الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                              صفحة جزء
                              658 حدثنا إسحاق بن عيسى الطباع حدثني يحيى بن سليم عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن عبيد الله بن عياض بن عمرو القاري قال جاء عبد الله بن شداد فدخل على عائشة رضي الله عنها ونحن عندها جلوس مرجعه من العراق ليالي قتل علي رضي الله عنه فقالت له يا عبد الله بن شداد هل أنت صادقي عما أسألك عنه تحدثني عن هؤلاء القوم الذين قتلهم علي رضي الله عنه قال وما لي لا أصدقك قالت فحدثني عن قصتهم قال فإن عليا رضي الله عنه لما كاتب معاوية وحكم الحكمان خرج عليه ثمانية آلاف من قراء الناس فنزلوا بأرض يقال لها حروراء من جانب الكوفة وإنهم عتبوا عليه فقالوا انسلخت من قميص ألبسكه الله تعالى واسم سماك الله تعالى به ثم انطلقت فحكمت في دين الله فلا حكم إلا لله تعالى فلما أن بلغ عليا رضي الله عنه ما عتبوا عليه وفارقوه عليه فأمر مؤذنا فأذن أن لا يدخل على أمير المؤمنين إلا رجل قد حمل القرآن فلما أن امتلأت الدار من قراء الناس دعا بمصحف إمام عظيم فوضعه بين يديه فجعل يصكه بيده ويقول أيها المصحف حدث الناس فناداه الناس فقالوا يا أمير المؤمنين ما تسأل عنه إنما هو مداد في ورق ونحن نتكلم بما روينا منه فماذا تريد قال أصحابكم هؤلاء الذين خرجوا بيني وبينهم كتاب الله يقول الله تعالى في كتابه في امرأة ورجل وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما فأمة محمد صلى الله عليه وسلم أعظم دما وحرمة من امرأة ورجل ونقموا علي أن كاتبت معاوية كتب علي بن أبي طالب وقد جاءنا سهيل بن عمرو ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية حين صالح قومه قريشا فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم بسم الله الرحمن الرحيم فقال سهيل لا تكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال كيف نكتب فقال اكتب باسمك اللهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتب محمد رسول الله فقال لو أعلم أنك رسول الله لم أخالفك فكتب هذا ما صالح محمد بن عبد الله قريشا يقول الله تعالى في كتابه لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر فبعث إليهم علي عبد الله بن عباس رضي الله عنه فخرجت معه حتى إذا توسطنا عسكرهم قام ابن الكواء يخطب الناس فقال يا حملة القرآن إن هذا عبد الله بن عباس رضي الله عنه فمن لم يكن يعرفه فأنا أعرفه من كتاب الله ما يعرفه به هذا ممن نزل فيه وفي قومه قوم خصمون فردوه إلى صاحبه ولا تواضعوه كتاب الله فقام خطباؤهم فقالوا والله لنواضعنه كتاب الله فإن جاء بحق نعرفه لنتبعنه وإن جاء بباطل لنبكتنه بباطله فواضعوا [ ص: 87 ] عبد الله الكتاب ثلاثة أيام فرجع منهم أربعة آلاف كلهم تائب فيهم ابن الكواء حتى أدخلهم على علي الكوفة فبعث علي رضي الله عنه إلى بقيتهم فقال قد كان من أمرنا وأمر الناس ما قد رأيتم فقفوا حيث شئتم حتى تجتمع أمة محمد صلى الله عليه وسلم بيننا وبينكم أن لا تسفكوا دما حراما أو تقطعوا سبيلا أو تظلموا ذمة فإنكم إن فعلتم فقد نبذنا إليكم الحرب على سواء إن الله لا يحب الخائنين فقالت له عائشة رضي الله عنها يا ابن شداد فقد قتلهم فقال والله ما بعث إليهم حتى قطعوا السبيل وسفكوا الدم واستحلوا أهل الذمة فقالت ألله قال ألله الذي لا إله إلا هو لقد كان قالت فما شيء بلغني عن أهل الذمة يتحدثونه يقولون ذو الثدي وذو الثدي قال قد رأيته وقمت مع علي رضي الله عنه عليه في القتلى فدعا الناس فقال أتعرفون هذا فما أكثر من جاء يقول قد رأيته في مسجد بني فلان يصلي ورأيته في مسجد بني فلان يصلي ولم يأتوا فيه بثبت يعرف إلا ذلك قالت فما قول علي رضي الله عنه حين قام عليه كما يزعم أهل العراق قال سمعته يقول صدق الله ورسوله قالت هل سمعت منه أنه قال غير ذلك قال اللهم لا قالت أجل صدق الله ورسوله يرحم الله عليا رضي الله عنه إنه كان من كلامه لا يرى شيئا يعجبه إلا قال صدق الله ورسوله فيذهب أهل العراق يكذبون عليه ويزيدون عليه في الحديث

                              التالي السابق


                              الخدمات العلمية