وهب بن منبه ( ع )
ابن كامل بن سيج بن ذي كبار ، وهو الأسوار الإمام ، العلامة الأخباري القصصي ، أبو عبد الله الأبناوي ، اليماني الذماري الصنعاني ، أخو
nindex.php?page=showalam&ids=17257همام بن منبه ،
ومعقل بن منبه ،
وغيلان بن منبه .
[ ص: 545 ]
مولده في زمن
عثمان سنة أربع وثلاثين ، ورحل وحج .
وأخذ عن
ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة - إن صح -
وأبي سعيد ، nindex.php?page=showalam&ids=114والنعمان بن بشير ،
وجابر ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=13وعبد الله بن عمرو بن العاص - على خلاف فيه -
nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس .
حتى إنه ينزل ويروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار ، وأخيه
همام ،
nindex.php?page=showalam&ids=16709وعمرو بن شعيب ،
وفنج اليماني - ولا يدرى من فنج .
حدث عنه ولداه :
عبد الله وعبد الرحمن ،
nindex.php?page=showalam&ids=16705وعمرو بن دينار ،
nindex.php?page=showalam&ids=16050وسماك بن الفضل ،
وعوف الأعرابي ،
وعاصم بن رجاء بن حيوة ،
ويزيد بن يزيد بن جابر ، وعبد الله بن عثمان بن خثيم ،
وإسرائيل أبو موسى ،
وهمام بن نافع أبو عبد الرزاق ، والمغيرة بن حكيم ،
والمنذر بن النعمان ، وابن أخيه
عقيل بن معقل ، وابن أخيه
عبد الصمد بن معقل ،
وسبطه إدريس بن سنان ،
وصالح بن عبيد ،
وعبد الكريم بن حوران ،
وعبد الملك بن خلج ،
وداود بن قيس ،
وعمران بن هربذ أبو الهذيل ،
وعمران بن خالد الصنعانيون ، وخلق سواهم .
وروايته للمسند قليلة ; وإنما غزارة علمه في الإسرائيليات ، ومن صحائف أهل الكتاب .
قال
أحمد : كان من أبناء
فارس ، له شرف ; قال : وكل من كان من أهل
اليمن له " ذي " هو شريف ، يقال : فلان له " ذي " ، وفلان لا " ذي " له .
قال
العجلي : تابعي ثقة ، كان على قضاء
صنعاء . وقال
أبو زرعة nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي : ثقة .
قال
أحمد بن محمد بن الأزهر : سمعت
مسلمة بن همام بن مسلمة بن همام يذكر عن آبائه : أن
هماما ووهبا وعبد الله ومعقلا ومسلمة بنو منبه ، أصلهم من
خراسان ، من
هراة ; فمنبه من أهل
هراة ، خرج أيام
كسرى ،
[ ص: 546 ] nindex.php?page=showalam&ids=16848وكسرى أخرجه من
هراة ، ثم إنه أسلم على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فحسن إسلامه . ومسكنهم
باليمن ، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه يختلف إلى
هراة ، ويتفقد أمر
هراة .
حسان بن إبراهيم : حدثنا
يحيى بن زبان أنبأنا
عبد الله بن راشد ، عن مولى
لسعيد بن عبد الملك : سمعت
خالد بن معدان يحدث عن
عبادة بن الصامت ، سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول :
" سيكون في أمتي رجلان : أحدهما يقال له وهب ، يؤتيه الله الحكم ; والآخر يقال له غيلان ، هو أشد على أمتي من إبليس " سئل
ابن معين عن
ابن زبان وشيخه فقال : لا أعرفهما .
nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم ، عن
مروان بن سالم - واه - عن
أحوص بن حكيم ، عن
خالد ، عن
عبادة مرفوعا ، نحوه . وقال :
" أضر على أمتي " .
وعن
عبد الرزاق ، عن أبيه ، عن
وهب قال : يقولون
nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام كان أعلم أهل زمانه ، وإن
كعبا أعلم أهل زمانه ، أفرأيت من جمع علمهما ، أهو أعلم أم هما ؟ إسنادها مظلم .
وعن
كثير ، أنه سار مع
وهب ، فباتوا بصعدة عند رجل ، فخرجت بنت الرجل فرأت مصباحا ، فاطلع صاحب المنزل فنظر إليه صافا قدميه في
[ ص: 547 ] ضياء كأنه بياض الشمس ، فقال الرجل : رأيتك الليلة في هيئة . وأخبره ، فقال : اكتم ما رأيت .
مسلم الزنجي : حدثني
المثنى بن الصباح ، قال : لبث
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه أربعين سنة لم يسب شيئا فيه الروح ، ولبث عشرين سنة لم يجعل بين العشاء والصبح وضوءا . قال : وقال
وهب : لقد قرأت ثلاثين كتابا نزلت على ثلاثين نبيا .
جعفر بن سليمان ، عن
عبد الصمد بن معقل ، قال : صحبت عمي
وهبا أشهرا يصلي الغداة بوضوء العشاء .
وقال
سلم بن ميمون الخواص ، عن
مسلم الزنجي ، قال : لبث
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه أربعين سنة لا يرقد على فراش ، وعشرين سنة لم يجعل بين العتمة والصبح وضوءا . .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق بن همام ، عن أبيه ، قال : رأيت
وهبا إذا قام في الوتر قال : لك الحمد السرمد ، حمدا لا يحصيه العدد ، ولا يقطعه الأبد ، كما ينبغي لك أن تحمد ، وكما أنت له أهل ، وكما هو لك علينا حق . .
وروى
عبد المنعم بن إدريس ، عن أبيه ، قال : كان
وهب يحفظ كلامه كل يوم ، فإن سلم أفطر ، وإلا طوى .
قال
عبد الصمد بن معقل ، قال
الجعد بن درهم : ما كلمت عالما قط إلا غضب ، وحل حبوته غير
وهب .
معمر ، عن
سماك بن الفضل ، قال : كنا عند
عروة بن محمد الأمير ،
[ ص: 548 ] وإلى جنبه
وهب ، فجاء قوم فشكوا عاملهم وذكروا منه شيئا قبيحا ، فتناول
وهب عصا كانت في يد
عروة فضرب بها رأس العامل حتى سال الدم ، فضحك
عروة واستلقى وقال : يعيب علينا
وهب الغضب وهو يغضب ! قال : وما لي لا أغضب وقد غضب الذي خلق الأحلام ، يقول تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=55فلما آسفونا انتقمنا منهم .
وروى
إسماعيل بن عبد الكريم ، عن
عبد الصمد بن معقل ، قيل
لوهب : إنك يا
أبا عبد الله كنت ترى الرؤيا ، فتحدثنا بها فتكون حقا ! قال : هيهات ، ذهب ذلك عني منذ وليت القضاء .
وعن
وهب : الدراهم خواتيم الله في الأرض ، فمن ذهب بخاتم الله قضيت حاجته .
ابن عيينة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار ، قال : دخلت على
وهب داره
بصنعاء ، فأطعمني من جوزة في داره ، فقلت له : وددت أنك لم تكن كتبت في القدر كتابا . فقال : وأنا والله .
أحمد ، عن
عبد الرزاق : سمعت أبي يقول : حج عامة الفقهاء سنة مائة ، فحج
وهب ، فلما صلوا العشاء أتاه نفر فيهم
عطاء والحسن ، وهم يريدون أن يذاكروه القدر ، قال : فافتن في باب من الحمد ، فما زال فيه حتى طلع الفجر ، فافترقوا ولم يسألوه عن شيء .
قال
أحمد : اتهم بشيء منه ورجع . وقال
العجلي : رجع .
[ ص: 549 ] حماد بن سلمة ، عن
أبي سنان عيسى بن سنان : سمعت
وهبا يقول : كنت أقول بالقدر حتى قرأت بضعة وسبعين كتابا من كتب الأنبياء ; في كلها : من جعل إلى نفسه شيئا من المشيئة فقد كفر . فتركت قولي .
أبو أسامة ، عن
أبي سنان : سمعت
وهبا يقول
لعطاء الخراساني : كان العلماء قبلنا قد استغنوا بعلمهم عن دنيا غيرهم ، فكانوا لا يلتفتون إليها ، وكان أهل الدنيا يبذلون دنياهم في علمهم ، فأصبح أهل العلم يبذلون لأهل الدنيا علمهم رغبة في دنياهم ، وأصبح أهل الدنيا قد زهدوا في علمهم لما رأوا من سوء موضعه عندهم .
وعنه ، قال : احفظوا عني ثلاثا : إياكم وهوى متبعا ، وقرين سوء ، وإعجاب المرء بنفسه .
وعنه : دع المراء والجدل ; فإنه لن يعجز أحد رجلين : رجل هو أعلم منك ، فكيف تعادي وتجادل من هو أعلم منك ؟ ! ورجل أنت أعلم منه ، فكيف تعادي وتجادل من أنت أعلم منه ولا يطيعك ؟ !
nindex.php?page=showalam&ids=14741أبو عاصم النبيل : حدثني
أبو سلام ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه ، قال : العلم خليل المؤمن ، والحلم وزيره ، والعقل دليله ، والعمل قيمه ، والصبر أمير جنوده ، والرفق أبوه ، واللين أخوه .
وعن
وهب : المؤمن ينظر ليعلم ، ويتكلم ليفهم ، ويسكت ليسلم ، ويخلو ليغنم .
[ ص: 550 ]
الإيمان عريان ، ولباسه التقوى ، وزينته الحياء ، وماله الفقه .
ثلاث من كن فيه أصاب البر : السخاء ، والصبر على الأذى ، وطيب الكلام .
أبو اليمان ، عن
عباس بن يزيد ، قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه : استكثر من الإخوان ما استطعت ; فإن استغنيت عنهم لم يضروك ، وإن احتجت إليهم نفعوك . .
وعن
وهب : إذا سمعت من يمدحك بما ليس فيك ، فلا تأمنه أن يذمك بما ليس فيك .
ابن المبارك ، عن
وهيب بن الورد ، قال : جاء رجل إلى
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه فقال : قد حدثت نفسي أن لا أخالط الناس . قال : لا تفعل ; إنه لا بد لك من الناس ، ولا بد لهم منك ، ولهم إليك حوائج ولك نحوها ; ولكن كن فيهم أصم سميعا ، أعمى بصيرا ، سكوتا نطوقا .
أخبرنا
إسحاق بن أبي بكر ، أنبأنا
ابن خليل ، أنبأنا
أحمد بن محمد ، أنبأنا
أبو علي الحداد ، أنبأنا
أبو نعيم ، حدثنا
ابن حيان حدثنا
محمد بن عبد الله بن رسته ، حدثنا
بشر بن هلال ، حدثنا
جعفر بن سليمان ، عن
أبي سنان ،
[ ص: 551 ] قال : اجتمع
وهب nindex.php?page=showalam&ids=16566وعطاء الخراساني ، فقال له
عطاء : يا
أبا عبد الله ، ما هذا الذي فشا عنك في القدر ؟ فقال : ما تكلمت في القدر بشيء ، ولا أعرف هذا ، قرأت نيفا وتسعين كتابا من كتب الله ، منها سبعون ظاهرة في الكنائس ، ومنها عشرون لا يعلمها إلا القليل ، فوجدت فيها كلها : أن من وكل إلى نفسه شيئا من المشيئة فقد كفر .
وبه ، إلى
أبي نعيم : حدثنا
أبو حامد ، حدثنا
السراج ، حدثنا
إسحاق بن منصور ، حدثنا
عبد الرزاق ، أخبرني أبي ، سمعت
وهبا يقول : ربما صليت الصبح بوضوء العتمة .
وعن
وهب قال : كان
نوح - عليه السلام - من أجمل أهل زمانه ، وكان يلبس البرقع ، فأصابتهم مجاعة في السفينة ، فكان
نوح إذا تجلى لهم بوجهه شبعوا .
وعن
وهب ، أن
عيسى - عليه السلام - قال
للحواريين : أشدكم جزعا على المصيبة ، أشدكم حبا للدنيا .
وعن
وهب قال : المؤمن يخالط ليعلم ، ويسكت ليسلم ، ويتكلم ليفهم ، ويخلو ليغنم .
وعنه ، قرأت في بعض الكتب : ابن
آدم ، لا خير لك في أن تعلم ما لم تعلم ولم تعمل بما علمت ; فإن مثل ذلك كرجل احتطب حطبا فحزم حزمة ، فذهب يحملها فعجز عنها ، فضم إليها أخرى .
[ ص: 552 ]
أنبأنا
أحمد بن سلامة ، عن
أبي المكارم اللبان ، أنبأنا
أبو علي الحداد ، أنبأنا
أبو نعيم ، حدثنا
سليمان بن أحمد ، حدثنا
محمد بن الحسن بن كيسان ، حدثنا
أبو حذيفة ، حدثنا
سفيان ، عن
أبي موسى اليماني عن
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه ، عن
ابن عباس ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=880108 " من سكن البادية جفا ، ومن اتبع الصيد غفل ، ومن أتى السلطان افتتن " أبو موسى مجهول .
nindex.php?page=showalam&ids=16873مبارك بن سعيد الثوري عن
سفيان ، عن
جعفر بن برقان ، قال
وهب : طوبى لمن شغله عيبه عن عيب أخيه ، طوبي لمن تواضع لله من غير مسكنة ، طوبى لمن تصدق من مال جمعه من غير معصية ، طوبى لأهل الضر وأهل المسكنة ، طوبى لمن جالس أهل العلم والحلم ، طوبى لمن اقتدى بأهل العلم والحلم والخشية ، طوبى لمن وسعته السنة فلم يعدها . .
عن
وهب : الأحمق إذا تكلم فضحه حمقه ، وإذا سكت فضحه عيه ، وإذا عمل أفسد ، وإذا ترك أضاع ; لا علمه يعينه ، ولا علم غيره ينفعه ، تود أمه أنها ثكلته ، وامرأته لو عدمته ، ويتمنى جاره منه الوحدة ، ويجد جليسه منه الوحشة .
[ ص: 553 ] nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن المديني حدثنا
هشام بن يوسف ، أخبرني
داود بن قيس ، قال : كان لي صديق يقال له
أبو شمر ذو خولان ، فخرجت من
صنعاء أريد قريته ، فلما دنوت منها وجدت كتابا مختوما إلى
أبي شمر ، فجئته فوجدته مهموما حزينا ، فسألته عن ذلك فقال : قدم رسول من
صنعاء ، فذكر أن أصدقاء لي كتبوا لي كتابا فضيعه الرسول ، قلت : فهذا الكتاب . فقال : الحمد لله ; ففضه فقرأه ، فقلت : أقرئنيه ، فقال : إني لأستحدث سنك . قلت : فما فيه ؟ قال : ضرب الرقاب . قلت : لعله كتبه إليك ناس حرورية في زكاة مالك . قال : من أين تعرفهم ؟ قلت : إني وأصحابا لي نجالس
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه ، فيقول لنا : احذروا أيها الأحداث الأغمار هؤلاء الحروراء لا يدخلونكم في رأيهم المخالف ; فإنهم عرة لهذه الأمة . فدفع إلي الكتاب فقرأته فإذا فيه : سلام عليك ، فإنا نحمد إليك الله ، ونوصيك بتقواه ; فإن دين الله رشد وهدى ، وإن دين الله طاعة الله ومخالفة من خالف سنة نبيه ، فإذا جاءك كتابنا ، فانظر أن تؤدي - إن شاء الله - ما افترض الله عليك من حقه ، تستحق بذلك ولاية الله ، وولاية أوليائه والسلام .
قلت له : فإني أنهاك عنهم . قال : فكيف أتبع قولك وأترك قول من هو أقدم منك ؟ قلت : فتحب أن أدخلك على وهب حتى تسمع قوله ؟ قال : نعم .
فنزلنا إلى
صنعاء ، فأدخلته على
وهب -
ومسعود بن عوف وال على
اليمن من قبل
عروة بن محمد فوجدنا عند
وهب - نفرا ، فقال لي بعض النفر : من هذا الشيخ ؟ قلت : له حاجة ، فقام القوم ، فقال
وهب : ما حاجتك يا
ذا خولان ؟ فهرج وجبن ، فقال لي
وهب : عبر عنه . قلت : إنه من أهل
[ ص: 554 ] القرآن والصلاح ، والله أعلم بسريرته ، فأخبرني أنه عرض له نفر من أهل حروراء فقالوا له : زكاتك التي تؤديها إلى الأمراء لا تجزئ عنك ; لأنهم لا يضعونها في مواضعها فأدها إلينا ، ورأيت يا أبا عبد الله أن كلامك أشفى له من كلامي .
فقال : يا
ذا خولان ، أتريد أن تكون بعد الكبر حروريا تشهد على من هو خير منك بالضلالة ؟ فماذا أنت قائل لله غدا حين يقفك الله ؟ ومن شهدت عليه ، فالله يشهد له بالإيمان ، وأنت تشهد عليه بالكفر ، والله يشهد له بالهدى ، وأنت تشهد عليه بالضلالة ، فأين تقع إذا خالف رأيك أمر الله ، وشهادتك شهادة الله ؟ أخبرني يا
ذا خولان ، ماذا يقولون لك ؟ فتكلم عند ذلك ، وقال
لوهب : إنهم يأمرونني أن لا أتصدق إلا على من يرى رأيهم ولا أستغفر إلا له . فقال : صدقت ، هذه محنتهم الكاذبة .
فأما قولهم في الصدقة ، فإنه قد بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ذكر أن امرأة من أهل
اليمن دخلت النار في هرة ربطتها " أفإنسان ممن يعبد الله يوحده ولا يشرك به أحب إلى الله أن يطعمه من جوع ، أو هرة ! ؟ والله يقول :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=8ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا الآيات .
وأما قولهم : لا يستغفر إلا لمن يرى رأيهم ، أهم خير أم الملائكة ، والله يقول :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=5ويستغفرون لمن في الأرض فوالله ما فعلت الملائكة ذلك حتى أمروا به :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=27لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون وجاء ميسرا :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7ويستغفرون للذين آمنوا .
يا
ذا خولان ، إني قد أدركت صدر الإسلام ، فوالله ما كانت
الخوارج [ ص: 555 ] جماعة قط إلا فرقها الله على شر حالاتهم ، وما أظهر أحد منهم قوله إلا ضرب الله عنقه ، ولو مكن الله لهم من رأيهم لفسدت الأرض ، وقطعت السبل والحج ، ولعاد أمر الإسلام جاهلية ، وإذا لقام جماعة ، كل منهم يدعو إلى نفسه الخلافة ، مع كل واحد منهم أكثر من عشرة آلاف ، يقاتل بعضهم بعضا ويشهد بعضهم على بعض بالكفر ، حتى يصبح المؤمن خائفا على نفسه ودينه ودمه وأهله وماله ، لا يدري مع من يكون ، قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=251ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=51إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا فلو كانوا مؤمنين لنصروا .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=173وإن جندنا لهم الغالبون ألا يسعك يا
ذا خولان من أهل القبلة ما وسع
نوحا من عبدة الأصنام ، إذ قال له قومه :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=111أنؤمن لك واتبعك الأرذلون .
إلى أن قال : فقال
ذو خولان : فما تأمرني ؟ قال : انظر زكاتك فأدها إلى من ولاه الله أمر هذه الأمة ، وجمعهم عليه ; فإن الملك من الله وحده وبيده ، يؤتيه من يشاء ، فإذا أديتها إلى والي الأمر برئت منها ، وإن كان فضل فصل به أرحامك ومواليك وجيرانك والضيف . فقال : اشهد أني نزلت عن رأي الحرورية .
وفي " العقل " لابن المحبر ذكر صفات حميدة للعاقل نحوا من ستين سطرا فيها مائة خصلة .
وعن
وهب قال : احتمال الذل خير من انتصار يزيد صاحبه قمأة .
وقد امتحن
وهب وحبس وضرب ، فروى
حبان بن زهير العدوي ، قال :
[ ص: 556 ] حدثني
أبو الصيداء صالح بن طريف ، قال : لما قدم
يوسف بن عمر العراق بكيت وقلت : هذا الذي ضرب
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه حتى قتله .
يعني لما ولي إمرة
اليمن ، ثم نقله الخليفة
هشام إلى إمرة
العراق - وكان جبارا عنيدا مهيبا - كان سماطه
بالعراق فيما حكى
المدائني كل يوم خمسمائة مائدة ، أبعد الموائد وأقربها سواء في الجودة ، ثم إنه عزل عن
العراق عند مقتل
الوليد الفاسق ، ثم ضربت عنقه - ولله الحمد - في سنة سبع وعشرين ومائة
قلت : لا شيء في " الصحيحين "
لوهب بن منبه سوى حديث واحد أنبأناه
ابن قدامة ، أنبأنا
حنبل ، أنبأنا
ابن الحصين ، أنبأنا
ابن المذهب ، أنبأنا
ابن مالك ، حدثنا
عبد الله ، حدثني أبي ، حدثنا
سفيان ، عن
عمرو ، عن
ابن منبه ، عن أخيه ، سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة يقول : ليس أحد أكثر حديثا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مني إلا
عبد الله بن عمرو ; فإنه كان يكتب ، وكنت لا أكتب .
قال
الواقدي ، وكاتبه وشباب ،
وأبو عبيد ،
وعبد المنعم بن إدريس : مات سنة عشر ومائة .
وقال والد
عبد الرزاق ،
وعبد الصمد بن معقل ،
ومعاوية بن صالح : مات سنة أربع عشرة ومائة . زاد
عبد الصمد : في المحرم .
[ ص: 557 ]
وقيل : مات في ذي الحجة سنة ثلاث عشرة .
وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ ( ع )
ابْنُ كَامِلِ بْنِ سِيجِ بْنِ ذِي كِبَارٍ ، وَهُوَ الْأُسْوَارُ الْإِمَامُ ، الْعَلَّامَةُ الْأَخْبَارِيُّ الْقَصَصِيُّ ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَبْنَاوِيُّ ، الْيَمَانِيُّ الذِّمَارِيُّ الصَّنْعَانِيُّ ، أَخُو
nindex.php?page=showalam&ids=17257هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ ،
وَمَعْقِلِ بْنِ مُنَبِّهٍ ،
وَغَيْلَانَ بْنِ مُنَبِّهٍ .
[ ص: 545 ]
مَوْلِدُهُ فِي زَمَنِ
عُثْمَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ ، وَرَحَلَ وَحَجَّ .
وَأَخَذَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=3وَأَبِي هُرَيْرَةَ - إِنْ صَحَّ -
وَأَبِي سَعِيدٍ ، nindex.php?page=showalam&ids=114وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ،
وَجَابِرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وَابْنِ عُمَرَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - عَلَى خِلَافٍ فِيهِ -
nindex.php?page=showalam&ids=16248وَطَاوُسَ .
حَتَّى إِنَّهُ يَنْزِلُ وَيَرْوِي عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16666عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، وَأَخِيهِ
هَمَّامٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16709وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ،
وَفَنَّجَ الْيَمَانِيِّ - وَلَا يُدْرَى مَنْ فَنَّجُ .
حَدَّثَ عَنْهُ وَلَدَاهُ :
عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16705وَعَمْرُو بْنِ دِينَارٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16050وَسِمَاكُ بْنُ الْفَضْلِ ،
وَعَوْفٌ الْأَعْرَابِيُّ ،
وَعَاصِمُ بْنُ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ ،
وَيَزِيدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ ،
وَإِسْرَائِيلُ أَبُو مُوسَى ،
وَهَمَّامُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ حَكِيمٍ ،
وَالْمُنْذِرُ بْنُ النُّعْمَانِ ، وَابْنُ أَخِيهِ
عَقِيلُ بْنُ مَعْقِلٍ ، وَابْنُ أَخِيهِ
عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَعْقِلٍ ،
وَسِبْطُهُ إِدْرِيسُ بْنُ سِنَانٍ ،
وَصَالِحُ بْنُ عُبَيْدٍ ،
وَعَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ حَوْرَانَ ،
وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ خُلَّجٍ ،
وَدَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ ،
وَعِمْرَانُ بْنُ هَرْبَذَ أَبُو الْهُذَيْلِ ،
وَعِمْرَانُ بْنُ خَالِدٍ الصَّنْعَانِيُّونَ ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ .
وَرِوَايَتُهُ لِلْمُسْنَدِ قَلِيلَةٌ ; وَإِنَّمَا غَزَارَةُ عِلْمِهُ فِي الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ ، وَمِنْ صَحَائِفِ أَهْلِ الْكِتَابِ .
قَالَ
أَحْمَدُ : كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ
فَارِسَ ، لَهُ شَرَفٌ ; قَالَ : وَكُلُّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ
الْيَمَنِ لَهُ " ذِي " هُوَ شَرِيفٌ ، يُقَالُ : فُلَانٌ لَهُ " ذِي " ، وَفُلَانٌ لَا " ذِي " لَهُ .
قَالَ
الْعِجْلِيُّ : تَابِعِيٌ ثِقَةٌ ، كَانَ عَلَى قَضَاءِ
صَنْعَاءَ . وَقَالَ
أَبُو زُرْعَةَ nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ : ثِقَةٌ .
قَالَ
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَزْهَرِ : سَمِعْتُ
مَسْلَمَةَ بْنَ هَمَّامِ بْنِ مَسْلَمَةَ بْنِ هَمَّامٍ يَذْكُرُ عَنْ آبَائِهِ : أَنَّ
هَمَّامًا وَوَهْبًا وَعَبْدَ اللَّهِ وَمَعْقِلًا وَمَسْلَمَةَ بَنُو مُنَبِّهٍ ، أَصْلُهُمْ مِنْ
خُرَاسَانَ ، مِنْ
هَرَاةَ ; فَمُنَبِّهٌ مِنْ أَهْلِ
هَرَاةَ ، خَرَجَ أَيَّامَ
كِسْرَى ،
[ ص: 546 ] nindex.php?page=showalam&ids=16848وَكِسْرَى أَخْرَجَهُ مِنْ
هَرَاةَ ، ثُمَّ إِنَّهُ أَسْلَمَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ . وَمَسْكَنُهُمْ
بِالْيَمَنِ ، وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=17285وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ يَخْتَلِفُ إِلَى
هَرَاةَ ، وَيَتَفَقَّدُ أَمْرَ
هَرَاةَ .
حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ : حَدَّثَنَا
يَحْيَى بْنُ زَبَّانَ أَنْبَأَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَاشِدٍ ، عَنْ مَوْلًى
لِسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ : سَمِعْتُ
خَالِدَ بْنَ مَعْدَانَ يُحَدِّثُ عَنْ
عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ :
" سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي رَجُلَانِ : أَحَدُهُمَا يُقَالُ لَهُ وَهْبٌ ، يُؤْتِيهِ اللَّهُ الْحُكْمَ ; وَالْآخَرُ يُقَالُ لَهُ غَيْلَانُ ، هُوَ أَشَدُّ عَلَى أُمَّتِي مِنْ إِبْلِيسَ " سُئِلَ
ابْنُ مَعِينٍ عَنِ
ابْنِ زَبَّانَ وَشَيْخِهِ فَقَالَ : لَا أَعْرِفُهُمَا .
nindex.php?page=showalam&ids=15500الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، عَنْ
مَرْوَانَ بْنِ سَالِمٍ - وَاهٍ - عَنْ
أَحْوَصَ بْنِ حَكِيمٍ ، عَنْ
خَالِدٍ ، عَنْ
عُبَادَةَ مَرْفُوعًا ، نَحْوَهُ . وَقَالَ :
" أَضَرُّ عَلَى أُمَّتِي " .
وَعَنْ
عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
وَهْبٍ قَالَ : يَقُولُونَ
nindex.php?page=showalam&ids=106عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ كَانَ أَعْلَمَ أَهْلِ زَمَانِهِ ، وَإِنَّ
كَعْبًا أَعْلَمُ أَهْلِ زَمَانِهِ ، أَفَرَأَيْتَ مَنْ جَمَعَ عِلْمَهُمَا ، أَهْوَ أَعْلَمُ أَمْ هُمَا ؟ إِسْنَادُهَا مُظْلِمٌ .
وَعَنْ
كَثِيرٍ ، أَنَّهُ سَارَ مَعَ
وَهْبٍ ، فَبَاتُوا بِصَعْدَةَ عِنْدَ رَجُلٍ ، فَخَرَجَتْ بِنْتُ الرَّجُلِ فَرَأَتْ مِصْبَاحًا ، فَاطَّلَعَ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ صَافًّا قَدَمَيْهِ فِي
[ ص: 547 ] ضِيَاءٍ كَأَنَّهُ بَيَاضُ الشَّمْسِ ، فَقَالَ الرَّجُلُ : رَأَيْتُكَ اللَّيْلَةَ فِي هَيْئَةٍ . وَأَخْبَرَهُ ، فَقَالَ : اكْتُمْ مَا رَأَيْتَ .
مُسْلِمٌ الزَّنْجِيُّ : حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ ، قَالَ : لَبِثَ
nindex.php?page=showalam&ids=17285وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ أَرْبَعِينَ سَنَةً لَمْ يَسُبَّ شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ ، وَلَبِثَ عِشْرِينَ سَنَةً لَمْ يَجْعَلْ بَيْنَ الْعَشَاءِ وَالصُّبْحِ وُضُوءًا . قَالَ : وَقَالَ
وَهْبٌ : لَقَدْ قَرَأْتُ ثَلَاثِينَ كِتَابًا نَزَلَتْ عَلَى ثَلَاثِينَ نَبِيًّا .
جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ
عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ مَعْقِلٍ ، قَالَ : صَحِبْتُ عَمِّي
وَهْبًا أَشْهُرًا يُصَلِّي الْغَدَاةَ بِوُضُوءِ الْعَشَاءِ .
وَقَالَ
سَلْمُ بْنُ مَيْمُونٍ الْخَوَّاصُ ، عَنْ
مُسْلِمٍ الزَّنْجِيِّ ، قَالَ : لَبِثَ
nindex.php?page=showalam&ids=17285وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ أَرْبَعِينَ سَنَةً لَا يَرْقُدُ عَلَى فِرَاشٍ ، وَعِشْرِينَ سَنَةً لَمْ يَجْعَلْ بَيْنَ الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ وَضَوْءًا . .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16360عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : رَأَيْتُ
وَهْبًا إِذَا قَامَ فِي الْوِتْرِ قَالَ : لَكَ الْحَمْدُ السَّرْمَدُ ، حَمْدًا لَا يُحْصِيهِ الْعَدَدُ ، وَلَا يَقْطَعُهُ الْأَبَدُ ، كَمَا يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تُحْمَدَ ، وَكَمَا أَنْتَ لَهُ أَهْلٌ ، وَكَمَا هُوَ لَكَ عَلَيْنَا حَقٌّ . .
وَرَوَى
عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : كَانَ
وَهْبٌ يَحْفَظُ كَلَامَهُ كُلَّ يَوْمٍ ، فَإِنْ سَلِمَ أَفْطَرَ ، وَإِلَّا طَوَى .
قَالَ
عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَعْقِلٍ ، قَالَ
الْجَعْدُ بْنُ دِرْهَمٍ : مَا كَلَّمْتُ عَالِمًا قَطُّ إِلَّا غَضِبَ ، وَحَلَّ حَبْوَتَهُ غَيْرَ
وَهْبٍ .
مَعْمَرٌ ، عَنْ
سِمَاكِ بْنِ الْفَضْلِ ، قَالَ : كُنَّا عِنْدَ
عُرْوَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَمِيرِ ،
[ ص: 548 ] وَإِلَى جَنْبِهِ
وَهْبٌ ، فَجَاءَ قَوْمٌ فَشَكَوْا عَامِلَهُمْ وَذَكَرُوا مِنْهُ شَيْئًا قَبِيحًا ، فَتَنَاوَلَ
وَهْبٌ عَصًا كَانَتْ فِي يَدِ
عُرْوَةَ فَضَرَبَ بِهَا رَأْسَ الْعَامِلِ حَتَّى سَالَ الدَّمُ ، فَضَحِكَ
عُرْوَةُ وَاسْتَلْقَى وَقَالَ : يَعِيبُ عَلَيْنَا
وَهْبٌ الْغَضَبَ وَهُوَ يَغْضَبُ ! قَالَ : وَمَا لِي لَا أَغْضَبُ وَقَدْ غَضِبَ الَّذِي خَلَقَ الْأَحْلَامَ ، يَقُولُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=55فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ .
وَرَوَى
إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ ، عَنْ
عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ مَعْقِلٍ ، قِيلَ
لَوَهْبٍ : إِنَّكَ يَا
أَبَا عَبْدِ اللَّهِ كُنْتَ تَرَى الرُّؤْيَا ، فَتُحَدِّثُنَا بِهَا فَتَكُونُ حَقًّا ! قَالَ : هَيْهَاتَ ، ذَهَبَ ذَلِكَ عَنِّي مُنْذُ وَلِيتُ الْقَضَاءَ .
وَعَنْ
وَهْبٍ : الدَّرَاهِمُ خَوَاتِيمُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ ، فَمَنْ ذَهَبَ بِخَاتَمِ اللَّهِ قُضِيَتْ حَاجَتُهُ .
ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16666عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى
وَهْبٍ دَارَهُ
بِصَنْعَاءَ ، فَأَطْعَمَنِي مِنْ جَوْزَةٍ فِي دَارِهِ ، فَقُلْتُ لَهُ : وَدِدْتُ أَنَّكَ لَمْ تَكُنْ كَتَبْتَ فِي الْقَدَرِ كِتَابًا . فَقَالَ : وَأَنَا وَاللَّهِ .
أَحْمَدُ ، عَنْ
عَبْدِ الرَّزَّاقِ : سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ : حَجَّ عَامَّةُ الْفُقَهَاءِ سَنَةَ مِائَةٍ ، فَحَجَّ
وَهْبٌ ، فَلَمَّا صَلَّوُا الْعِشَاءَ أَتَاهُ نَفَرٌ فِيهِمْ
عَطَاءٌ وَالْحَسْنٌ ، وَهُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُذَاكِرُوهُ الْقَدَرَ ، قَالَ : فَافْتَنَّ فِي بَابٍ مِنَ الْحَمْدِ ، فَمَا زَالَ فِيهِ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ ، فَافْتَرَقُوا وَلَمْ يَسْأَلُوهُ عَنْ شَيْءٍ .
قَالَ
أَحْمَدُ : اتُّهِمَ بِشَيْءٍ مِنْهُ وَرَجَعَ . وَقَالَ
الْعِجْلِيُّ : رَجَعَ .
[ ص: 549 ] حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ
أَبِي سِنَانٍ عِيسَى بْنِ سِنَانٍ : سَمِعْتُ
وَهْبًا يَقُولُ : كُنْتُ أَقُولُ بِالْقَدَرِ حَتَّى قَرَأْتُ بِضْعَةً وَسَبْعِينَ كِتَابًا مِنْ كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ ; فِي كُلِّهَا : مِنْ جَعَلَ إِلَى نَفْسِهِ شَيْئًا مِنَ الْمَشِيئَةِ فَقَدْ كَفَرَ . فَتَرَكْتُ قَوْلِي .
أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ
أَبِي سِنَانٍ : سَمِعْتُ
وَهْبًا يَقُولُ
لِعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ : كَانَ الْعُلَمَاءُ قَبْلَنَا قَدِ اسْتَغْنَوْا بِعِلْمِهِمْ عَنْ دُنْيَا غَيْرِهِمْ ، فَكَانُوا لَا يَلْتَفِتُونَ إِلَيْهَا ، وَكَانَ أَهْلُ الدُّنْيَا يَبْذُلُونَ دُنْيَاهُمْ فِي عِلْمِهِمْ ، فَأَصْبَحَ أَهْلُ الْعِلْمِ يَبْذُلُونَ لِأَهْلِ الدُّنْيَا عَلِمَهُمْ رَغْبَةً فِي دُنْيَاهُمْ ، وَأَصْبَحَ أَهْلُ الدُّنْيَا قَدْ زَهِدُوا فِي عِلْمِهِمْ لَمَّا رَأَوْا مِنْ سُوءِ مَوْضِعِهِ عِنْدَهُمْ .
وَعَنْهُ ، قَالَ : احْفَظُوا عَنِّي ثَلَاثًا : إِيَّاكُمْ وَهَوًى مُتَّبَعًا ، وَقَرِينَ سُوءٍ ، وَإِعْجَابَ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ .
وَعَنْهُ : دَعِ الْمِرَاءَ وَالْجَدَلَ ; فَإِنَّهُ لَنْ يَعْجَزَ أَحَدُ رَجُلَيْنِ : رَجُلٌ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ ، فَكَيْفَ تُعَادِي وَتُجَادِلُ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ ؟ ! وَرَجُلٌ أَنْتَ أَعْلَمُ مِنْهُ ، فَكَيْفَ تُعَادِي وَتُجَادِلُ مَنْ أَنْتَ أَعْلَمُ مِنْهُ وَلَا يُطِيعُكَ ؟ !
nindex.php?page=showalam&ids=14741أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ : حَدَّثَنِي
أَبُو سَلَّامٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17285وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، قَالَ : الْعِلْمُ خَلِيلُ الْمُؤْمِنِ ، وَالْحِلْمُ وَزِيرُهُ ، وَالْعَقْلُ دَلِيلُهُ ، وَالْعَمَلُ قَيِّمُهُ ، وَالصَّبْرُ أَمِيرُ جُنُودِهِ ، وَالرِّفْقُ أَبُوهُ ، وَاللِّينُ أَخُوهُ .
