أحمد بن نصر بن مالك الخزاعي ( د )
الإمام الكبير الشهيد ، أبو عبد الله ، أحمد بن نصر بن مالك بن الهيثم الخزاعي المروزي ثم البغدادي . كان جده أحد نقباء الدولة العباسية ، وكان أحمد أمارا بالمعروف ، قوالا بالحق . سمع من :
مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=15743وحماد بن زيد ،
وهشيم ،
وابن عيينة . وروى قليلا
[ ص: 167 ] حدث عنه :
عبد الله بن الدورقي ،
ومحمد بن يوسف بن الطباع ،
nindex.php?page=showalam&ids=17110ومعاوية بن صالح الأشعري ، وآخرون .
قال
ابن الجنيد : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين يترحم عليه ، وقال : ختم الله له بالشهادة ، قد كتبت عنه ، وكان عنده مصنفات
هشيم كلها ، وعن
مالك أحاديث . وكان يقول عن الخليفة : ما دخل عليه من يصدقه . ثم قال
يحيى : ما كان يحدث ، ويقول : لست هناك .
قال
الصولي : كان هو
وسهل بن سلامة حين كان
المأمون بخراسان بايعا الناس على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ثم قدم
المأمون فبايعه
سهل ، ولزم
ابن نصر بيته ، ثم تحرك في آخر أيام
الواثق ، واجتمع إليه خلق يأمرون بالمعروف . قال : إلى أن ملكوا
بغداد ، وتعدى رجلان موسران من أصحابه ، فبذلا مالا ، وعزما على الوثوب في سنة إحدى وثلاثين ، فنم الخبر إلى نائب
بغداد إسحاق بن إبراهيم ، فأخذ
أحمد وصاحبيه وجماعة ، ووجد في منزل أحدهما أعلاما ، وضرب خادما
لأحمد ، فأقر بأن هؤلاء كانوا يأتون
أحمد ليلا ، ويخبرونه بما عملوا . فحملوا إلى
سامراء مقيدين ، فجلس
الواثق لهم ، وقال
لأحمد : دع ما أخذت له ، ما تقول في القرآن ؟ قال : كلام الله . قال : أفمخلوق هو ؟ قال : كلام الله . قال : فترى ربك في القيامة ؟ قال : كذا جاءت الرواية . قال : ويحك يرى كما يرى المحدود المتجسم ، ويحويه مكان ويحصره ناظر ؟ أنا كفرت بمن هذه صفته ، ما تقولون فيه ؟ فقال قاضي الجانب الغربي : هو حلال الدم ، ووافقه فقهاء ، فأظهر
أحمد بن أبي دواد أنه كاره لقتله . وقال : شيخ مختل ، تغير عقله ، يؤخر . قال
الواثق : ما أراه إلا مؤديا لكفره قائما بما يعتقده ، ودعا بالصمصامة ، وقام . وقال : أحتسب خطاي إلى هذا الكافر . فضرب عنقه
[ ص: 168 ] بعد أن مدوا له رأسه بحبل وهو مقيد ، ونصب رأسه بالجانب الشرقي ، وتتبع أصحابه فسجنوا .
قال
الحسن بن محمد الحربي : سمعت
جعفر بن محمد الصائغ يقول : رأيت
أحمد بن نصر حين قتل قال رأسه : لا إله إلا الله .
قال
المروذي : سمعت
أحمد ذكر
أحمد بن نصر ، فقال : رحمه الله ، لقد جاد بنفسه . وعلق في أذن
أحمد بن نصر ورقة فيها : هذا رأس
أحمد بن نصر ، دعاه الإمام
هارون إلى القول بخلق القرآن ، ونفي التشبيه ، فأبى إلا المعاندة ، فعجله الله إلى ناره . وكتب
محمد بن عبد الملك . وقيل : حنق عليه
الواثق لأنه ذكر
للواثق حديثا ، فقال : تكذب . فقال : بل أنت تكذب . وقيل : إنه قال له : يا صبي ، ويقول في خلوته عن
الواثق : فعل هذا الخنزير . ثم إن
الواثق خاف من خروجه ، فقتله في شعبان سنة إحدى وثلاثين ، وكان أبيض الرأس واللحية . ونقل عن
الموكل بالرأس أنه سمعه في الليل يقرأ :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=1يس وصح أنهم أقعدوا رجلا بقصبة فكانت الريح تدير الرأس إلى القبلة ، فيديره الرجل .
قال
السراج : سمعت
خلف بن سالم يقول بعدما قتل
ابن نصر ، وقيل له : ألا تسمع ما الناس فيه يقولون : إن رأس
أحمد بن نصر يقرأ ؟ ! ! فقال : كان رأس
يحيى يقرأ . وقيل : رئي في النوم ، فقيل : ما فعل الله بك ؟ قال : ما كانت إلا غفوة حتى لقيت الله ، فضحك إلي . وقيل : إنه
[ ص: 169 ]
قال : غضبت له فأباحني النظر إلى وجهه . بقي الرأس منصوبا
ببغداد ، والبدن مصلوبا
بسامراء ست سنين إلى أن أنزل ، وجمع في سنة سبع وثلاثين ، فدفن . رحمة الله عليه .
