nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=205nindex.php?page=treesubj&link=28978_24426_24422_24582واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين
إقبال بالخطاب على النبيء - صلى الله عليه وسلم - فيما يختص به ، بعد أن أمر بما أمر بتبليغه من الآيات المتقدمة ، والمناسبة في هذا الانتقال ، أن أمر الناس باستماع القرآن يستلزم أمر الرسول - عليه الصلاة والسلام - بقراءة القرآن عليهم قراءة جهرية يسمعونها ، فلما فرغ الكلام من حظ الناس نحو قراءة الرسول - عليه الصلاة والسلام - ، أقبل على الكلام في حظ الرسول - صلى الله عليه وسلم - من القرآن وغيره ، وهو التذكر الخاص به ، فأمر بأن يذكر الله ما استطاع وكيفما تسنى له وفي أوقات النهار المختلفة ، فجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=205واذكر ربك معطوفة على الجمل السابقة من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=196إن وليي الله إلى هنا .
والنفس اسم للقوة التي بها الحياة ، فهي مرادفة الروح ، وتطلق على الذات المركبة من الجسد والروح ، ولكون مقر النفس في باطن الإنسان أطلقت على أمور باطن الإنسان من الإدراك والعقل كما في قوله - تعالى - حكاية عن
عيسى nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116تعلم ما في نفسي وقد مضى في سورة المائدة ، ومن ذلك يتطرق إلى إطلاقها على خويصة المرء ، ومنه قوله في الحديث القدسي في صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341135وإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم " فقابل قوله في نفسه بقوله في ملأ .
والمعنى : اذكر ربك وأنت في خلوتك كما تذكره في مجامع الناس .
والذكر حقيقة في
nindex.php?page=treesubj&link=24410ذكر اللسان ، وهو المراد هنا ، ويعضده قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=205ودون الجهر من القول وذلك يشمل قراءة القرآن وغير القرآن من الكلام الذي فيه تمجيد الله وشكره ونحو ذلك ، مثل كلمة التوحيد والحوقلة والتسبيح والتكبير والدعاء ونحو ذلك .
و " التضرع " التذلل ، ولما كان التذلل يستلزم الخطاب بالصوت المرتفع في عادة العرب كنى بالتضرع عن
nindex.php?page=treesubj&link=24424رفع الصوت مرادا به معناه الأصلي والكنائي
[ ص: 242 ] ولذلك قوبل بالخفية في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=55ادعوا ربكم تضرعا وخفية في أوائل هذه السورة وقد تقدم .
وقوبل التضرع هنا بالخيفة وهي اسم مصدر الخوف ، فهو من المصادر التي جاءت على صيغة الهيئة وليس المراد بها الهيئة ، مثل الشدة ، ولما كانت الخيفة انفعالا نفسيا يجده الإنسان في خاصة نفسه كانت مستلزمة للتخافت بالكلام خشية أن يشعر بالمرء من يخافه ، فلذلك كني بها هنا عن الإسرار بالقول مع الخوف من الله ، فمقابلتها بالتضرع طباق في معنيي اللفظين الصريحين ومعنييهما الكناءين ، فكأنه قيل تضرعا وإعلانا وخيفة وإسرارا .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=205ودون الجهر من القول هو مقابل لكل من التضرع والخيفة وهو الذكر المتوسط بين الجهر والإسرار ، والمقصود من ذلك استيعاب أحوال الذكر باللسان ، لأن بعضها قد تكون النفس أنشط إليه منها إلى البعض الآخر .
والغدو اسم لزمن الصباح وهو النصف الأول من النهار .
والآصال جمع أصيل وهو العشي وهو النصف الثاني من النهار إلى الغروب .
والمقصود استيعاب أجزاء النهار بحسب المتعارف فأما الليل فهو زمن النوم ، والأوقات التي تحصل فيها اليقظة خصت بأمر خاص مثل قوله - تعالى -
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=2قم الليل إلا قليلا على أنها تدخل في عموم قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=205ولا تكن من الغافلين .
فدل قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=205ولا تكن من الغافلين على التحذير من
nindex.php?page=treesubj&link=24408الغفلة عن ذكر الله ولا حد للغفلة ، فإنها تحدد بحال الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو أعلم بنفسه ، فإن له أوقاتا يتلقى فيها الوحي وأوقات شئون جبلية كالطعام .
وهذا الأمر خاص بالرسول - عليه الصلاة والسلام - ،
nindex.php?page=treesubj&link=21404وكل ما خص به الرسول - عليه الصلاة والسلام - من الوجوب يستحسن للأمة اقتداؤهم به فيه إلا ما نهوا عنه مثل الوصال في الصوم .
وقد تقدم أن نحو
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=205ولا تكن من الغافلين أشد في الانتفاء وفي النهي من نحو : ولا تغفل ، لأنه يفرض جماعة يحق عليهم وصف الغافلين فيحذر من أن يكون في زمرتهم وذلك أبين للحالة المنهي عنها .
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=205nindex.php?page=treesubj&link=28978_24426_24422_24582وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ
إِقْبَالٌ بِالْخِطَابِ عَلَى النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِ ، بَعْدَ أَنْ أُمِرَ بِمَا أُمِرُ بِتَبْلِيغِهِ مِنَ الْآيَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ ، وَالْمُنَاسَبَةُ فِي هَذَا الِانْتِقَالِ ، أَنَّ أَمْرَ النَّاسِ بِاسْتِمَاعِ الْقُرْآنِ يَسْتَلْزِمُ أَمْرَ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عَلَيْهِمْ قِرَاءَةً جَهْرِيَّةً يَسْمَعُونَهَا ، فَلَمَّا فَرَغَ الْكَلَامُ مِنْ حَظِّ النَّاسِ نَحْوَ قِرَاءَةِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ، أَقْبَلَ عَلَى الْكَلَامِ فِي حَظِّ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ ، وَهُوَ التَّذَكُّرُ الْخَاصُّ بِهِ ، فَأُمِرَ بِأَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ مَا اسْتَطَاعَ وَكَيْفَمَا تَسَنَّى لَهُ وَفِي أَوْقَاتِ النَّهَارِ الْمُخْتَلِفَةِ ، فَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=205وَاذْكُرْ رَبَّكَ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْجُمَلِ السَّابِقَةِ مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=196إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ إِلَى هُنَا .
وَالنَّفْسُ اسْمٌ لِلْقُوَّةِ الَّتِي بِهَا الْحَيَاةُ ، فَهِيَ مُرَادِفَةُ الرُّوحِ ، وَتُطْلَقُ عَلَى الذَّاتِ الْمُرَكَّبَةِ مِنَ الْجَسَدِ وَالرُّوحِ ، وَلِكَوْنِ مَقَرِّ النَّفْسِ فِي بَاطِنِ الْإِنْسَانِ أُطْلِقَتْ عَلَى أُمُورِ بَاطِنِ الْإِنْسَانِ مِنَ الْإِدْرَاكِ وَالْعَقْلِ كَمَا فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى - حِكَايَةً عَنْ
عِيسَى nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَقَدْ مَضَى فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ ، وَمِنْ ذَلِكَ يَتَطَرَّقُ إِلَى إِطْلَاقِهَا عَلَى خُوَيْصَّةِ الْمَرْءِ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ فِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341135وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ " فَقَابَلَ قَوْلَهُ فِي نَفْسِهِ بِقَوْلِهِ فِي مَلَأٍ .
وَالْمَعْنَى : اذْكُرْ رَبَّكَ وَأَنْتَ فِي خَلْوَتِكَ كَمَا تَذْكُرُهُ فِي مَجَامِعِ النَّاسِ .
وَالذِّكْرُ حَقِيقَةٌ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=24410ذِكْرِ اللِّسَانِ ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا ، وَيُعَضِّدُهُ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=205وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ وَذَلِكَ يَشْمَلُ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ وَغَيْرِ الْقُرْآنِ مِنَ الْكَلَامِ الَّذِي فِيهِ تَمْجِيدُ اللَّهِ وَشُكْرُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ ، مِثْلُ كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ وَالْحَوْقَلَةِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ وَالدُّعَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ .
وَ " التَّضَرُّعُ " التَّذَلُّلُ ، وَلَمَّا كَانَ التَّذَلُّلُ يَسْتَلْزِمُ الْخِطَابَ بِالصَّوْتِ الْمُرْتَفِعِ فِي عَادَةِ الْعَرَبِ كَنَّى بِالتَّضَرُّعِ عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=24424رَفْعِ الصَّوْتِ مُرَادًا بِهِ مَعْنَاهُ الْأَصْلِيُّ وَالْكِنَائِيُّ
[ ص: 242 ] وَلِذَلِكَ قُوبِلَ بِالْخُفْيَةِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=55ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً فِي أَوَائِلِ هَذِهِ السُّورَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ .
وَقُوبِلَ التَّضَرُّعُ هُنَا بِالْخِيفَةِ وَهِيَ اسْمُ مَصْدَرِ الْخَوْفِ ، فَهُوَ مِنَ الْمَصَادِرِ الَّتِي جَاءَتْ عَلَى صِيغَةِ الْهَيْئَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا الْهَيْئَةَ ، مِثْلَ الشِّدَّةِ ، وَلَمَّا كَانَتِ الْخِيفَةُ انْفِعَالًا نَفْسِيًّا يَجِدُهُ الْإِنْسَانُ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ كَانَتْ مُسْتَلْزِمَةً لِلتَّخَافُتِ بِالْكَلَامِ خَشْيَةَ أَنْ يَشْعُرَ بِالْمَرْءِ مَنْ يَخَافُهُ ، فَلِذَلِكَ كُنِّيَ بِهَا هُنَا عَنِ الْإِسْرَارِ بِالْقَوْلِ مَعَ الْخَوْفِ مِنَ اللَّهِ ، فَمُقَابَلَتُهَا بِالتَّضَرُّعِ طِبَاقٌ فِي مَعْنَيَيِ اللَّفْظَيْنِ الصَّرِيحَيْنِ وَمَعْنَيَيْهِمَا الْكِنَاءَيْنِ ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ تَضَرُّعًا وَإِعْلَانًا وَخِيفَةً وَإِسْرَارًا .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=205وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ هُوَ مُقَابِلٌ لِكُلٍّ مِنَ التَّضَرُّعِ وَالْخِيفَةِ وَهُوَ الذِّكْرُ الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ ذَلِكَ اسْتِيعَابُ أَحْوَالِ الذَّكَرِ بِاللِّسَانِ ، لِأَنَّ بَعْضَهَا قَدْ تَكُونُ النَّفْسُ أَنْشَطَ إِلَيْهِ مِنْهَا إِلَى الْبَعْضِ الْآخَرِ .
وَالْغُدُوُّ اسْمٌ لِزَمَنِ الصَّبَاحِ وَهُوَ النِّصْفُ الْأَوَّلُ مِنَ النَّهَارِ .
وَالْآصَالُ جَمْعُ أَصِيلٍ وَهُوَ الْعَشِيُّ وَهُوَ النِّصْفُ الثَّانِي مِنَ النَّهَارِ إِلَى الْغُرُوبِ .
وَالْمَقْصُودُ اسْتِيعَابُ أَجْزَاءِ النَّهَارِ بِحَسَبِ الْمُتَعَارَفِ فَأَمَّا اللَّيْلُ فَهُوَ زَمَنُ النَّوْمِ ، وَالْأَوْقَاتُ الَّتِي تَحْصُلُ فِيهَا الْيَقَظَةُ خُصَّتْ بِأَمْرٍ خَاصٍّ مِثْلَ قَوْلِهِ - تَعَالَى -
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=2قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا عَلَى أَنَّهَا تَدْخُلُ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=205وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ .
فَدَلَّ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=205وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ عَلَى التَّحْذِيرِ مِنَ
nindex.php?page=treesubj&link=24408الْغَفْلَةِ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَلَا حَدَّ لِلْغَفْلَةِ ، فَإِنَّهَا تُحَدَّدُ بِحَالِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ أَعْلَمُ بِنَفْسِهِ ، فَإِنَّ لَهُ أَوْقَاتًا يَتَلَقَّى فِيهَا الْوَحْيَ وَأَوْقَاتَ شُئُونٍ جِبِلِّيَّةٍ كَالطَّعَامِ .
وَهَذَا الْأَمْرُ خَاصٌّ بِالرَّسُولِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ،
nindex.php?page=treesubj&link=21404وَكُلُّ مَا خُصَّ بِهِ الرَّسُولُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنَ الْوُجُوبِ يُسْتَحْسَنُ لِلْأُمَّةِ اقْتِدَاؤُهُمْ بِهِ فِيهِ إِلَّا مَا نُهُوا عَنْهُ مِثْلَ الْوِصَالِ فِي الصَّوْمِ .
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ نَحْوَ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=205وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ أَشَدُّ فِي الِانْتِفَاءِ وَفِي النَّهْيِ مِنْ نَحْوِ : وَلَا تَغْفُلْ ، لِأَنَّهُ يَفْرِضُ جَمَاعَةً يَحِقُّ عَلَيْهِمْ وَصْفُ الْغَافِلِينَ فَيُحَذَّرُ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي زُمْرَتِهِمْ وَذَلِكَ أَبْيَنُ لِلْحَالَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا .