لما ذكر العذاب الذين هم لاقوه على كفرهم استأنف هنا بذكر زيادة العذاب لهم على الزيادة في كفرهم بأنهم يصدون الناس عن اتباع الإسلام ، وهو المراد بالصد عن سبيل الله ، أي السبيل الموصلة إلى الله ، أي إلى الكون في أوليائه وحزبه ، والمقصود : تنبيه المسلمين إلى كيدهم وإفسادهم ، والتعريض بالتحذير من الوقوع في شراكهم .
وزيادة العذاب : مضاعفته .
والتعريف في قوله تعالى فوق العذاب تعريف الجنس المعهود حيث تقدم ذكره في قوله تعالى وإذا رأى الذين ظلموا العذاب ; لأن عذاب كفرهم لما كان معلوما بكثرة الحديث عنه صار كالمعهود ، وأما عذاب صدهم الناس فلا يخطر بالبال ; فكان مجهولا فناسبه التنكير .
والباء في بما كانوا يفسدون للسببية ، والمراد : ، كما فعلوا مع إفسادهم الراغبين في الإسلام بتسويل البقاء على الكفر الأعشى حين جاء مكة راغبا في الإسلام مادحا الرسول صلى الله عليه وسلم بقصيدة :
هل اغتمضت عيناك ليلة أرمدا
وقصته في كتب السيرة والأدب ، وكما فعلوا مع عامر بن الطفيل الدوسي فإنه قدم مكة فمشى إليه رجال من قريش فقالوا : يا طفيل إنك قدمت بلادنا ، وهذا الرجل الذي بين أظهرنا قد أعضل بنا ، وقد فرق جماعتنا ، وشتت أمرنا ، وإنما قوله كالسحر ، وإنا نخشى عليك ، وعلى قومك ما قد دخل علينا فلا تكلمنه ولا تسمعن منه ، وقد ذكر في قصة إسلام أبي ذر كيف تعرضوا له بالأذى في المسجد الحرام حين علموا إسلامه .