وَعَنْ
وَهْبٍ : الْمُؤْمِنُ يَنْظُرُ لِيَعْلَمَ ، وَيَتَكَلَّمُ لِيَفْهَمَ ، وَيَسْكُتُ لِيَسْلَمَ ، وَيَخْلُو لِيَغْنَمَ .
[ ص: 550 ]
الْإِيمَانُ عُرْيَانُ ، وَلِبَاسُهُ التَّقْوَى ، وَزِينَتُهُ الْحَيَاءُ ، وَمَالُهُ الْفِقْهُ .
ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ أَصَابَ الْبِرَّ : السَّخَاءُ ، وَالصَّبْرُ عَلَى الْأَذَى ، وَطَيِّبُ الْكَلَامِ .
أَبُو الْيَمَانِ ، عَنْ
عَبَّاسِ بْنِ يَزِيدَ ، قَالَ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17285وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ : اسْتَكْثِرْ مِنَ الْإِخْوَانِ مَا اسْتَطَعْتَ ; فَإِنِ اسْتَغْنَيْتَ عَنْهُمْ لَمْ يَضُرُّوكَ ، وَإِنِ احْتَجْتَ إِلَيْهِمْ نَفَعُوكَ . .
وَعَنْ
وَهْبٍ : إِذَا سَمِعْتَ مَنْ يَمْدَحُكَ بِمَا لَيْسَ فِيكَ ، فَلَا تَأْمَنْهُ أَنْ يَذُمَّكَ بِمَا لَيْسَ فِيكَ .
ابْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ
وُهَيْبِ بْنِ الْوَرْدِ ، قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=17285وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ فَقَالَ : قَدْ حَدَّثْتُ نَفْسِي أَنْ لَا أُخَالِطَ النَّاسَ . قَالَ : لَا تَفْعَلْ ; إِنَّهُ لَا بُدَّ لَكَ مِنَ النَّاسِ ، وَلَا بُدَّ لَهُمْ مِنْكَ ، وَلَهُمْ إِلَيْكَ حَوَائِجُ وَلَكَ نَحْوُهَا ; وَلَكِنْ كُنْ فِيهِمْ أَصَمَّ سَمِيعًا ، أَعْمَى بَصِيرًا ، سَكُوتًا نَطُوقًا .
أَخْبَرَنَا
إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ، أَنْبَأَنَا
ابْنُ خَلِيلٍ ، أَنْبَأَنَا
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، أَنْبَأَنَا
أَبُو عَلِيٍّ الْحَدَّادُ ، أَنْبَأَنَا
أَبُو نُعَيْمٍ ، حَدَّثَنَا
ابْنُ حَيَّانَ حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رُسْتَهْ ، حَدَّثَنَا
بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ ، حَدَّثَنَا
جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ
أَبِي سِنَانٍ ،
[ ص: 551 ] قَالَ : اجْتَمَعَ
وَهْبٌ nindex.php?page=showalam&ids=16566وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ ، فَقَالَ لَهُ
عَطَاءٌ : يَا
أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، مَا هَذَا الَّذِي فَشَا عَنْكَ فِي الْقَدَرِ ؟ فَقَالَ : مَا تَكَلَّمْتُ فِي الْقَدَرِ بِشَيْءٍ ، وَلَا أَعْرِفُ هَذَا ، قَرَأْتُ نَيِّفًا وَتِسْعِينَ كِتَابًا مِنْ كُتُبِ اللَّهِ ، مِنْهَا سَبْعُونَ ظَاهِرَةً فِي الْكَنَائِسِ ، وَمِنْهَا عِشْرُونَ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا الْقَلِيلُ ، فَوَجَدْتُ فِيهَا كُلِّهَا : أَنَّ مَنْ وَكَلَ إِلَى نَفْسِهِ شَيْئًا مِنَ الْمَشِيئَةِ فَقَدْ كَفَرَ .
وَبِهِ ، إِلَى
أَبِي نُعَيْمٍ : حَدَّثَنَا
أَبُو حَامِدٍ ، حَدَّثَنَا
السِّرَاجُ ، حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنِي أَبِي ، سَمِعْتُ
وَهْبًا يَقُولُ : رُبَّمَا صَلَّيْتُ الصُّبْحَ بِوُضُوءِ الْعَتَمَةِ .
وَعَنْ
وَهْبٍ قَالَ : كَانَ
نُوحٌ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ أَجْمَلِ أَهْلِ زَمَانِهِ ، وَكَانَ يَلْبَسُ الْبُرْقُعَ ، فَأَصَابَتْهُمْ مَجَاعَةٌ فِي السَّفِينَةِ ، فَكَانَ
نُوحٌ إِذَا تَجَلَّى لَهُمْ بِوَجْهِهِ شَبِعُوا .
وَعَنْ
وَهْبٍ ، أَنْ
عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ
لِلْحِوَارِيِّينَ : أَشَدُّكُمْ جَزَعًا عَلَى الْمُصِيبَةِ ، أَشَدُّكُمْ حُبًّا لِلدُّنْيَا .
وَعَنْ
وَهْبٍ قَالَ : الْمُؤْمِنُ يُخَالِطُ لِيَعْلَمَ ، وَيَسْكُتُ لِيَسْلَمَ ، وَيَتَكَلَّمُ لِيَفْهَمَ ، وَيَخْلُو لِيَغْنَمَ .
وَعَنْهُ ، قَرَأْتُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ : ابْنَ
آدَمَ ، لَا خَيْرَ لَكَ فِي أَنْ تَعْلَمَ مَا لَمْ تُعَلِّمْ وَلَمْ تَعْمَلْ بِمَا عَلِمْتَ ; فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَرَجُلٍ احْتَطَبَ حَطَبًا فَحَزَمَ حُزْمَةً ، فَذَهَبَ يَحْمِلُهَا فَعَجَزَ عَنْهَا ، فَضَمَّ إِلَيْهَا أُخْرَى .
[ ص: 552 ]
أَنْبَأَنَا
أَحْمَدُ بْنُ سَلَامَةَ ، عَنْ
أَبِي الْمَكَارِمِ اللَّبَّانِ ، أَنْبَأَنَا
أَبُو عَلِيٍّ الْحَدَّادُ ، أَنْبَأَنَا
أَبُو نُعَيْمٍ ، حَدَّثَنَا
سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ كَيْسَانَ ، حَدَّثَنَا
أَبُو حُذَيْفَةَ ، حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ ، عَنْ
أَبِي مُوسَى الْيَمَانِيِّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17285وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=880108 " مَنْ سَكَنَ الْبَادِيَةَ جَفَا ، وَمَنِ اتَّبَعَ الصَّيْدَ غَفَلَ ، وَمَنْ أَتَى السُّلْطَانَ افْتُتِنَ " أَبُو مُوسَى مَجْهُولٌ .
nindex.php?page=showalam&ids=16873مُبَارَكُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّوْرِيُّ عَنْ
سُفْيَانَ ، عَنْ
جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ ، قَالَ
وَهْبٌ : طُوبَى لِمَنْ شَغَلَهُ عَيْبُهُ عَنْ عَيْبِ أَخِيهِ ، طُوبِي لِمَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ مِنْ غَيْرِ مَسْكَنَةٍ ، طُوبَى لِمَنْ تَصَدَّقَ مِنْ مَالٍ جَمَعَهُ مِنْ غَيْرِ مَعْصِيَةٍ ، طُوبَى لِأَهْلِ الضُّرِّ وَأَهْلِ الْمَسْكَنَةِ ، طُوبَى لِمَنْ جَالَسَ أَهْلَ الْعِلْمِ وَالْحِلْمِ ، طُوبَى لِمَنِ اقْتَدَى بِأَهْلِ الْعِلْمِ وَالْحِلْمِ وَالْخَشْيَةِ ، طُوبَى لِمَنْ وَسِعَتْهُ السُّنَّةُ فَلَمْ يَعْدُهَا . .
عَنْ
وَهْبٍ : الْأَحْمَقُ إِذَا تَكَلَّمَ فَضَحَهُ حُمْقُهُ ، وَإِذَا سَكَتَ فَضَحَهُ عِيُّهُ ، وَإِذَا عَمِلَ أَفْسَدَ ، وَإِذَا تَرَكَ أَضَاعَ ; لَا عِلْمُهُ يُعِينُهُ ، وَلَا عِلْمُ غَيْرِهِ يَنْفَعُهُ ، تَوَدُّ أُمُّهُ أَنَّهَا ثَكِلَتْهُ ، وَامْرَأَتُهُ لَوْ عَدِمَتْهُ ، وَيَتَمَنَّى جَارُهُ مِنْهُ الْوَحْدَةَ ، وَيَجِدُ جَلِيسُهُ مِنْهُ الْوَحْشَةَ .
[ ص: 553 ] nindex.php?page=showalam&ids=16604عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ حَدَّثَنَا
هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ ، أَخْبَرَنِي
دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ ، قَالَ : كَانَ لِي صَدِيقٌ يُقَالُ لَهُ
أَبُو شِمْرٍ ذُو خَوْلَانَ ، فَخَرَجْتُ مِنْ
صَنْعَاءَ أُرِيدَ قَرْيَتَهُ ، فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهَا وَجَدْتُ كِتَابًا مَخْتُومًا إِلَى
أَبِي شِمْرٍ ، فَجِئْتُهُ فَوَجَدْتُهُ مَهْمُومًا حَزِينًا ، فَسَأَلَتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : قَدِمَ رَسُولٌ مِنْ
صَنْعَاءَ ، فَذَكَرَ أَنَّ أَصْدِقَاءً لِي كَتَبُوا لِي كِتَابًا فَضَيَّعَهُ الرَّسُولُ ، قُلْتُ : فَهَذَا الْكِتَابُ . فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ ; فَفَضَّهُ فَقَرَأَهُ ، فَقُلْتُ : أَقْرِئْنِيهِ ، فَقَالَ : إِنِّي لَأَسْتَحْدِثُ سِنُّكَ . قُلْتُ : فَمَا فِيهِ ؟ قَالَ : ضَرْبُ الرِّقَابِ . قُلْتُ : لَعَلَّهُ كَتَبَهُ إِلَيْكَ نَاسٌ حَرُورِيَّةٌ فِي زَكَاةِ مَالِكَ . قَالَ : مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُهُمْ ؟ قُلْتُ : إِنِّي وَأَصْحَابًا لِي نُجَالِسُ
nindex.php?page=showalam&ids=17285وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ ، فَيَقُولُ لَنَا : احْذَرُوا أَيُّهَا الْأَحْدَاثُ الْأَغْمَارُ هَؤُلَاءِ الْحَرُورَاءَ لَا يُدْخِلُونَكُمْ فِي رَأْيِهِمُ الْمُخَالِفِ ; فَإِنَّهُمْ عُرَّةٌ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ . فَدَفَعَ إِلَيَّ الْكِتَابَ فَقَرَأْتُهُ فَإِذَا فِيهِ : سَلَامٌ عَلَيْكَ ، فَإِنَّا نَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهَ ، وَنُوصِيكَ بِتَقْوَاهُ ; فَإِنَّ دِينَ اللَّهِ رُشْدٌ وَهُدًى ، وَإِنَّ دِينَ اللَّهِ طَاعَةُ اللَّهِ وَمُخَالَفَةُ مَنْ خَالَفَ سُنَّةَ نَبِيِّهِ ، فَإِذَا جَاءَكَ كِتَابُنَا ، فَانْظُرْ أَنْ تُؤَدِّيَ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - مَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكَ مِنْ حَقِّهِ ، تَسْتَحِقُّ بِذَلِكَ وِلَايَةَ اللَّهِ ، وَوِلَايَةَ أَوْلِيَائِهِ وَالسَّلَامُ .
قُلْتُ لَهُ : فَإِنِّي أَنْهَاكَ عَنْهُمْ . قَالَ : فَكَيْفَ أَتْبَعُ قَوْلَكَ وَأَتْرُكُ قَوْلَ مَنْ هُوَ أَقْدَمُ مِنْكَ ؟ قُلْتُ : فَتُحِبُّ أَنْ أُدْخِلَكَ عَلَى وَهْبٍ حَتَّى تَسْمَعَ قَوْلَهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ .
فَنَزَلْنَا إِلَى
صَنْعَاءَ ، فَأَدْخَلْتُهُ عَلَى
وَهْبٍ -
وَمَسْعُودُ بْنُ عَوْفٍ وَالٍ عَلَى
الْيَمَنِ مِنْ قِبَلِ
عُرْوَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ فَوَجَدْنَا عِنْدَ
وَهْبٍ - نَفَرًا ، فَقَالَ لِي بَعْضُ النَّفَرِ : مَنْ هَذَا الشَّيْخُ ؟ قُلْتُ : لَهُ حَاجَةٌ ، فَقَامَ الْقَوْمُ ، فَقَالَ
وَهْبٌ : مَا حَاجَتُكَ يَا
ذَا خَوْلَانَ ؟ فَهَرَجَ وَجَبُنَ ، فَقَالَ لِي
وَهْبٌ : عَبِّرْ عَنْهُ . قُلْتُ : إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ
[ ص: 554 ] الْقُرْآنِ وَالصَّلَاحِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِسَرِيرَتِهِ ، فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ عَرَضَ لَهُ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ حَرُورَاءَ فَقَالُوا لَهُ : زَكَاتُكَ الَّتِي تُؤَدِّيهَا إِلَى الْأُمَرَاءِ لَا تُجْزِئُ عَنْكَ ; لِأَنَّهُمْ لَا يَضَعُونَهَا فِي مَوَاضِعِهَا فَأَدِّهَا إِلَيْنَا ، وَرَأَيْتُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ كَلَامَكَ أَشَفَى لَهُ مِنْ كَلَامِي .
فَقَالَ : يَا
ذَا خَوْلَانَ ، أَتُرِيدُ أَنْ تَكُونَ بَعْدَ الْكِبَرِ حَرُورِيًّا تَشْهَدُ عَلَى مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ بِالضَّلَالَةِ ؟ فَمَاذَا أَنْتَ قَائِلٌ لِلَّهِ غَدًا حِينَ يَقِفُكَ اللَّهُ ؟ وَمَنْ شَهِدْتَ عَلَيْهِ ، فَاللَّهُ يَشْهَدُ لَهُ بِالْإِيمَانِ ، وَأَنْتَ تَشْهَدُ عَلَيْهِ بِالْكَفْرِ ، وَاللَّهُ يَشْهَدُ لَهُ بِالْهُدَى ، وَأَنْتَ تَشْهَدُ عَلَيْهِ بِالضَّلَالَةِ ، فَأَيْنَ تَقَعُ إِذَا خَالَفَ رَأْيُكَ أَمْرَ اللَّهِ ، وَشَهَادَتُكَ شَهَادَةَ اللَّهِ ؟ أَخْبَرَنِي يَا
ذَا خَوْلَانَ ، مَاذَا يَقُولُونَ لَكَ ؟ فَتَكَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ ، وَقَالَ
لَوَهْبٍ : إِنَّهُمْ يَأْمُرُونَنِي أَنْ لَا أَتَصَدَّقَ إِلَّا عَلَى مَنْ يَرَى رَأْيَهُمْ وَلَا أَسْتَغْفِرَ إِلَّا لَهُ . فَقَالَ : صَدَقْتَ ، هَذِهِ مِحْنَتُهُمُ الْكَاذِبَةُ .
فَأَمَّا قَوْلُهُمْ فِي الصَّدَقَةِ ، فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " ذَكَرَ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ
الْيَمَنِ دَخَلَتِ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا " أَفَإِنْسَانٌ مِمَّنْ يَعْبُدُ اللَّهَ يُوَحِّدُهُ وَلَا يُشْرِكُ بِهِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ أَنْ يُطْعِمَهُ مِنْ جُوعٍ ، أَوْ هِرَّةٌ ! ؟ وَاللَّهُ يَقُولُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=8وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا الْآيَاتِ .
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ : لَا يُسْتَغْفَرُ إِلَّا لِمَنْ يَرَى رَأْيَهُمْ ، أَهَمُّ خَيْرٌ أَمِ الْمَلَائِكَةُ ، وَاللَّهُ يَقُولُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=5وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ فَوَاللَّهِ مَا فَعَلَتِ الْمَلَائِكَةُ ذَلِكَ حَتَّى أُمِرُوا بِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=27لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ وَجَاءَ مُيَسَّرًا :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا .
يَا
ذَا خَوْلَانَ ، إِنِّي قَدْ أَدْرَكْتُ صَدْرَ الْإِسْلَامِ ، فَوَاللَّهِ مَا كَانَتِ
الْخَوَارِجُ [ ص: 555 ] جَمَاعَةً قَطُّ إِلَّا فَرَّقَهَا اللَّهُ عَلَى شَرِّ حَالَاتِهِمْ ، وَمَا أَظْهَرَ أَحَدٌ مِنْهُمْ قَوْلَهُ إِلَّا ضَرَبَ اللَّهُ عُنُقَهُ ، وَلَوْ مَكَّنَ اللَّهُ لَهُمْ مِنْ رَأْيِهِمْ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ ، وَقُطِعَتِ السُّبُلُ وَالْحَجُّ ، وَلِعَادُ أَمْرُ الْإِسْلَامِ جَاهِلِيَّةً ، وَإِذًا لَقَامَ جَمَاعَةٌ ، كُلٌّ مِنْهُمْ يَدْعُو إِلَى نَفْسِهِ الْخِلَافَةَ ، مَعَ كُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةِ آلَافٍ ، يُقَاتِلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَيَشْهَدُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْكُفْرِ ، حَتَّى يُصْبِحَ الْمُؤْمِنُ خَائِفًا عَلَى نَفْسِهِ وَدِينِهِ وَدَمِهِ وَأَهْلِهِ وَمَالِهِ ، لَا يَدْرِي مَعَ مَنْ يَكُونُ ، قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=251وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=51إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فَلَوْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ لَنُصِرُوا .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=173وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ أَلَا يَسَعُكَ يَا
ذَا خَوْلَانَ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ مَا وَسِعَ
نُوحًا مِنْ عَبَدَةِ الْأَصْنَامِ ، إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=111أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ .
إِلَى أَنْ قَالَ : فَقَالَ
ذُو خَوْلَانَ : فَمَا تَأْمُرُنِي ؟ قَالَ : انْظُرْ زَكَاتَكَ فَأَدِّهَا إِلَى مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ ، وَجَمَعَهُمْ عَلَيْهِ ; فَإِنَّ الْمُلْكَ مِنَ اللَّهِ وَحْدَهُ وَبِيَدِهِ ، يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ، فَإِذَا أَدَّيْتَهَا إِلَى وَالِيَ الْأَمْرِ بَرِئْتَ مِنْهَا ، وَإِنْ كَانَ فَضْلٌ فَصِلْ بِهِ أَرْحَامَكَ وَمَوَالِيَكَ وَجِيرَانَكَ وَالضَّيْفَ . فَقَالَ : اشْهَدْ أَنِّي نَزَلْتُ عَنْ رَأْيِ الْحَرُورِيَّةِ .
وَفِي " الْعَقْلِ " لِابْنِ الْمُحَبَّرِ ذَكَرَ صِفَاتٍ حَمِيدَةً لِلْعَاقِلِ نَحْوًا مِنْ سِتِّينَ سَطْرًا فِيهَا مِائَةُ خَصْلَةٍ .
وَعَنْ
وَهْبٍ قَالَ : احْتِمَالُ الذُّلِّ خَيْرٌ مِنَ انْتِصَارٍ يَزِيدُ صَاحِبَهُ قَمْأَةً .
وَقَدِ امْتُحِنَ
وَهْبٌ وَحُبِسَ وَضُرِبَ ، فَرَوَى
حِبَّانُ بْنُ زُهَيْرٍ الْعَدَوِيُّ ، قَالَ :
[ ص: 556 ] حَدَّثَنِي
أَبُو الصَّيْدَاءِ صَالِحُ بْنُ طَرِيفٍ ، قَالَ : لَمَّا قَدِمَ
يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ الْعِرَاقَ بَكَيْتُ وَقُلْتُ : هَذَا الَّذِي ضَرَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=17285وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ حَتَّى قَتَلَهُ .
يَعْنِي لَمَّا وَلِيَ إِمْرَةَ
الْيَمَنِ ، ثُمَّ نَقَلَهُ الْخَلِيفَةُ
هِشَامٌ إِلَى إِمْرَةِ
الْعِرَاقِ - وَكَانَ جَبَّارًا عَنِيدًا مَهِيبًا - كَانَ سِمَاطُهُ
بِالْعِرَاقِ فِيمَا حَكَى
الْمَدَائِنِيُّ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَمِائَةِ مَائِدَةٍ ، أَبْعَدُ الْمَوَائِدِ وَأَقْرَبُهَا سَوَاءٌ فِي الْجَوْدَةِ ، ثُمَّ إِنَّهُ عُزِلَ عَنِ
الْعِرَاقِ عِنْدَ مَقْتَلِ
الْوَلِيدِ الْفَاسِقِ ، ثُمَّ ضُرِبَتْ عُنُقُهُ - وَلِلَّهِ الْحَمْدُ - فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ
قُلْتُ : لَا شَيْءَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ "
لَوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ سِوَى حَدِيثٍ وَاحِدٍ أَنْبَأَنَاهُ
ابْنُ قُدَامَةَ ، أَنْبَأَنَا
حَنْبَلٌ ، أَنْبَأَنَا
ابْنُ الْحُصَيْنِ ، أَنْبَأَنَا
ابْنُ الْمُذْهِبِ ، أَنْبَأَنَا
ابْنُ مَالِكٍ ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ ، عَنْ
عَمْرٍو ، عَنِ
ابْنِ مُنَبِّهٍ ، عَنْ أَخِيهِ ، سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : لَيْسَ أَحَدٌ أَكْثَرَ حَدِيثًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنِّي إِلَّا
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو ; فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ ، وَكُنْتُ لَا أَكْتُبُ .
قَالَ
الْوَاقِدِيُّ ، وَكَاتِبُهُ وَشَبَابٌ ،
وَأَبُو عُبَيْدٍ ،
وَعَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ إِدْرِيسَ : مَاتَ سَنَةَ عَشْرٍ وَمِائَةٍ .
وَقَالَ وَالِدُ
عَبْدِ الرَّزَّاقِ ،
وَعَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَعْقِلٍ ،
وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ : مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ . زَادَ
عَبْدُ الصَّمَدِ : فِي الْمُحَرَّمِ .
[ ص: 557 ]
وَقِيلَ : مَاتَ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ .