ابن مندة
الإمام الكبير الحافظ المجود أبو عبد الله ، محمد بن يحيى بن مندة ، واسم مندة : إبراهيم بن الوليد بن سندة بن بطة بن أستندار بن جهاربخت العبدي مولاهم الأصبهاني ، جد صاحب التصانيف الحافظ
أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد .
ولد في حدود العشرين ومائتين في حياة جدهم
مندة .
سمع
إسماعيل بن موسى السدي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16464وعبد الله بن معاوية الجمحي ،
ومحمد بن سليمان لوين ،
وأبا كريب محمد بن العلاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=17259وهناد بن السري ،
nindex.php?page=showalam&ids=15573ومحمد بن بشار ، وأبا سعيد الأشج ،
nindex.php?page=showalam&ids=12231وأحمد بن الفرات ، وطبقتهم
بالكوفة والبصرة وأصبهان ، وجمع وصنف .
حدث عنه :
القاضي أبو أحمد العسال ،
وأبو القاسم الطبراني ،
nindex.php?page=showalam&ids=11868وأبو الشيخ ،
وأبو إسحاق بن حمزة ،
ومحمد بن أحمد بن عبد الوهاب ، وولده
إسحاق بن محمد ، وخلق سواهم من شيوخ
nindex.php?page=showalam&ids=12181أبي نعيم الحافظ ، الذين لقيهم
بأصبهان .
[ ص: 189 ] وكان ينازع
الحافظ أحمد بن الفرات ، ويذاكره ، ويرادده وهو شاب .
قال
أبو الشيخ في " تاريخه " : هو أستاذ شيوخنا وإمامهم ، أدرك
سهل بن عثمان .
قلت :
سهل من شيوخ
مسلم ، مات سنة نيف وثلاثين ومائتين .
قال
أبو الشيخ : ومات
ابن مندة في رجب سنة إحدى وثلاثمائة .
أخبرنا
محمد بن يوسف المقرئ : أخبرنا
عبد الوهاب بن الحافظ أخبرنا
أبو طاهر السلفي ، أخبرنا
أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن الحافظ محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن مندة ، أخبرنا أبي وعماي قالوا : أخبرنا أبونا
أبو عبد الله ، أخبرنا أبي ، حدثني أبي ، حدثنا
سعيد بن عنبسة ، حدثنا
بقية ، عن
بحير ، عن
خالد بن معدان ، عن
أبي زياد ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=881206سألت عائشة عن أكل البصل ، فقالت : آخر طعام أكله النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه بصل .
هذا حديث غريب صالح الإسناد ، رواه الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل في مسنده عن
حيوة بن شريح عن
بقية .
أخبرنا
إسحاق بن أبي بكر : أخبرنا
ابن خليل ، أخبرنا
أبو المكارم التيمي ، أخبرنا
أبو علي الحداد ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=12181أبو نعيم الحافظ ، حدثنا
سليمان بن أحمد ، حدثنا
محمد بن يحيى بن مندة ، حدثنا
أبو بكر بن أبي النضر ، حدثنا
أبو النضر ، حدثنا
أبو عقيل الثقفي ، حدثنا
مجالد ، حدثنا
عون بن عبد الله [ ص: 190 ] بن عتبة ، عن أبيه قال :
ما مات النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى قرأ وكتب .
قلت : لم يرد أنه -صلى الله عليه وسلم- كتب شيئا ، إلا ما في " صحيح البخاري " من أنه يوم صلح
الحديبية كتب اسمه "
محمد بن عبد الله " . واحتج بذلك القاضي
nindex.php?page=showalam&ids=11927أبو الوليد الباجي وقام عليه طائفة من
فقهاء الأندلس بالإنكار ، وبدعوه حتى كفره بعضهم . والخطب يسير ، فما خرج عن كونه أميا بكتابة اسمه الكريم ، فجماعة من الملوك ما علموا من الكتابة سوى مجرد العلامة ، وما عدهم الناس بذلك كاتبين ، بل هم أميون ، فلا عبرة بالنادر ; وإنما الحكم للغالب ، والله -تعالى- فمن حكمته لم يلهم نبيه تعلم الكتابة ، ولا قراءة الكتب حسما لمادة المبطلين ، كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=48وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون .
ومع هذا فقد افتروا وقالوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=5أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه فانظر إلى قحة المعاند ، فمن الذي كان
بمكة وقت المبعث يدري أخبار الرسل والأمم الخالية ؟ ما كان
بمكة أحد بهذه الصفة أصلا . ثم ما المانع من تعلم النبي -صلى الله عليه وسلم- كتابة اسمه واسم أبيه مع فرط ذكائه ، وقوة فهمه ، ودوام مجالسته لمن يكتب بين يديه الوحي والكتب إلى
ملوك الطوائف ، ثم هذا خاتمه في يده ،
[ ص: 191 ] ونقشه :
محمد رسول الله .
فلا يظن عاقل ، أنه -عليه السلام- ما تعقل ذلك ، فهذا كله يقتضي أنه عرف كتابة اسمه واسم أبيه ، وقد أخبر الله بأنه -صلوات الله عليه- ما كان يدري ما الكتاب ؟ ثم علمه الله -تعالى- ما لم يكن يعلم . ثم الكتابة صفة مدح .
قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=4الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم فلما بلغ الرسالة ، ودخل الناس في دين الله أفواجا ، شاء الله لنبيه أن يتعلم الكتابة النادرة التي لا يخرج بمثلها عن أن يكون أميا ، ثم هو القائل :
nindex.php?page=hadith&LINKID=881208إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب فصدق إخباره بذلك ; إذ الحكم للغالب ، فنفى عنه وعن أمته الكتابة والحساب لندور ذلك فيهم وقلته ، وإلا فقد كان فيهم كتاب الوحي وغير ذلك ، وكان فيهم من يحسب ، وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=12ولتعلموا عدد السنين والحساب .
. ومن علمهم الفرائض ، وهي تحتاج إلى حساب وعول ، وهو -عليه السلام- فنفى عن الأمة الحساب ، فعلمنا أن المنفي كمال علم ذلك ودقائقه التي يقوم بها
القبط والأوائل ، فإن ذلك ما لم يحتج إليه دين الإسلام ولله الحمد ، فإن
القبط عمقوا في الحساب والجبر ، وأشياء تضيع الزمان . وأرباب
[ ص: 192 ] الهيئة تكلموا في سير النجوم والشمس والقمر ، والكسوف والقران بأمور طويلة لم يأت الشرع بها ، فلما ذكر -صلى الله عليه وسلم- الشهور ومعرفتها ، بين أن معرفتها ليست بالطرق التي يفعلها المنجم وأصحاب التقويم ، وأن ذلك لا نعبأ به في ديننا ، ولا نحسب الشهر بذلك أبدا . ثم بين أن الشهر بالرؤية فقط ، فيكون تسعا وعشرين ، أو بتكملة ثلاثين فلا نحتاج مع الثلاثين إلى تكلف رؤية .
وأما الشعر : فنزهه الله -تعالى- عن الشعر ، قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=69وما علمناه الشعر وما ينبغي له فما قال الشعر مع كثرته وجودته في
قريش ، وجريان قرائحهم به ، وقد يقع شيء نادر في كلامه -عليه السلام- موزونا ، فما صار بذلك شاعرا قط ، كقوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=881209أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب وقوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=881210هل أنت إلا إصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت [ ص: 193 ] ومثل هذا قد يقع في كتب الفقه والطب وغير ذلك مما يقع اتفاقا ، ولا يقصده المؤلف ولا يشعر به ، أفيقول مسلم قط : إن قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=13وجفان كالجوابي وقدور راسيات هو بيت ؟ ! معاذ الله ! وإنما صادف وزنا في الجملة ، والله أعلم .
ابْنُ مَنْدَةَ
الْإِمَامُ الْكَبِيرُ الْحَافِظُ الْمُجَوِّدُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مَنْدَةَ ، وَاسْمُ مَنْدَةَ : إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ سَنْدَةَ بْنِ بُطَّةَ بْنِ أُسْتُنْدَارَ بْنِ جَهَارْبُخْتَ الْعَبْدِيُّ مَوْلَاهُمُ الْأَصْبَهَانِيُّ ، جَدُّ صَاحِبِ التَّصَانِيفِ الْحَافِظِ
أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدٍ .
