وهذه الآية فذلكة للتنبيه على أن الله تعالى لم يترك خلقه من أثر رحمته حتى الكفرة منهم الذين لا يؤمنون بلقائه فقد أعطاهم من نعمة الدنيا على [ ص: 62 ] حسب ما قدر لهم وأعطى المؤمنين خيري الدنيا والآخرة ، وذلك مصداق قوله ورحمتي وسعت كل شيء وقوله فيما رواه عنه نبيه صلى الله عليه وسلم . إن رحمتي سبقت غضبي
وتنوين كلا تنوين عوض عن المضاف إليه ، أي كل الفريقين ، وهو منصوب على المفعولية لفعل نمد .
وقوله هؤلاء وهؤلاء بدل من قوله كلا بدل مفصل من مجمل .
ومجموع المعطوف والمعطوف عليه هو البدل كقول النبيء صلى الله عليه وسلم : أبي بكر وعمر ، والمقصود من الإبدال التعجيب من سعة رحمة الله تعالى . اقتدوا باللذين من بعدي
والإشارة ب هؤلاء في الموضعين إلى من كان يريد العاجلة ، ومن أراد الآخرة ، والأصل أن يكون المذكور أولا عائدا إلى الأول إذا اتصل بأحد الاسمين ما يعين معاده ، وقد اجتمع الأمران في قول المتلمس :
ولا يقيم على ضيم يراد به إلا الأذلان عير الحي والوتد هذا على الخسف مربوط برمته
وذا يشج فلا يرثي له أحد