الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          1534 حدثنا هناد حدثنا عبدة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدرك عمر وهو في ركب وهو يحلف بأبيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ليحلف حالف بالله أو ليسكت قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( أدرك عمر وهو في ركب ) وفي رواية البخاري وهو يسير في ركب . وفي مسند يعقوب بن شيبة من طريق ابن عباس عن عمر : بينما أنا راكب أسير في غزاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وهو يحلف بأبيه ) زاد في رواية : وكانت قريش تحلف بآبائها ( ليحلف حالف بالله أو ليسكت ) في هذا الحديث من الفوائد الزجر عن الحلف بغير الله ، وإنما خص في حديث عمر بالآباء لوروده على سببه المذكور ، أو خص لكونه كان غالبا عليه لقوله في الرواية الأخرى : وكانت قريش تحلف بآبائها ، ويدل على التعميم قوله : من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله .

                                                                                                          وأما ما ورد في القرآن من القسم بغير الله ففيه جوابان : [ ص: 113 ] أحدهما : أن فيه حذفا ، والتقدير ورب الشمس ونحوه .

                                                                                                          الثاني : أن ذلك يختص بالله ، فإذا أراد تعظيم شيء من مخلوقاته أقسم به وليس لغيره ذلك .

                                                                                                          وأما ما وقع مما يخالف ذلك كقوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي : أفلح وأبيه إن صدق ، فأجيب عنه بأن ذلك كان قبل النهي أو بأنها كلمة جارية على اللسان لا يقصد بها الحلف كما جرى على لسانهم عقرى حلقى وما أشبه ذلك ، أو فيه إضمار اسم الرب كأنه قال : ورب أبيه ، وقيل هو خاص ويحتاج إلى دليل . وحكى السهيلي عن بعض مشايخه أنه قال : هو تصحيف وإنما كان والله قصرت اللامان ، واستنكر القرطبي هذا وقال : إنه يجزم الثقة بالروايات الصحيحة ، وأقوى الأجوبة الأولان ، قاله الحافظ في الفتح ، وقد بسط الكلام فيه . وأحاديث الباب تدل على أن الحلف بغير الله لا ينعقد لأن النهي يدل على فساد المنهي عنه ، وإليه ذهب الجمهور وقال بعض الحنابلة : إن الحلف بنبينا صلى الله عليه وسلم ينعقد وتجب الكفارة .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان .




                                                                                                          الخدمات العلمية