحكم بطريقة الاستدلال بالعموم على الخصوص .
وتقييد عدم السماع بوقت الإعراض عند سماع الإنذار لتفظيع إعراضهم عن الإنذار ؛ لأنه إعراض يفضي بهم إلى الهلاك فهو أفظع من
[ ص: 79 ] عدم سماع البشارة أو التحديث ؛ ولأن التذييل مسوق عقب إنذارات كثيرة .
واختير لفظ الدعاء لأنه المطابق للغرض ؛ إذ كان النبيء - صلى الله عليه وسلم - داعيا كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=108أدعو إلى الله على بصيرة ، والأظهر أن جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=45ولا يسمع الصم الدعاء كلام مخاطب به الرسول - صلى الله عليه وسلم - وليس من جملة المأمور بأن يقوله : لهم .
وقرأ الجمهور " ولا يسمع " بتحتية في أوله ورفع " الصم " . وقرأه
ابن عامر " ولا تسمع " بالتاء الفوقية المضمومة ونصب " الصم " - خطابا للرسول صلى الله عليه وسلم ، وهذه القراءة نص في انفصال الجملة عن الكلام المأمور بقوله لهم .
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=45nindex.php?page=treesubj&link=28992_31037_30176قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ
اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ مَقْصُودٌ مِنْهُ الْإِتْيَانُ عَلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنِ اسْتِعْجَابِهِمْ بِالْوَعْدِ تَهَكُّمًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=38وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ ،
[ ص: 78 ] وَمِنَ التَّهْدِيدِ الَّذِي وُجِّهَ إِلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=39لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَخْ ، وَمِنْ تَذْكِيرِهِمْ بِالْخَالِقِ وَتَنْبِيهِهِمْ إِلَى بُطْلَانِ آلِهَتِهِمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=42قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=44حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ ، وَمِنَ الِاحْتِجَاجِ عَلَيْهِمْ بِظُهُورِ بِوَارِقِ نَصْرِ الْمُسْلِمِينَ ، وَاقْتِرَابِ الْوَعْدِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=44أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا - عُقِّبَ بِهِ أَمْرُ اللَّهِ رَسُولَهُ أَنْ يُخَاطِبَهُمْ بِتَعْرِيفِ كُنْهِ دَعْوَتِهِ ، وَهِيَ قَصْرُهُ عَلَى الْإِنْذَارِ بِمَا سَيَحُلُّ بِهِمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِنْذَارًا مِنْ طَرِيقِ الْوَحْيِ الْمُنَزَّلِ عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ الْقُرْآنُ ، أَيْ فَلَا تُعْرِضُوا عَنْهُ ، وَلَا تَتَطَلَّبُوا مِنِّي آيَةً غَيْرَ ذَلِكَ ، وَلَا تَسْأَلُوا عَنْ تَعْيِينِ آجَالِ حُلُولِ الْوَعِيدِ ، وَلَا تَحْسَبُوا أَنَّكُمْ تَغِيظُونَنِي بِإِعْرَاضِكُمْ وَالتَّوَغُّلِ فِي كُفْرِكُمْ .
فَالْكَلَامُ قَصْرٌ مَوْصُوفٌ عَلَى صِفَةٍ ، وَقَصْرُهُ عَلَى الْمُتَعَلِّقِ بِتِلْكَ الصِّفَةِ تَبَعًا لِمُتَعَلِّقِهِ فَهُوَ قَائِمٌ مَقَامَ قَصْرَيْنِ ، وَلَمْ يَظْهَرْ لِي مِثَالٌ لَهُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ قَبْلَ الْقُرْآنِ .
وَهَذَا الْكَلَامُ يَسْتَلْزِمُ مُتَارَكَةً لَهُمْ بَعْدَ الْإِبْلَاغِ فِي إِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ ؛ وَلِذَلِكَ ذُيِّلَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=45وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ ، وَالْوَاوُ لِلْعَطْفِ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=45إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ عَطْفُ اسْتِئْنَافٍ عَلَى اسْتِئْنَافٍ ؛ لِأَنَّ التَّذْيِيلَ مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِئْنَافِ .
وَالتَّعْرِيفُ فِي " الصُّمِّ " لِلِاسْتِغْرَاقِ . وَالصَّمَمُ مُسْتَعَارٌ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِالْكَلَامِ الْمُفِيدِ ، تَشْبِيهًا لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِالْمَسْمُوعِ بِعَدَمِ وُلُوجِ الْكَلَامِ صِمَاخَ الْمُخَاطَبِ بِهِ ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=18صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ . وَدَخَلَ فِي عُمُومِهِ الْمُشْرِكُونَ الْمُعْرِضُونَ عَنِ الْقُرْآنِ وَهُمُ الْمَقْصُودُ مِنْ سُوقِ التَّذْيِيلِ لِيَكُونَ دُخُولُهُمْ فِي الْحُكْمِ بِطَرِيقَةِ الِاسْتِدْلَالِ بِالْعُمُومِ عَلَى الْخُصُوصِ .
وَتَقْيِيدُ عَدَمِ السَّمَاعِ بِوَقْتِ الْإِعْرَاضِ عِنْدَ سَمَاعِ الْإِنْذَارِ لِتَفْظِيعِ إِعْرَاضِهِمْ عَنِ الْإِنْذَارِ ؛ لِأَنَّهُ إِعْرَاضٌ يُفْضِي بِهِمْ إِلَى الْهَلَاكِ فَهُوَ أَفْظَعُ مِنْ
[ ص: 79 ] عَدَمِ سَمَاعِ الْبِشَارَةِ أَوِ التَّحْدِيثِ ؛ وَلِأَنَّ التَّذْيِيلَ مَسُوقٌ عَقِبَ إِنْذَارَاتٍ كَثِيرَةٍ .
وَاخْتِيرَ لَفْظُ الدُّعَاءِ لِأَنَّهُ الْمُطَابِقُ لِلْغَرَضِ ؛ إِذْ كَانَ النَّبِيءُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَاعِيًا كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=108أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ جُمْلَةَ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=45وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ كَلَامٌ مُخَاطَبٌ بِهِ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَيْسَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَأْمُورِ بِأَنْ يَقَوْلَهُ : لَهُمْ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ " وَلَا يَسْمَعُ " بِتَحْتِيَّةٍ فِي أَوَّلِهِ وَرَفْعِ " الصُّمُّ " . وَقَرَأَهُ
ابْنُ عَامِرٍ " وَلَا تُسْمِعُ " بِالتَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ الْمَضْمُومَةِ وَنَصْبِ " الصُّمَّ " - خِطَابًا لِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ نَصٌّ فِي انْفِصَالِ الْجُمْلَةِ عَنِ الْكَلَامِ الْمَأْمُورِ بِقَوْلِهِ لَهُمْ .