المقنع
هو عطاء المقنع الساحر العجمي الذي ادعى الربوبية من طريق
[ ص: 307 ] المناسخ ، وربط الناس بالخوارق ، والأحوال الشيطانية ، والإخبار عن بعض المغيبات ، حتى ضل به خلائق من الصم البكم . وادعى أن الله تحول إلى صورة
آدم ، ولذلك أمر الملائكة بالسجود له ، وأنه تحول إلى صورة
نوح ، ثم
إبراهيم ، وإلى حكماء الأوائل ، ثم إلى صورة
أبي مسلم صاحب الدعوة ، ثم إلي ; فعبدوه ، وحاربوا دونه ، مع ما شاهدوا من قبح صورته ، وسماجة وجهه المشوه .
كان أعور قصيرا ألكن اتخذ وجها من الذهب ، ومن ثم قالوا : المقنع . ومما أضلهم به من المخاريق : قمر ثان يرونه في السماء ، حتى كان يراه المسافرون من مسيرة شهرين ، وفي ذلك يقول
أبو العلاء بن سليمان : أفق
أيها البدر المقنع رأسه ضلال وغي مثل بدر المقنع
ولابن سناء الملك :
إليك فما بدر المقنع طالعا بأسحر من ألحاظ بدري المعمم
ولما استفحل البلاء بهذا الخبيث ، تجهز الجيش إلى حربه ، وحاصروه في قلعته بطرف
خراسان ، وقيل : بما
وراء النهر ، انتدب لحربه متولي
[ ص: 308 ] خراسان ،
معاذ بن مسلم ،
وجبريل الأمير ،
وليث مولى المهدي ، والقلعة هي من أعمال
كش وطال الحصار نحو عامين ، فلما أحس الملعون بالهلاك ، مص سما ، وسقى حظاياه السم ، فماتوا ، وأخذت القلعة ، وقطع رأسه ، وبعثوا به على قناة إلى
المهدي في سنة ثلاث وستين فوافاه
بحلب وهو يجهز العساكر لغزو
الروم ، مع ولده
nindex.php?page=showalam&ids=14370هارون الرشيد ، فكانت غزوة عظمى .
الْمُقَنَّعُ
هُوَ عَطَاءٌ الْمُقَنَّعُ السَّاحِرُ الْعَجَمِيُّ الَّذِي ادَّعَى الرُّبُوبِيَّةَ مِنْ طَرِيقِ
[ ص: 307 ] الْمَنَاسِخِ ، وَرَبَطَ النَّاسَ بِالْخَوَارِقِ ، وَالْأَحْوَالِ الشَّيْطَانِيَّةِ ، وَالْإِخْبَارِ عَنْ بَعْضِ الْمُغَيَّبَاتِ ، حَتَّى ضَلَّ بِهِ خَلَائِقُ مِنَ الصُّمِّ الْبُكْمِ . وَادَّعَى أَنَّ اللَّهَ تَحَوَّلَ إِلَى صُورَةِ
آدَمَ ، وَلِذَلِكَ أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُودِ لَهُ ، وَأَنَّهُ تَحَوَّلَ إِلَى صُورَةِ
نُوحٍ ، ثُمَّ
إِبْرَاهِيمَ ، وَإِلَى حُكَمَاءِ الْأَوَائِلِ ، ثُمَّ إِلَى صُورَةِ
أَبِي مُسْلِمٍ صَاحِبِ الدَّعْوَةِ ، ثُمَّ إِلَيَّ ; فَعَبَدُوهُ ، وَحَارَبُوا دُونَهُ ، مَعَ مَا شَاهَدُوا مِنْ قُبْحِ صُورَتِهِ ، وَسَمَاجَةِ وَجْهِهِ الْمُشَوَّهِ .
كَانَ أَعْوَرَ قَصِيرًا أَلْكَنَ اتَّخَذَ وَجْهًا مِنَ الذَّهَبِ ، وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا : الْمُقَنَّعُ . وَمِمَّا أَضَلَّهُمْ بِهِ مِنَ الْمَخَارِيقِ : قَمَرٌ ثَانٍ يَرَوْنَهُ فِي السَّمَاءِ ، حَتَّى كَانَ يَرَاهُ الْمُسَافِرُونَ مِنْ مَسِيرَةِ شَهْرَيْنِ ، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ
أَبُو الْعَلَاءِ بْنُ سُلَيْمَانَ : أَفِقْ
أَيُّهَا الْبَدْرُ الْمُقَنَّعُ رَأْسُهُ ضَلَالٌ وَغَيٌّ مِثْلُ بَدْرِ الْمُقَنَّعِ
وَلِابْنِ سَنَاءِ الْمُلْكِ :
إِلَيْكَ فَمَا بَدْرُ الْمُقَنَّعِ طَالِعًا بِأَسْحَرَ مِنْ أَلْحَاظِ بَدْرِي الْمُعَمَّمِ
وَلَمَّا اسْتَفْحَلَ الْبَلَاءُ بِهَذَا الْخَبِيثِ ، تَجَهَّزَ الْجَيْشُ إِلَى حَرْبِهِ ، وَحَاصَرُوهُ فِي قَلْعَتِهِ بِطَرَفِ
خُرَاسَانَ ، وَقِيلَ : بِمَا
وَرَاءَ النَّهْرِ ، انْتُدِبَ لِحَرْبِهِ مُتَوَلِّي
[ ص: 308 ] خُرَاسَانَ ،
مُعَاذُ بْنُ مُسْلِمٍ ،
وَجِبْرِيلُ الْأَمِيرُ ،
وَلَيْثٌ مَوْلَى الْمَهْدِيِّ ، وَالْقَلْعَةُ هِيَ مِنْ أَعْمَالِ
كَشَّ وَطَالَ الْحِصَارُ نَحْوَ عَامَيْنِ ، فَلَمَّا أَحَسَّ الْمَلْعُونُ بِالْهَلَاكِ ، مَصَّ سُمًّا ، وَسَقَى حَظَايَاهُ السُّمَّ ، فَمَاتُوا ، وَأُخِذَتِ الْقَلْعَةُ ، وَقُطِعَ رَأْسُهُ ، وَبَعَثُوا بِهِ عَلَى قَنَاةٍ إِلَى
الْمَهْدِيِّ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ فَوَافَاهُ
بِحَلَبَ وَهُوَ يُجَهِّزُ الْعَسَاكِرَ لِغَزْوِ
الرُّومِ ، مَعَ وَلَدِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=14370هَارُونَ الرَّشِيدِ ، فَكَانَتْ غَزْوَةً عُظْمَى .