وُلِدَ فِي حُدُودِ الْعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ فِي حَيَاةِ جَدِّهِمْ
مَنْدَةَ .
سَمِعَ
إِسْمَاعِيلَ بْنَ مُوسَى السُّدِّيَّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16464وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُعَاوِيَةَ الْجُمَحِيَّ ،
وَمُحَمَّدَ بْنَ سُلَيْمَانَ لُوَيْنَ ،
وَأَبَا كُرَيْبٍ مُحَمَّدَ بْنَ الْعَلَاءِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17259وَهَنَّادَ بْنَ السَّرِيِّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15573وَمُحَمَّدَ بْنَ بَشَّارٍ ، وَأَبَا سَعِيدٍ الْأَشَجَّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12231وَأَحْمَدَ بْنَ الْفُرَاتِ ، وَطَبَقَتَهُمْ
بِالْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ وَأَصْبَهَانَ ، وَجَمَعَ وَصَنَّفَ .
حَدَّثَ عَنْهُ :
الْقَاضِي أَبُو أَحْمَدَ الْعَسَّالُ ،
وَأَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11868وَأَبُو الشَّيْخِ ،
وَأَبُو إِسْحَاقَ بْنُ حَمْزَةَ ،
وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ ، وَوَلَدُهُ
إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ مِنْ شُيُوخِ
nindex.php?page=showalam&ids=12181أَبِي نُعَيْمٍ الْحَافِظِ ، الَّذِينَ لَقِيَهُمْ
بِأَصْبَهَانَ .
[ ص: 189 ] وَكَانَ يُنَازِعُ
الْحَافِظَ أَحْمَدَ بْنَ الْفُرَاتِ ، وَيُذَاكِرُهُ ، وَيُرَادِدُهُ وَهُوَ شَابٌّ .
قَالَ
أَبُو الشَّيْخِ فِي " تَارِيخِهِ " : هُوَ أُسْتَاذُ شُيُوخِنَا وَإِمَامُهُمْ ، أَدْرَكَ
سَهْلَ بْنَ عُثْمَانَ .
قُلْتُ :
سَهْلٌ مِنْ شُيُوخِ
مُسْلِمٍ ، مَاتَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ .
قَالَ
أَبُو الشَّيْخِ : وَمَاتَ
ابْنُ مَنْدَةَ فِي رَجَبَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِمِائَةٍ .
أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْمُقْرِئُ : أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْحَافِظِ أَخْبَرَنَا
أَبُو طَاهِرٍ السَّلَفِيِّ ، أَخْبَرَنَا
أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ الْحَافِظِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ مَنْدَةَ ، أَخْبَرَنَا أَبِي وَعَمَّايَ قَالُوا : أَخْبَرَنَا أَبُونَا
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، أَخْبَرَنَا أَبِي ، حَدَّثَنِي أَبِي ، حَدَّثَنَا
سَعِيدُ بْنُ عَنْبَسَةَ ، حَدَّثَنَا
بَقِيَّةُ ، عَنْ
بَحِيرٍ ، عَنْ
خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ ، عَنْ
أَبِي زِيَادٍ ، قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=881206سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ أَكْلِ الْبَصَلِ ، فَقَالَتْ : آخِرُ طَعَامٍ أَكَلَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيهِ بَصَلٌ .
هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ صَالِحُ الْإِسْنَادِ ، رَوَاهُ الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ
حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ
بَقِيَّةَ .
أَخْبَرَنَا
إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ : أَخْبَرَنَا
ابْنُ خَلِيلٍ ، أَخْبَرَنَا
أَبُو الْمَكَارِمِ التَّيْمِيُّ ، أَخْبَرَنَا
أَبُو عَلِيٍّ الْحَدَّادُ ، أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12181أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا
سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مَنْدَةَ ، حَدَّثَنَا
أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي النَّضْرِ ، حَدَّثَنَا
أَبُو النَّضْرِ ، حَدَّثَنَا
أَبُو عَقِيلٍ الثَّقَفِيُّ ، حَدَّثَنَا
مُجَالِدٌ ، حَدَّثَنَا
عَوْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ [ ص: 190 ] بْنِ عُتْبَةَ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ :
مَا مَاتَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى قَرَأَ وَكَتَبَ .
قُلْتُ : لَمْ يَرِدْ أَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَتَبَ شَيْئًا ، إِلَّا مَا فِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ " مِنْ أَنَّهُ يَوْمَ صُلْحِ
الْحُدَيْبِيَةِ كَتَبَ اسْمَهُ "
مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ " . وَاحْتَجَّ بِذَلِكَ الْقَاضِي
nindex.php?page=showalam&ids=11927أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ وَقَامَ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنْ
فُقَهَاءِ الْأَنْدَلُسِ بَالْإِنْكَارِ ، وَبَدَّعُوهُ حَتَّى كَفَّرَهُ بَعْضُهُمْ . وَالْخَطْبُ يَسِيرٌ ، فَمَا خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ أُمِّيًّا بِكِتَابَةِ اسْمِهِ الْكَرِيمِ ، فَجَمَاعَةٌ مِنَ الْمُلُوكِ مَا عَلِمُوا مِنَ الْكِتَابَةِ سِوَى مُجَرَّدِ الْعَلَامَةِ ، وَمَا عَدَّهُمُ النَّاسُ بِذَلِكَ كَاتِبِينَ ، بَلْ هُمْ أُمِّيُّونَ ، فَلَا عِبْرَةَ بِالنَّادِرِ ; وَإِنَّمَا الْحُكْمُ لِلْغَالِبِ ، وَاللَّهُ -تَعَالَى- فَمِنْ حِكْمَتِهِ لَمْ يُلْهِمْ نَبِيَّهُ تَعَلُّمَ الْكِتَابَةِ ، وَلَا قِرَاءَةَ الْكُتُبِ حَسْمًا لِمَادَّةِ الْمُبْطِلِينَ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=48وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ .
وَمَعَ هَذَا فَقَدِ افْتَرَوْا وَقَالُوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=5أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ فَانْظُرْ إِلَى قِحَةِ الْمُعَانِدِ ، فَمَنِ الَّذِي كَانَ
بِمَكَّةَ وَقْتَ الْمَبْعَثِ يَدْرِي أَخْبَارَ الرُّسُلِ وَالْأُمَمِ الْخَالِيَةِ ؟ مَا كَانَ
بِمَكَّةَ أَحَدٌ بِهَذِهِ الصِّفَةِ أَصْلًا . ثُمَّ مَا الْمَانِعُ مِنْ تَعَلُّمِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كِتَابَةَ اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ مَعَ فَرْطِ ذَكَائِهِ ، وَقُوَّةِ فَهْمِهِ ، وَدَوَامِ مُجَالَسَتِهِ لِمَنْ يَكْتُبُ بَيْنَ يَدَيْهِ الْوَحْيَ وَالْكُتُبَ إِلَى
مُلُوكِ الطَّوَائِفِ ، ثُمَّ هَذَا خَاتَمُهُ فِي يَدِهِ ،
[ ص: 191 ] وَنَقْشُهُ :
مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ .
فَلَا يَظُنُّ عَاقِلٌ ، أَنَّهُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- مَا تَعَقَّلَ ذَلِكَ ، فَهَذَا كُلُّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ عَرَفَ كِتَابَةَ اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ ، وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ بِأَنَّهُ -صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ- مَا كَانَ يَدْرِي مَا الْكِتَابُ ؟ ثُمَّ عَلَّمَهُ اللَّهُ -تَعَالَى- مَا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ . ثُمَّ الْكِتَابَةُ صِفَةُ مَدْحٍ .
قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=4الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ فَلَمَّا بَلَّغَ الرِّسَالَةَ ، وَدَخَلَ النَّاسُ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا ، شَاءَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ أَنْ يَتَعَلَّمَ الْكِتَابَةَ النَّادِرَةَ الَّتِي لَا يَخْرُجُ بِمِثْلِهَا عَنْ أَنْ يَكُونَ أُمِّيًّا ، ثُمَّ هُوَ الْقَائِلُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=881208إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ فَصَدَقَ إِخْبَارُهُ بِذَلِكَ ; إِذِ الْحُكْمُ لِلْغَالِبِ ، فَنَفَى عَنْهُ وَعَنْ أُمَّتِهِ الْكِتَابَةَ وَالْحِسَابَ لِنَدُورِ ذَلِكَ فِيهِمْ وَقِلَّتِهِ ، وَإِلَّا فَقَدَ كَانَ فِيهِمْ كُتَّابُ الْوَحْيِ وَغَيْرُ ذَلِكَ ، وَكَانَ فِيهِمْ مَنْ يَحْسُبُ ، وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=12وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ .
. وَمَنْ عَلَّمَهُمُ الْفَرَائِضَ ، وَهِيَ تَحْتَاجُ إِلَى حِسَابٍ وَعَوْلٍ ، وَهُوَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- فَنَفَى عَنِ الْأُمَّةِ الْحِسَابَ ، فَعَلِمْنَا أَنَّ الْمَنْفِيَّ كَمَالُ عِلْمِ ذَلِكَ وَدَقَائِقُهُ الَّتِي يَقُومُ بِهَا
الْقِبْطُ وَالْأَوَائِلُ ، فَإِنَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَحْتَجْ إِلَيْهِ دِينُ الْإِسْلَامِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ ، فَإِنَّ
الْقِبْطَ عَمَّقُوا فِي الْحِسَابِ وَالْجَبْرِ ، وَأَشْيَاءَ تُضَيِّعُ الزَّمَانَ . وَأَرْبَابُ
[ ص: 192 ] الْهَيْئَةِ تَكَلَّمُوا فِي سَيْرِ النُّجُومِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ ، وَالْكُسُوفِ وَالْقِرَانِ بِأُمُورٍ طَوِيلَةٍ لَمْ يَأْتِ الشَّرْعُ بِهَا ، فَلَمَّا ذَكَرَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الشُّهُورَ وَمَعْرِفَتَهَا ، بَيَّنَ أَنَّ مَعْرِفَتَهَا لَيْسَتْ بِالطُّرُقِ الَّتِي يَفْعَلُهَا الْمُنَجِّمُ وَأَصْحَابُ التَّقْوِيمِ ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَا نَعْبَأُ بِهِ فِي دِينِنَا ، وَلَا نَحْسُبُ الشَّهْرَ بِذَلِكَ أَبَدًا . ثُمَّ بَيْنَ أَنَّ الشَّهْرَ بِالرُّؤْيَةِ فَقَطْ ، فَيَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ ، أَوْ بِتَكْمِلَةِ ثَلَاثِينَ فَلَا نَحْتَاجُ مَعَ الثَّلَاثِينَ إِلَى تَكَلُّفِ رُؤْيَةٍ .
وَأَمَّا الشِّعْرُ : فَنَزَّهَهُ اللَّهُ -تَعَالَى- عَنِ الشِّعْرِ ، قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=69وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ فَمَا قَالَ الشِّعْرُ مَعَ كَثْرَتِهِ وَجَوْدَتِهِ فِي
قُرَيْشٍ ، وَجَرَيَانِ قَرَائِحِهِمْ بِهِ ، وَقَدْ يَقَعُ شَيْءٌ نَادِرٌ فِي كَلَامِهِ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- مَوْزُونًا ، فَمَا صَارَ بِذَلِكَ شَاعِرًا قَطُّ ، كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=881209أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبَ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=881210هَلْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ وَفَي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ [ ص: 193 ] وَمِثْلَ هَذَا قَدْ يَقَعُ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ وَالطِّبِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَقَعُ اتِّفَاقًا ، وَلَا يَقْصِدُهُ الْمُؤَلِّفُ وَلَا يَشْعُرُ بِهِ ، أَفَيُقُولُ مُسْلِمٌ قَطُّ : إِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=13وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِي وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ هُوَ بَيْتٌ ؟ ! مَعَاذَ اللَّهِ ! وَإِنَّمَا صَادَفَ وَزْنًا فِي الْجُمْلَةِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .