[ ص: 696 ] nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=121nindex.php?page=treesubj&link=28973_28908_33994_30539_30531_30532الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون
استئناف ناشئ عن قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=120ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى مع قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=120إن هدى الله هو الهدى لتضمنه أن
اليهود والنصارى ليسوا يومئذ على شيء من الهدى كأن سائلا سأل كيف وهم متمسكون بشريعة ومن الذي هو على هدى ممن اتبع هاتين الشريعتين ؟
فأجيب بأن الذين أوتوا الكتاب وتلوه حق تلاوته هم الذين يؤمنون به . ويجوز أن يكون اعتراضا في آخر الكلام لبيان حال المؤمنين الصادقين من أهل الكتاب لقصد إبطال اعتقادهم أنهم على التمسك بالإيمان بالكتاب . وهو ينظر إلى قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=91وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه إلخ . وهو صدر هاته المحاورات وما تخللها من الأمثال والعبر والبيان . فقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=121الذين آتيناهم الكتاب فذلكة لما تقدم وجواب قاطع لمعذرتهم المتقدمة وهو من باب رد العجز على الصدر . ولأحد هذين الوجهين فصلت الجملة ولم تعطف لأنها في معنى الجواب ، ولأن المحكي بها مباين لما يقابله المتضمن له قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=91قالوا نؤمن بما أنزل علينا ولما انتقل منه إليه وهو قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=116وقالوا اتخذ الله ولدا وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=118وقال الذين لا يعلمون وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=121يتلونه حق تلاوته حال من الذين أوتوا الكتاب إذ هم الآن يتلونه حق تلاوته . وانتصب حق تلاوته على المفعول المطلق ، وإضافته إلى المصدر من إضافة الصفة إلى الموصوف أي تلاوة حقا .
والحق هنا ضد الباطل أي تلاوة مستوفية قوام نوعها لا ينقصها شيء مما يعتبر في التلاوة وتلك هي التلاوة بفهم مقاصد الكلام المتلو فإن الكلام يراد منه إفهام السامع فإذا تلاه القارئ ولم يفهم جميع ما أراده قائله كانت تلاوته غامضة ، فحق التلاوة هو العلم بما في المتلو .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=121أولئك يؤمنون به جملة هي خبر المبتدأ وهو اسم الموصول ، وجيء باسم الإشارة في تعريفهم دون الضمير وغيره للتنبيه على أن الأوصاف المتقدمة التي استحضروا
[ ص: 697 ] بواسطتها حتى أشير إليهم باتصافهم بها هي الموجبة لجدارتهم بالحكم المسند لاسم الإشارة على حد (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=5أولئك على هدى من ربهم ) فلا شك أن تلاوتهم الكتاب حق تلاوته تثبت لهم أوحديتهم بالإيمان بذلك الكتاب لأن إيمان غيرهم به كالعدم . فالقصر ادعائي . فضمير " به " راجع إلى الكتاب من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=121الذين آتيناهم الكتاب وإذا كانوا هم المؤمنين به كانوا مؤمنين
بمحمد - صلى الله عليه وسلم - لانطباق الصفات التي في كتبهم عليه ولأنهم مأخوذ عليهم العهد أن يؤمنوا بالرسول المقفى وأن يجتهدوا في التمييز بين الصادق من الأنبياء والكذبة حتى يستيقنوا انطباق الصفات على النبيء الموعود به فمن هنا قال بعض المفسرين إن ضمير " به " عائد إلى النبيء - صلى الله عليه وسلم - مع أنه لم يتقدم له معاد .
ويجوز أن يعود الضمير من قوله " يؤمنون به " إلى الهدى في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=120قل إن هدى الله هو الهدى أي يؤمنون بالقرآن أنه منزل من الله ، فالضمير المجرور بالباء راجع للكتاب في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=121آتيناهم الكتاب والمراد به التوراة والإنجيل ، واللام للجنس أو التوراة فقط لأنها معظم الدينين والإنجيل تكملة فاللام للعهد . ومن هؤلاء عبد الله بن سلام من
اليهود nindex.php?page=showalam&ids=76وعدي بن حاتم nindex.php?page=showalam&ids=155وتميم الداري من
النصارى .
والقول في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=121ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون كالقول في أولئك يؤمنون به وهو تصريح بحكم مفهوم (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=121أولئك يؤمنون به ) وفيه اكتفاء عن التصريح بحكم المنطوق وهو أن المؤمنين به هم الرابحون ففي الآية إيجاز بديع لدلالتها على أن الذين أوتوا الكتاب يتلونه حق تلاوته هم المؤمنون دون غيرهم فهم كافرون فالمؤمنون به هم الفائزون والكافرون هم الخاسرون .
[ ص: 696 ] nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=121nindex.php?page=treesubj&link=28973_28908_33994_30539_30531_30532الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ
اسْتِئْنَافٌ نَاشِئٌ عَنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=120وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى مَعَ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=120إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى لِتَضَمُّنِهِ أَنَّ
الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لَيْسُوا يَوْمَئِذٍ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْهُدَى كَأَنَّ سَائِلًا سَأَلَ كَيْفَ وَهُمْ مُتَمَسِّكُونَ بِشَرِيعَةٍ وَمَنِ الَّذِي هُوَ عَلَى هُدًى مِمَّنِ اتَّبَعَ هَاتَيْنِ الشَّرِيعَتَيْنِ ؟
فَأُجِيبُ بِأَنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَتَلَوْهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ هُمُ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِهِ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اعْتِرَاضًا فِي آخِرِ الْكَلَامِ لِبَيَانِ حَالِ الْمُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لِقَصْدِ إِبْطَالِ اعْتِقَادِهِمْ أَنَّهُمْ عَلَى التَّمَسُّكِ بِالْإِيمَانِ بِالْكِتَابِ . وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=91وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ إِلَخْ . وَهُوَ صَدْرُ هَاتِهِ الْمُحَاوَرَاتِ وَمَا تَخَلَّلَهَا مِنَ الْأَمْثَالِ وَالْعِبَرِ وَالْبَيَانِ . فَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=121الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ فَذْلَكَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ وَجَوَابٌ قَاطِعٌ لِمَعْذِرَتِهِمُ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهُوَ مِنْ بَابِ رَدِّ الْعَجُزِ عَلَى الصَّدْرِ . وَلِأَحَدِ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ فُصِلَتِ الْجُمْلَةُ وَلَمْ تُعْطَفْ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْجَوَابِ ، وَلِأَنَّ الْمَحْكِيَّ بِهَا مُبَايِنٌ لِمَا يُقَابِلُهُ الْمُتَضَمِّنُ لَهُ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=91قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَلَمَّا انْتُقِلَ مِنْهُ إِلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=116وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=118وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=121يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ حَالٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِذْ هُمُ الْآنَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ . وَانْتَصَبَ حَقَّ تِلَاوَتِهِ عَلَى الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ ، وَإِضَافَتُهُ إِلَى الْمَصْدَرِ مِنْ إِضَافَةِ الصِّفَةِ إِلَى الْمَوْصُوفِ أَيْ تِلَاوَةً حَقًّا .
وَالْحَقُّ هُنَا ضِدُّ الْبَاطِلِ أَيْ تِلَاوَةً مُسْتَوْفِيَةً قِوَامَ نَوْعِهَا لَا يَنْقُصُهَا شَيْءٌ مِمَّا يُعْتَبَرُ فِي التِّلَاوَةِ وَتِلْكَ هِيَ التِّلَاوَةُ بِفَهْمِ مَقَاصِدِ الْكَلَامِ الْمَتْلُوِّ فَإِنَّ الْكَلَامَ يُرَادُ مِنْهُ إِفْهَامُ السَّامِعِ فَإِذَا تَلَاهُ الْقَارِئُ وَلَمْ يَفْهَمْ جَمِيعَ مَا أَرَادَهُ قَائِلُهُ كَانَتْ تِلَاوَتُهُ غَامِضَةً ، فَحَقُّ التِّلَاوَةِ هُوَ الْعِلْمُ بِمَا فِي الْمَتْلُوِّ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=121أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ جُمْلَةٌ هِيَ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ وَهُوَ اسْمُ الْمَوْصُولِ ، وَجِيءَ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ فِي تَعْرِيفِهِمْ دُونَ الضَّمِيرِ وَغَيْرِهِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ الْأَوْصَافَ الْمُتَقَدِّمَةَ الَّتِي اسْتُحْضِرُوا
[ ص: 697 ] بِوَاسِطَتِهَا حَتَّى أُشِيرَ إِلَيْهِمْ بِاتِّصَافِهِمْ بِهَا هِيَ الْمُوجِبَةُ لِجَدَارَتِهِمْ بِالْحُكْمِ الْمُسْنَدِ لِاسْمِ الْإِشَارَةِ عَلَى حَدِّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=5أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ ) فَلَا شَكَّ أَنَّ تِلَاوَتَهُمُ الْكِتَابَ حَقَّ تِلَاوَتِهِ تُثْبِتُ لَهُمْ أَوْحَدِيَّتَهُمْ بِالْإِيمَانِ بِذَلِكَ الْكِتَابِ لِأَنَّ إِيمَانَ غَيْرِهِمْ بِهِ كَالْعَدَمِ . فَالْقَصْرُ ادِّعَائِيٌّ . فَضَمِيرُ " بِهِ " رَاجِعٌ إِلَى الْكِتَابِ مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=121الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَإِذَا كَانُوا هُمُ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ كَانُوا مُؤْمِنِينَ
بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِانْطِبَاقِ الصِّفَاتِ الَّتِي فِي كُتُبِهِمْ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُمْ مَأْخُوذٌ عَلَيْهِمُ الْعَهْدُ أَنْ يُؤْمِنُوا بِالرَّسُولِ الْمُقَفَّى وَأَنْ يَجْتَهِدُوا فِي التَّمْيِيزِ بَيْنَ الصَّادِقِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْكَذَبَةِ حَتَّى يَسْتَيْقِنُوا انْطِبَاقَ الصِّفَاتِ عَلَى النَّبِيءِ الْمَوْعُودِ بِهِ فَمِنْ هُنَا قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ إِنَّ ضَمِيرَ " بِهِ " عَائِدٌ إِلَى النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ مُعَادٌ .
وَيَجُوزُ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ مِنْ قَوْلِهِ " يُؤْمِنُونَ بِهِ " إِلَى الْهُدَى فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=120قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى أَيْ يُؤْمِنُونَ بِالْقُرْآنِ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنَ اللَّهِ ، فَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِالْبَاءِ رَاجِعٌ لِلْكِتَابِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=121آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْمُرَادُ بِهِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ ، وَاللَّامُ لِلْجِنْسِ أَوِ التَّوْرَاةِ فَقَطْ لِأَنَّهَا مُعْظَمُ الدِّينَيْنِ وَالْإِنْجِيلُ تَكْمِلَةٌ فَاللَّامُ لِلْعَهْدِ . وَمِنْ هَؤُلَاءِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ مِنَ
الْيَهُودِ nindex.php?page=showalam&ids=76وَعَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ nindex.php?page=showalam&ids=155وَتَمِيمٌ الدَّارِيُّ مِنَ
النَّصَارَى .
وَالْقَوْلُ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=121وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ كَالْقَوْلِ فِي أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُوَ تَصْرِيحٌ بِحُكْمِ مَفْهُومِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=121أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ) وَفِيهِ اكْتِفَاءٌ عَنِ التَّصْرِيحِ بِحُكْمِ الْمَنْطُوقِ وَهُوَ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ هُمُ الرَّابِحُونَ فَفِي الْآيَةِ إِيجَازٌ بَدِيعٌ لِدَلَالَتِهَا عَلَى أَنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ دُونَ غَيْرِهِمْ فَهُمْ كَافِرُونَ فَالْمُؤْمِنُونَ بِهِ هُمُ الْفَائِزُونَ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الْخَاسِرُونَ .