الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          1155 حدثنا هناد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت كان زوج بريرة حرا فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو عيسى حديث عائشة حديث حسن صحيح هكذا روى هشام عن أبيه عن عائشة قالت كان زوج بريرة عبدا وروى عكرمة عن ابن عباس قال رأيت زوج بريرة وكان عبدا يقال له مغيث وهكذا روي عن ابن عمر والعمل على هذا عند بعض أهل العلم وقالوا إذا كانت الأمة تحت الحر فأعتقت فلا خيار لها وإنما يكون لها الخيار إذا أعتقت وكانت تحت عبد وهو قول الشافعي وأحمد وإسحق وروى الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت كان زوج بريرة حرا فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى أبو عوانة هذا الحديث عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة في قصة بريرة قال الأسود وكان زوجها حرا والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من التابعين ومن بعدهم وهو قول سفيان الثوري وأهل الكوفة

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( عن الأسود عن عائشة قالت كان زوج بريرة حرا ) استدل به من قال : إن زوج بريرة كان حرا قال البخاري في صحيحه : قول الأسود منقطع ، ثم عائشة عمة القاسم وخالة عروة ، فروايتهما عنها أولى من رواية أجنبي يسمع من وراء حجاب ، كذا في المنتقى . قوله : ( حديث عائشة حديث حسن صحيح ) أراد بحديث عائشة حديثها الذي رواه أولا من طريق هشام بن عروة عن أبيه عنها ، وأخرجه مسلم ، وغيره كما عرفت ، وأما حديثها الذي رواه ثانيا عن طريق الأسود عن عائشة فأخرجه الخمسة كما في المنتقى . ( وروي عن عكرمة عن ابن عباس قال : رأيت زوج بريرة ، وكان عبدا يقال له [ ص: 267 ] مغيث ) . أخرجه البخاري ( وهكذا روي عن ابن عمر ) أخرجه الدارقطني ، والبيهقي قال : كان زوج بريرة عبدا ، وفي إسناده ابن أبي ليلى ، وهو ضعيف . قلت : وهكذا روي عن صفية بنت أبي عبيد أن زوج بريرة كان عبدا . أخرجه النسائي ، والبيهقي بإسناد صحيح ، قال الشوكاني في النيل بعد ذكر عدة أحاديث الباب : والحاصل أنه قد ثبت من طريق ابن عباس ، وابن عمر وصفية بنت أبي عبيد أنه كان عبدا ، ولم يرو عنهم ما يخالف ذلك ، وثبت عن عائشة من طريق القاسم وعروة أنه كان عبدا ، ومن طريق الأسود أنه كان حرا ورواية اثنين أرجح من رواية واحد على فرض صحة الجميع . فكيف إذا كانت رواية الواحد معلولة بالانقطاع كما قال البخاري ( والعمل على هذا عند بعض أهل العلم وقالوا إذا كانت الأمة تحت الحر فأعتقت فلا خيار لها إلخ ) وهو مذهب مالك ، والشافعي ، وأحمد وإسحاق والجمهور ، وهو الأقوى دليلا ( وروى أبو عوانة هذا الحديث عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة في قصة بريرة قال الأسود : وكان زوجها حرا ) قال الحافظ في الفتح بعد ذكر روايات عديدة من طريق إبراهيم عن الأسود عن عائشة وغيرها ما لفظه : فدلت الروايات المفصلة التي قدمتها آنفا على أنه مدرج من قول الأسود ، أو من دونه يعني : قوله " وكان زوجها حرا فيكون من أمثلة ما أدرج في أول الخبر ، وهو نادر ، فإن الأكثر أن يكون في آخره ودونه أن يقع في وسطه ، وعلى تقدير أن يكون موصولا فيرجح رواية من قال : كان عبدا بالكثرة ، وأيضا فآل المرء أعرف بحديثه فإن القاسم ابن أخي عائشة وعروة ابن أختها وتابعهما غيرهما ؛ فروايتهما أولى من رواية الأسود فإنهما أقعد بعائشة وأعلم بحديثها ، والله أعلم ، ويترجح أيضا بأن عائشة كانت تذهب إلى أن الأمة إذا أعتقت تحت الحر لا خيار لها ، وهذا بخلاف ما روى العراقيون عنها . فكان يلزم على أصل مذهبهم أن يأخذوا بقولها ويدعوا ما روي عنها ، لاسيما ، وقد اختلف عنها فيه . انتهى . ( وهو قول سفيان الثوري وأهل الكوفة ) وهو قول أبي حنيفة وأصحابه [ ص: 268 ] واستدلوا بحديث عائشة من طريق إبراهيم عن الأسود عنها قالت : كان زوج بريرة حرا ، وقد عرفت ما فيه .




                                                                                                          الخدمات العلمية