الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          3878 حدثنا أبو بكر بن زنجويه حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن قتادة عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال حسبك من نساء العالمين مريم ابنة عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وآسية امرأة فرعون قال أبو عيسى هذا حديث صحيح

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( حدثنا أبو بكر بن زنجويه ) هو محمد بن عبد الملك بن زنجويه البغدادي الغزال ، ثقة من الحادية عشرة . قوله : " حسبك " أي : يكفيك " من نساء العالمين " أي : الواصلة إلى مراتب الكاملين في الاقتداء بهن وذكر محاسنهن ومناقبهن وزهدهن في الدنيا وإقبالهن على العقبى ، قال الطيبي : حسبك مبتدأ ومن نساء متعلق به ومريم خبره ، والخطاب إما عام ، أو لأنس أي : كافيك معرفتك فضلهن عن معرفة سائر النساء ، قال الحافظ في الفتح : قال السبكي الكبير : الذي ندين الله به أن فاطمة أفضل ثم خديجة ثم عائشة ، والخلاف شهير ولكن الحق أحق أن يتبع به ، وقال ابن تيمية : جهات الفضل بين خديجة وعائشة متقاربة ، وكأنه رأى التوقف ، وقال ابن القيم : إن أريد بالتفضيل كثرة الثواب عند الله فذاك أمر لا يطلع عليه ، فإن عمل القلوب أفضل من عمل الجوارح ، وإن أريد كثرة العلم فعائشة لا محالة ، وإن أريد شرف الأصل ففاطمة لا محالة وهي [ ص: 266 ] فضيلة لا يشاركها فيها غير إخوتها ، وإن أريد شرف السيادة فقد ثبت النص لفاطمة وحدها ، قال الحافظ : امتازت فاطمة عن أخواتها بأنهن متن في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأما ما امتازت به عائشة من فضل العلم فإن لخديجة ما يقابله ، وهي أنها أول من أجاب إلى الإسلام ودعا إليه ، وأعان على ثبوته بالنفس ، والمال والتوجه التام . فلها مثل أجر من جاء بعدها ولا يقدر قدر ذلك إلا الله ، وقيل : انعقد الإجماع على أفضلية فاطمة ، وبقي الخلاف بين عائشة وخديجة . انتهى ، وقال القاري في المرقاة : قال السيوطي في النقاية نعتقد أن أفضل النساء مريم وفاطمة وأفضل أمهات المؤمنين خديجة وعائشة ، وفي التفضيل بينهما أقوال ثالثها التوقف ، قال القاري : التوقف في حق الكل أولى ، إذ ليس في المسألة دليل قطعي ، والظنيات متعارضة غير مفيدة للعقائد المبنية على اليقينيات . انتهى . قوله : ( هذا حديث صحيح ) وأخرجه أحمد وابن حبان ، والحاكم في مستدركه .




                                                                                                          الخدمات العلمية