قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا
أراد نصب علامة على وقوع الحمل بالغلام ، لأن البشارة لم تعين زمنا ، وقد يتأخر الموعود به لحكمة ، فأراد زكرياء أن يعلم وقت الموعود به . وفي هذا الاستعجال تعريض بطلب المبادرة به ، ولذلك حذف متعلق آية . وإضافة آيتك على معنى اللام ، أي آية لك ، أي جعلنا علامة لك .
ومعنى أن لا تكلم الناس أن لا تقدر على الكلام ، لأن ذلك هو المناسب لكونه آية من قبل الله تعالى . وليس المراد نهيه عن كلام الناس ، إذ لا مناسبة في ذلك للكون آية ، وقد قدمنا تحقيق ذلك في سورة آل عمران . وجعلت مدة انتفاء تكليمه الناس هنا ثلاث ليال ، وجعلت في سورة آل عمران ثلاثة أيام فعلم أن المراد هنا ليال بأيامها وأن المراد في آل عمران أيام بلياليها . وأكد ذلك هنا بوصفها بـ سويا أي ثلاث ليال كاملة ، أي بأيامها . وسوي : فعيل بمعنى مفعول ، يستوي الوصف به الواحد والواحدة والمتعدد منهما . [ ص: 74 ] وفسر أيضا سويا بأنه حال من ضمير المخاطب ، أي حال كونك سويا ، أي بدون عاهة الخرس والبكم . ولكنها آية لك اقتضتها الحكمة ، التي بيناها في سورة آل عمران . وعلى هذا فذكر الوصف لمجرد تأكيد الطمأنينة ، وإلا فإن تأجيله بثلاث ليال كاف في الاطمئنان على انتفاء العاهة .