أَحْمَدُ بْنُ نَصْرِ بْنِ مَالِكٍ الْخُزَاعِيُّ ( د )
الْإِمَامُ الْكَبِيرُ الشَّهِيدُ ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، أَحْمَدُ بْنُ نَصْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْهَيْثَمِ الْخُزَاعِيُّ الْمَرْوَزِيُّ ثُمَّ الْبَغْدَادِيُّ . كَانَ جَدُّهُ أَحَدَ نُقَبَاءِ الدَّوْلَةِ الْعَبَّاسِيَّةِ ، وَكَانَ أَحْمَدُ أَمَّارًا بِالْمَعْرُوفِ ، قَوَّالًا بِالْحَقِّ . سَمِعَ مِنْ :
مَالِكٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15743وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ ،
وَهُشَيْمٍ ،
وَابْنِ عُيَيْنَةَ . وَرَوَى قَلِيلًا
[ ص: 167 ] حَدَّثَ عَنْهُ :
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الدَّوْرَقِيِّ ،
وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ الطَّبَّاعِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17110وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ الْأَشْعَرِيُّ ، وَآخَرُونَ .
قَالَ
ابْنُ الْجُنَيْدِ : سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=17336يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَتَرَحَّمُ عَلَيْهِ ، وَقَالَ : خَتَمَ اللَّهُ لَهُ بِالشَّهَادَةِ ، قَدْ كَتَبْتُ عَنْهُ ، وَكَانَ عِنْدَهُ مُصَنَّفَاتُ
هُشَيْمٍ كُلُّهَا ، وَعَنْ
مَالِكٍ أَحَادِيثُ . وَكَانَ يَقُولُ عَنِ الْخَلِيفَةِ : مَا دَخَلَ عَلَيْهِ مَنْ يَصْدُقُهُ . ثُمَّ قَالَ
يَحْيَى : مَا كَانَ يُحَدِّثُ ، وَيَقُولُ : لَسْتُ هُنَاكَ .
قَالَ
الصُّولِيُّ : كَانَ هُوَ
وَسَهْلُ بْنُ سَلَامَةَ حِينَ كَانَ
الْمَأْمُونُ بِخُرَاسَانَ بَايَعَا النَّاسَ عَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ ، ثُمَّ قَدِمَ
الْمَأْمُونُ فَبَايَعَهُ
سَهْلٌ ، وَلَزِمَ
ابْنُ نَصْرٍ بَيْتَهُ ، ثُمَّ تَحَرَّكَ فِي آخِرِ أَيَّامِ
الْوَاثِقِ ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ خَلْقٌ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ . قَالَ : إِلَى أَنْ مَلَكُوا
بَغْدَادَ ، وَتَعَدَّى رَجُلَانِ مُوسِرَانِ مِنْ أَصْحَابِهِ ، فَبَذَلَا مَالًا ، وَعَزَمَا عَلَى الْوُثُوبِ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ ، فَنَمَّ الْخَبَرُ إِلَى نَائِبِ
بَغْدَادَ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، فَأَخَذَ
أَحْمَدَ وَصَاحِبَيْهِ وَجَمَاعَةً ، وَوَجَدَ فِي مَنْزِلِ أَحَدِهِمَا أَعْلَامًا ، وَضَرَبَ خَادِمًا
لِأَحْمَدَ ، فَأَقَرَّ بِأَنَّ هَؤُلَاءِ كَانُوا يَأْتُونَ
أَحْمَدَ لَيْلًا ، وَيُخْبِرُونَهُ بِمَا عَمِلُوا . فَحُمِلُوا إِلَى
سَامَرَّاءَ مُقَيَّدِينَ ، فَجَلَسَ
الْوَاثِقُ لَهُمْ ، وَقَالَ
لِأَحْمَدَ : دَعْ مَا أُخِذْتَ لَهُ ، مَا تَقُولُ فِي الْقُرْآنِ ؟ قَالَ : كَلَامُ اللَّهِ . قَالَ : أَفَمَخْلُوقٌ هُوَ ؟ قَالَ : كَلَامُ اللَّهِ . قَالَ : فَتَرَى رَبَّكَ فِي الْقِيَامَةِ ؟ قَالَ : كَذَا جَاءَتِ الرِّوَايَةُ . قَالَ : وَيْحَكَ يُرَى كَمَا يُرَى الْمَحْدُودُ الْمُتَجَسِّمُ ، وَيَحْوِيهِ مَكَانٌ وَيَحْصُرُهُ نَاظِرٌ ؟ أَنَا كَفَرْتُ بِمَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ ، مَا تَقُولُونَ فِيهِ ؟ فَقَالَ قَاضِي الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ : هُوَ حَلَالُ الدَّمِ ، وَوَافَقَهُ فُقَهَاءُ ، فَأَظْهَرَ
أَحْمَدُ بْنُ أَبِي دُوَادٍ أَنَّهُ كَارِهٌ لِقَتْلِهِ . وَقَالَ : شَيْخٌ مُخْتَلٌّ ، تَغَيَّرَ عَقْلُهُ ، يُؤَخَّرُ . قَالَ
الْوَاثِقُ : مَا أَرَاهُ إِلَّا مُؤَدِّيًا لِكُفْرِهِ قَائِمًا بِمَا يَعْتَقِدُهُ ، وَدَعَا بِالصَّمْصَامَةِ ، وَقَامَ . وَقَالَ : أَحْتَسِبُ خُطَايَ إِلَى هَذَا الْكَافِرِ . فَضَرَبَ عُنُقَهُ
[ ص: 168 ] بَعْدَ أَنْ مَدُّوا لَهُ رَأْسَهُ بِحَبَلٍ وَهُوَ مُقَيَّدٌ ، وَنُصِبَ رَأَسُهُ بِالْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ ، وَتُتُبِّعَ أَصْحَابُهُ فَسُجِنُوا .
قَالَ
الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَرْبِيُّ : سَمِعْتُ
جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ الصَّائِغَ يَقُولُ : رَأَيْتُ
أَحْمَدَ بْنَ نَصْرٍ حِينَ قُتِلَ قَالَ رَأْسُهُ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ .
قَالَ
الْمَرُّوذِيُّ : سَمِعْتُ
أَحْمَدَ ذَكَرَ
أَحْمَدَ بْنَ نَصْرٍ ، فَقَالَ : رَحِمَهُ اللَّهُ ، لَقَدْ جَادَ بِنَفْسِهِ . وَعُلِّقَ فِي أُذُنِ
أَحْمَدَ بْنِ نَصْرٍ وَرَقَةٌ فِيهَا : هَذَا رَأْسُ
أَحْمَدَ بْنِ نَصْرٍ ، دَعَاهُ الْإِمَامُ
هَارُونُ إِلَى الْقَوْلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ ، وَنَفْيِ التَّشْبِيهِ ، فَأَبَى إِلَّا الْمُعَانَدَةَ ، فَعَجَّلَهُ اللَّهُ إِلَى نَارِهِ . وَكَتَبَ
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ . وَقِيلَ : حَنِقَ عَلَيْهِ
الْوَاثِقُ لَأَنَّهُ ذَكَرَ
لِلْوَاثِقِ حَدِيثًا ، فَقَالَ : تَكْذِبُ . فَقَالَ : بَلْ أَنْتَ تَكْذِبُ . وَقِيلَ : إِنَّهُ قَالَ لَهُ : يَا صَبِيُّ ، وَيَقُولُ فِي خُلْوَتِهِ عَنِ
الْوَاثِقِ : فَعَلَ هَذَا الْخِنْزِيرُ . ثُمَّ إِنَّ
الْوَاثِقَ خَافَ مِنْ خُرُوجِهِ ، فَقَتَلَهُ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ ، وَكَانَ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ . وَنُقِلَ عَنِ
الْمُوَكَّلِ بِالرَّأْسِ أَنَّهُ سَمِعَهُ فِي اللَّيْلِ يَقْرَأُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=1يس وَصَحَّ أَنَّهُمْ أَقْعَدُوا رَجُلًا بِقَصَبَةٍ فَكَانَتِ الرِّيحُ تُدِيرُ الرَّأْسَ إِلَى الْقِبْلَةِ ، فَيُدِيرُهُ الرَّجُلُ .
قَالَ
السَّرَّاجُ : سَمِعْتُ
خَلَفَ بْنَ سَالِمٍ يَقُولُ بَعْدَمَا قُتِلَ
ابْنُ نَصْرٍ ، وَقِيلَ لَهُ : أَلَا تَسْمَعُ مَا النَّاسُ فِيهِ يَقُولُونَ : إِنَّ رَأْسَ
أَحْمَدَ بْنِ نَصْرٍ يَقْرَأُ ؟ ! ! فَقَالَ : كَانَ رَأْسُ
يَحْيَى يَقْرَأُ . وَقِيلَ : رُئِيَ فِي النَّوْمِ ، فَقِيلَ : مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ ؟ قَالَ : مَا كَانَتْ إِلَّا غَفْوَةً حَتَّى لَقِيتُ اللَّهَ ، فَضَحِكَ إِلَيَّ . وَقِيلَ : إِنَّهُ
[ ص: 169 ]
قَالَ : غَضِبْتُ لَهُ فَأَبَاحَنِيَ النَّظَرَ إِلَى وَجْهِهِ . بَقِيَ الرَّأْسُ مَنْصُوبًا
بِبَغْدَادَ ، وَالْبَدَنُ مَصْلُوبًا
بِسَامَرَّاءَ سِتَّ سِنِينَ إِلَى أَنْ أُنْزِلَ ، وَجُمِعَ فِي سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ ، فَدُفِنَ . رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ .