الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          2643 حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو أحمد حدثنا سفيان عن أبي إسحق عن عمرو بن ميمون عن معاذ بن جبل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتدري ما حق الله على العباد قلت الله ورسوله أعلم قال فإن حقه عليهم أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا قال أتدري ما حقهم عليه إذا فعلوا ذلك قلت الله ورسوله أعلم قال أن لا يعذبهم هذا حديث حسن صحيح وقد روي من غير وجه عن معاذ بن جبل

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( أخبرنا أبو أحمد ) الزبيري ( عن أبي إسحاق ) هو السبيعي ( عن عمرو بن ميمون ) الأودي الكوفي .

                                                                                                          قوله : ( أتدري ) أي أتعرف ( ما حق الله على العباد ) الحق كل موجود متحقق أو ما سيوجد لا محالة ويقال للكلام الصدق حق ؛ لأن وقوعه متحقق لا تردد فيه وكذا الحق المستحق [ ص: 336 ] على الغير إذا كان لا تردد فيه ، والمراد هنا ما يستحقه الله على عباده مما جعله محتما عليهم قاله ابن التيمي في التحرير . وقال القرطبي : حق الله على العباد هو ما وعدهم به من الثواب وألزمهم إياه بخطابه ( أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ) المراد بالعبادة عمل الطاعات واجتناب المعاصي ، وعطف عليها عدم الشرك لأنه تمام التوحيد ، والحكمة في عطفه على العبادة ، أن بعض الكفرة كانوا يدعون أنهم يعبدون الله ولكنهم كانوا يعبدون آلهة أخرى فاشترط نفي ذلك ، والجملة حالية والتقدير يعبدونه في حال عدم الإشراك به قال ابن حبان : عبادة الله إقرار باللسان وتصديق بالقلب وعمل بالجوارح ، ولهذا قال في الجواب : فما حق العباد إذا فعلوا ذلك : فعبر بالفعل ولم يعبر بالقول ( أن لا يعذبهم ) وفي رواية للبخاري : حق العباد على الله أن لا يعذبهم . قال القرطبي : حق العباد على الله ما وعدهم به من الثواب والجزاء ، فحق ذلك ووجب بحكم وعده الصدق وقوله الحق الذي لا يجوز عليه الكذب في الخبر ولا الخلف في الوعد ، فالله سبحانه وتعالى لا يجب عليه شيء بحكم الأمر إذ لا آمر فوقه ، ولا حكم للعقل ؛ لأنه كاشف لا موجب انتهى . قال الحافظ : : وتمسك بعض المعتزلة بظاهره ولا متمسك لهم فيه مع قيام الاحتمال . قال : وقد تقدم في العلم عدة أجوبة غير هذه ، ومنها : أن المراد بالحق هاهنا المتحقق الثابت أو الجدير ; لأن إحسان الرب لمن لا يتخذ ربا سواه جدير في الحكمة أن لا يعذبه ، أو المراد أنه كالواجب في تحققه وتأكده أو ذكر على سبيل المقابلة .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان وأبو داود والنسائي .




                                                                                                          الخدمات العلمية