الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          2948 حدثنا نصر بن علي الجهضمي حدثنا الهيثم بن الربيع حدثنا صالح المري عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن ابن عباس قال قال رجل يا رسول الله أي العمل أحب إلى الله قال الحال المرتحل قال وما الحال المرتحل قال الذي يضرب من أول القرآن إلى آخره كلما حل ارتحل قال أبو عيسى هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث ابن عباس إلا من هذا الوجه وإسناده ليس بالقوي حدثنا محمد بن بشار حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا صالح المري عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه بمعناه ولم يذكر فيه عن ابن عباس قال أبو عيسى وهذا عندي أصح من حديث نصر بن علي عن الهيثم بن الربيع

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( أخبرنا الهيثم بن الربيع ) العقيلي أبو المثنى البصري أو الواسطي ضعيف من السابعة .

                                                                                                          قوله : ( الحال المرتحل ) قال الجزري في النهاية هو الذي يختم القرآن بتلاوته ثم يفتتح التلاوة من أوله شبهه بالمسافر يبلغ المنزل فيحل فيه ، ثم يفتتح سيره أي يبتدئه وكذلك قراء مكة إذا ختموا القرآن ابتدءوا وقرءوا الفاتحة وخمس آيات من أول البقرة إلى وأولئك هم المفلحون ثم يقطعون القراءة ويسمون فاعل ذلك الحال المرتحل ، أي ختم القرآن ، وابتدأ بأوله ولم يفصل بينهما بزمان ، وقيل أراد بالحال المرتحل الغازي الذي لا يقفل من غزو إلا عقبه بآخر . انتهى .

                                                                                                          وقال ابن القيم في الإعلام " ص 289 ج 2 " بعد ذكر هذا الحديث ما لفظه : فهم من هذا بعضهم أنه إذا فرغ من ختم القرآن قرأ فاتحة الكتاب وثلاث آيات من سورة البقرة لأنه حل بالفراغ وارتحل بالشروع ، وهذا لم يفعله أحد من الصحابة ولا التابعين ولا استحبه أحد من الأئمة ، والمراد بالحديث الذي كلما حل من غزاة ارتحل في أخرى ، أو كلما حل من عمل ارتحل إلى غيره تكملا له كما كمل الأول ، وأما هذا الذي يفعله بعض القراء فليس مراد الحديث قطعا وبالله التوفيق . وقد جاء تفسير الحديث متصلا به أن ( يضرب من أول القرآن إلى آخره كلما حل ارتحل ) وهذا له معنيان : أحدهما أنه كلما حل من سورة أو جزء ارتحل في غيره والثاني أنه كلما حل من ختمة ارتحل في أخرى . انتهى .

                                                                                                          [ ص: 221 ] قلت : قد وقع في بعض نسخ الترمذي التفسير الذي أشار إليه ابن القيم متصلا بهذا الحديث بلفظ ، قال : وما الحال المرتحل ؟ قال ( الذي يضرب من أول القرآن إلى آخره ، كلما حل ارتحل ) وحديث ابن عباس هذا رواه محمد بن نصر في قيام الليل بلفظ : قام رجل إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال يا رسول الله أي العمل أفضل ، أو قال : أي العمل أحب إلى الله ؟ قال : ( الحال المرتحل ) قال يا رسول الله ، وما الحال المرتحل؟ قال " فتح القرآن وختمه من أوله إلى آخره ومن آخره إلى أوله كلما حل ارتحل ، قال بعض العلماء : المقصود من الحديث السير دائما لا يفتر كما يشعر به كلمة من أوله إلى آخره ، ومن آخره إلى أوله ، فقارئ خمس آيات ونحوها عند الختم لم يحصل تلك الفضيلة ، وليس المراد الارتحال لفور الحلول ، فالمسافر السائر لا بد أن ينزل فيقيم ليلة أو بعض ليلة أو بعض يوم أو يعرس . انتهى .

                                                                                                          قلت : الأمر عندي كما قال والله تعالى أعلم .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث غريب إلخ ) وأخرجه محمد بن نصر في قيام الليل كما عرفت ، وفي سندهما صالح المري وهو ضعيف .

                                                                                                          قوله : ( حدثنا مسلم بن إبراهيم ) هو الأزدي ( وهذا عندي أصح ) أي حديث مسلم بن إبراهيم عن صالح المري مرسلا أصح من حديث الهيثم بن الربيع عن صالح المري متصلا لأن مسلم بن إبراهيم ثقة مأمون والهيثم بن الربيع ضعيف ، ولكن لم يتفرد الهيثم بروايته متصلا ، بل تابعه على ذلك إبراهيم بن الفضل بن أبي سويد في رواية ابن نصر المذكورة .




                                                                                                          الخدمات العلمية