nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=12nindex.php?page=treesubj&link=28990_31977يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=13وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=14وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا
مقول قول محذوف ، بقرينة أن هذا الكلام خطاب
ليحيى ، فلا محالة أنه صادر من قائل ، ولا يناسب إلا أن يكون قولا من الله تعالى ، وهو انتقال من البشارة به إلى نبوءته . والأظهر أن هذا من إخبار القرآن للأمة لا من حكاية ما قيل
لزكرياء . فهذا ابتداء
nindex.php?page=treesubj&link=31977ذكر فضائل يحيى . وطوي ما بين ذلك لعدم تعلق الغرض به . والسياق يدل عليه . والتقدير : قلنا يا
يحيى خذ الكتاب . والكتاب : التوراة لا محالة ، إذ لم يكن
ليحيى كتاب منزل عليه . والأخذ : مستعار للتفهم والتدبر ، كما يقال : أخذت العلم عن فلان ، لأن المعتنى بالشيء يشبه الآخذ . والقوة : المراد بها قوة معنوية ، وهي العزيمة والثبات . والباء للملابسة ، أي أخذا ملابسا للثبات على الكتاب . أي على العمل به وحمل الأمة على اتباعه ، فقد أخذ الوهن يتطرق إلى الأمة اليهودية في العمل بدينها .
[ ص: 76 ] و آتيناه عطف على جملة القول المحذوفة ، أي قلنا : يا
يحيى خذ الكتاب وآتيناه الحكم . والحكم : اسم للحكمة . وقد تقدم معناها في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=269ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا في سورة البقرة . والمراد بها النبوءة ، كما تقدم في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=22ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما في سورة يوسف ، فيكون هذا
nindex.php?page=treesubj&link=31977خصوصية ليحيى أن أوتي النبوءة في حال صباه . وقيل : الحكم هو الحكمة والفهم .
و صبيا حال من الضمير المنصوب في آتيناه . وهذا يقتضي أن الله أعطاه استقامة الفكر وإدراك الحقائق في حال الصبا على غير المعتاد ، كما
nindex.php?page=treesubj&link=29234أعطى نبيئه محمدا - صلى الله عليه وسلم - الاستقامة وإصابة الرأي في صباه . ويبعد أن يكون
يحيى أعطي النبوءة وهو صبي ، لأن النبوءة رتبة عظيمة فإنما تعطى عند بلوغ الأشد . واتفق العلماء على أن
يحيى أعطي النبوءة قبل بلوغ الأربعين سنة بكثير . ولعل الله لما أراد أن يكون شهيدا في مقتبل عمره باكره بالنبوءة .
والحنان : الشفقة .
nindex.php?page=treesubj&link=28721ومن صفات الله تعالى الحنان . ومن كلام العرب : حنانيك ، أي حنانا منك بعد حنان . وجعل حنان
يحيى من لدن الله إشارة إلى أنه متجاوز المعتاد بين الناس . والزكاة : زكاة النفس ونقاؤها من الخبائث ، كما في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=18فقل هل لك إلى أن تزكى ، أو أريد بها البركة .
وتقي : فعيل بمعنى مفعل ، من اتقى إذا اتصف بالتقوى ، وهي تجنب ما يخالف الدين . وجيء في وصفه بالتقوى بفعل
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=63كان تقيا للدلالة على تمكنه من الوصف .
[ ص: 77 ] وكذلك عطف بروره بوالديه على كونه تقيا للدلالة على تمكنه من هذا الوصف .
والبرور : الإكرام والسعي في الطاعة . والبر بفتح الباء وصف على وزن المصدر ، فالوصف به مبالغة . وأما البر بكسر الباء فهو اسم مصدر لعدم جريه على القياس .
والجبار : المستخف بحقوق الناس ، كأنه مشتق من الجبر ، وهو القسر والغصب ، لأنه يغصب حقوق الناس .
والعصي : فعيل من أمثلة المبالغة ، أي شديد العصيان . والمبالغة منصرفة إلى النفي لا إلى المنفي ، أي لم يكن عاصيا بالمرة .
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=12nindex.php?page=treesubj&link=28990_31977يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=13وَحَنَانًا مِنْ لَدَنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=14وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا
مَقُولُ قَوْلٍ مَحْذُوفٍ ، بِقَرِينَةِ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ خِطَابٌ
لِيَحْيَى ، فَلَا مَحَالَةَ أَنَّهُ صَادِرٌ مِنْ قَائِلٍ ، وَلَا يُنَاسِبُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَوْلًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَهُوَ انْتِقَالٌ مِنَ الْبِشَارَةِ بِهِ إِلَى نُبُوءَتِهِ . وَالْأَظْهَرُ أَنَّ هَذَا مِنْ إِخْبَارِ الْقُرْآنِ لِلْأُمَّةِ لَا مِنْ حِكَايَةِ مَا قِيلَ
لِزَكَرِيَّاءَ . فَهَذَا ابْتِدَاءُ
nindex.php?page=treesubj&link=31977ذِكْرِ فَضَائِلِ يَحْيَى . وَطُوِيَ مَا بَيْنَ ذَلِكَ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الْغَرَضِ بِهِ . وَالسِّيَاقُ يَدُلُّ عَلَيْهِ . وَالتَّقْدِيرُ : قُلْنَا يَا
يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ . وَالْكِتَابُ : التَّوْرَاةُ لَا مَحَالَةَ ، إِذْ لَمْ يَكُنْ
لِيَحْيَى كِتَابٌ مُنَزَّلٌ عَلَيْهِ . وَالْأَخْذُ : مُسْتَعَارٌ لِلتَّفَهُّمِ وَالتَّدَبُّرِ ، كَمَا يُقَالُ : أَخَذْتُ الْعِلْمَ عَنْ فُلَانٍ ، لِأَنَّ الْمُعْتَنِى بِالشَّيْءِ يُشْبِهُ الْآخِذَ . وَالْقُوَّةُ : الْمُرَادُ بِهَا قُوَّةٌ مَعْنَوِيَّةٌ ، وَهِيَ الْعَزِيمَةُ وَالثَّبَاتُ . وَالْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ ، أَيْ أَخْذًا مُلَابِسًا لِلثَّبَاتِ عَلَى الْكِتَابِ . أَيْ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ وَحَمْلِ الْأُمَّةِ عَلَى اتِّبَاعِهِ ، فَقَدْ أَخَذَ الْوَهَنُ يَتَطَرَّقُ إِلَى الْأُمَّةِ الْيَهُودِيَّةِ فِي الْعَمَلِ بِدِينِهَا .
[ ص: 76 ] وَ آتَيْنَاهُ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ الْقَوْلِ الْمَحْذُوفَةِ ، أَيْ قُلْنَا : يَا
يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ . وَالْحُكْمُ : اسْمٌ لِلْحِكْمَةِ . وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَاهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=269وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ . وَالْمُرَادُ بِهَا النُّبُوءَةُ ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=22وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا فِي سُورَةِ يُوسُفَ ، فَيَكُونُ هَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=31977خُصُوصِيَّةً لِيَحْيَى أَنْ أُوتِيَ النُّبُوءَةَ فِي حَالِ صِبَاهُ . وَقِيلَ : الْحُكْمُ هُوَ الْحِكْمَةُ وَالْفَهْمُ .
وَ صَبِيًّا حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَنْصُوبِ فِي آتَيْنَاهُ . وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ اللَّهَ أَعْطَاهُ اسْتِقَامَةَ الْفِكْرِ وَإِدْرَاكَ الْحَقَائِقِ فِي حَالِ الصِّبَا عَلَى غَيْرِ الْمُعْتَادِ ، كَمَا
nindex.php?page=treesubj&link=29234أَعْطَى نَبِيئَهُ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الِاسْتِقَامَةَ وَإِصَابَةَ الرَّأْيِ فِي صِبَاهُ . وَيَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ
يَحْيَى أُعْطِي النُّبُوءَةَ وَهُوَ صَبِيٌّ ، لِأَنَّ النُّبُوءَةَ رُتْبَةٌ عَظِيمَةٌ فَإِنَّمَا تُعْطَى عِنْدَ بُلُوغِ الْأَشُدِّ . وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ
يَحْيَى أُعْطِيَ النُّبُوءَةَ قَبْلَ بُلُوغِ الْأَرْبَعِينَ سَنَةً بِكَثِيرٍ . وَلَعَلَّ اللَّهَ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَكُونَ شَهِيدًا فِي مُقْتَبَلِ عُمْرِهِ بَاكَرَهُ بِالنُّبُوءَةِ .
وَالْحَنَانُ : الشَّفَقَةُ .
nindex.php?page=treesubj&link=28721وَمِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى الْحَنَّانُ . وَمِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ : حَنَانَيْكَ ، أَيْ حَنَانًا مِنْكَ بَعْدَ حَنَانٍ . وَجُعِلَ حَنَانُ
يَحْيَى مِنْ لَدُنِ اللَّهِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ مُتَجَاوِزُ الْمُعْتَادِ بَيْنَ النَّاسِ . وَالزَّكَاةُ : زَكَاةُ النَّفْسِ وَنَقَاؤُهَا مِنَ الْخَبَائِثِ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=18فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى ، أَوْ أُرِيدَ بِهَا الْبَرَكَةُ .
وَتَقِيٌّ : فَعِيلٌ بِمَعْنَى مُفْعِلٍ ، مِنِ اتَّقَى إِذَا اتَّصَفَ بِالتَّقْوَى ، وَهِيَ تَجَنُّبُ مَا يُخَالِفُ الدِّينَ . وَجِيءَ فِي وَصْفِهِ بِالتَّقْوَى بِفِعْلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=63كَانَ تَقِيًّا لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَمَكُّنِهِ مِنَ الْوَصْفِ .
[ ص: 77 ] وَكَذَلِكَ عَطَفَ بُرُورَهُ بِوَالِدَيْهِ عَلَى كَوْنِهِ تَقِيًّا لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَمَكُّنِهِ مِنْ هَذَا الْوَصْفِ .
وَالْبُرُورُ : الْإِكْرَامُ وَالسَّعْيُ فِي الطَّاعَةِ . وَالْبَرُّ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَصْفٌ عَلَى وَزْنِ الْمَصْدَرِ ، فَالْوَصْفُ بِهِ مُبَالَغَةٌ . وَأَمَّا الْبِرُّ بِكَسْرِ الْبَاءِ فَهُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ لِعَدَمِ جَرْيِهِ عَلَى الْقِيَاسِ .
وَالْجَبَّارُ : الْمُسْتَخِفُّ بِحُقُوقِ النَّاسِ ، كَأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْجَبْرِ ، وَهُوَ الْقَسْرُ وَالْغَصْبُ ، لِأَنَّهُ يَغْصِبُ حُقُوقَ النَّاسِ .
وَالْعَصِيُّ : فَعِيلٌ مِنْ أَمْثِلَةِ الْمُبَالَغَةِ ، أَيْ شَدِيدُ الْعِصْيَانِ . وَالْمُبَالَغَةُ مُنْصَرِفَةٌ إِلَى النَّفْيِ لَا إِلَى الْمَنْفِيِّ ، أَيْ لَمْ يَكُنْ عَاصِيًا بِالْمَرَّةِ .